باتة بنت البراء
(التاسفره) ذلك الجراب الجلدي المزين بالزخارف والألوان، يشكل بالنسبة للصغار عالما من المفاجآت المفرحة يملأها الخيال الخصب بكل ما هو لذيذ وجميل.
فكثيرا ما يُخرج منها الكبار ثيابا للأطفال أيام العيد، وكثيرا ما يفتحها الجد ليوزع قطع السكر وحفنات التمر على الأحفاد، إنها عالم من التوقعات والرغبات يحفز ذهن الصغار ويدفعهم إلى القيام بكل ما يوكل إليهم من مهام غير آبهين بتعذره وصعوبته، فرؤيتهم القفل العتيد (بُو خَرْطَه) يفتح بالمفتاح اليتيم الذي يكون في عهدة الكبار يشكل فرحة لا تعادلها أي فرحة، حيث تشرئب العيون وتتطاول الأعناق لرؤية المحتويات.
ببكربن احجاب (اكاه) صاحب الأنظام المعروفة، كانت له تاسفره تحوي كل ما يروق للأطفال؛ وذات مساء خرج على عادته يتمشى قرب الحي فوقف على مرابع شيخه محمد فال بن باب العلوي (اباه) وانثالت الذكريات تحمل عبق أيام الجيرة حين كان الوصل دانيا ، والمجالس عامرة بالعلم والأذكار، والأحاديث عن الرسول الأكرم، فحمله الشوق على محمله الجاد فقال:
يَـا رَبِّ عَـجَّـلْ مَـلْـگََـــايَ @@ لِلِّي مِــنْ فِـگْــدُو نِــتَّــاوگْ @
فِـادْيَــارْ أَفَــرْدْ الصَّبْطَايَه @@ وِادْيَــارَاتْ أَجَغْــدْ الـزَّاوِگْ@
ورجع إلى الخباء فوجد الحفدة ينتظرونه ليمسح على رؤوسهم بالأدعية المسائية، ويفتح التاسفره ليوزع عليهم حفنات التمر والسكر، فقال لهم :
اليوم سأعطي مفتاح التاسفره لمن طلَّع لي هذا الگَافْ واستعرضه أمامهم.
فاقترب منه حفيده محمذنِ بن سيدي (مَنَّ) وقال: لقد طلعته يا جدي!
فقال الجد أسمعني ما قلتَ يا ولدي.
فقال منّ:
وَكْـتِــــنْ عَـيْـنِـيَّ مَـا تَـــرْگَ @@ منْ فِگْــدْ إِلِّي مَــالُو مَـلْگَه @
وِاشْرِگْ گَـلْـبِي مِـنُّـو شَـرْگَه @@ تَـمِّـتْ بِاللَّـيْـعَه تِـــصَّــاوِگْ@
فِاغْـرَامْ الْگَـلْـبْ إِلَـيْــنْ ابْگَ@@ گَـلْـبِي مِنْ لَسْغَـامْ اشْرَاوِگْ@
يَـا رَبِّ عَـجَّــــلْ مَــلْــگَـايَ @@ لِلِّي مِــنْ فِگْــدُو نِــتَّـــاوگْ @
فِادْيَــارْ أَفَــرْدْ الصَّـبْـطَـــايَه@@ وِادْيَـــارَاتْ أَجَـغْــدْ الزَّاوِگْ@
فرمى إليه اكَّاهْ المفتاح.