الكاتب المحسن بن هنية: موسوعة «سير وتراجم روائيي المغرب الكبير» رفع للغبن وإنصاف للرواية المغاربية

أربعاء, 08/29/2018 - 02:09

منجز أدبي جديد يضاف للسجل الأدبي الروائي التونسي المحسن بن هنية الذي صدر له ما يقارب 13 إصدارا يجمع بين الرواية والمجموعة القصصية والدراسات النقدية وغيرها من الأجناس الأدبية الأخرى، ويتمثل هذا الإصدار الجديد في موسوعة أو ببليوغرافيا للروائيين المغاربيين تحت عنوان “سير وتراجم المغربي الكبير” وثّق فيها سير ومآثر أكثر من ثلاثمائة من كتاب الرواية من بلدان المغربي العربي الكبير باللسانين العربي والفرنسي منذ بداية القرن العشرين إلى العشرية الأولى من القرن الحالي. ليقدمه بطريقة أدبية مختلفة عما هو متعارف عليه في مثل هذا المجال العلمي. 

المحسن بن هنية تحدث لـ”الصباح” عن هذا الإصدار وموقف الأكاديميين من تمرده على المنهج الذي اعتمده باعتبار أن الدكتور محمود طرشونة هو من حقق كتابه إضافة إلى الدكاترة صلاح الدين بوجاه وبوراوي عجينة ووبوشوشة بن جمعة الذي قدم له. كما تطرق لمشغله اليوم وهو مشروعه الأدبي الذي يعد مواصلة للخط التوثيقي الذي بدأه، وفسر سبب عدم إدراج الروائي شكري المبخوت ضمن قائمة هذه الموسوعة وكشف عن حقيقة دوره في تجربته غبنته السينمائية كوثر بن هنية وغيرها من المسائل الأخرى نتابع تفاصيلها في الحوار التالي: 

◗ حاورته: نزيهة الغضباني 

بعد تجارب في الرواية والأقصوصة اخترت المنحى التوثيقي في موسوعة «سير وتراجم روائيي المغرب الكبير»، ولكن قدمتها بطريقة تقطع مع المنهج الأكاديمي العلمي المعمول به في المجال، هل تعني أنك أعلنت «الثورة»؟

-أعترف أني أروم الخروج عن النسقية والقطع مع الرتابة والنمطية حتى وإن كان ذلك ضمن أساليب الأدب مجال اهتمامي، ولكن جاء هذا المشروع بعد مبادرة قمت بها منذ سنوات تهدف إلى جمع شمل الروائيين ببلدان المغرب العربي في محاولة لكسر الحواجز السياسية بين المبدعين في هذا المجال سواء من خلال تنظيم ملتقى أيام الرواية المغاربية أو إصدار سلسلة «ورقات مغاربية» وتعنى بتسليط الضوء في كل مرة على تجربة مغاربي ولكن المبادرة توقفت بعد أربع اصدارات لأنها كانت تكرس الحواجز والتفريق وهو ما كنت أمجه وأحرص على كسره. فكان أن ولد مشروع الببليوغرافيا الروائية من هذه المبادرة.  وكنت على يقين ودراية بخصوصية مثل هذه المباحث العلمية ولكني توخيت طريقة يمكن اعتبارها «ثورة» ولكن كانت منهج وجد رفضا ومقاومة في البداية من الأكاديميين الذين كنت على تواصل وتشاور معهم في هذا العمل ولكن اقتنعوا في النهاية بوجهة نظري المتمثلة في اعتماد الفهرسة حسب تاريخ الميلاد وليس حسب الترتيب الألفبائي المعمول به. 

لماذا اخترت ذلك؟

-دافعت عن أسلوبي هذا في الترتيب خاصة اعتمدت في الكتابة أسلوبا ابداعيا توثيقيا بطريقة فنية إبداعية تعتمد على لذة النص على طريقة رولان بارت. لأني أسعى لتكريس التأسيس من خلال هذا التأليف الذي هو عبارة عن رفع للغبن وإنصاف للرواية العربية باللسانين الفرنسي والعربي. 

كيف نأيت بكتابك هذا عن التصنيف ضمن الإصدارات التاريخية باعتباره توثيقيا؟

-مثلما أسلفت الذكر، تعاطيت إبداعيا مع المادة التي جمّعتها من سير الروائيين المغاربة من الجنسين بطريقة لا تخلو من التوثيق. 

ما هي مراجعك في هذه الموسوعة؟

مراجعي أغلبها مباشرة عبر الاتصال المباشر مع المعنيين بالأمر من الأحياء حاليا، أو عبر مصادر مختلفة منها ما صدر بملاحق جريدة «الصباح» ومجلة الفكر سابقا. وقد حاولا إنصاف الرواية المغاربية نظرا لما تسجله من قامات متميزة ولكن التقسيم الحدودي حرمها من الانتشار إقليميا ودوليا. على غرار الجزائرية آسيا الجبار والمغربية خناتة بنونة ومختار السالم في موريتانيا وصالح السنوسي في بنغازي بليبيا فضلا عن الروائيين التونسيين.

ولكن المتصفح للفهرس الموسوعة بأجزائها الأربعة يلاحظ غياب بعض الأسماء الرائدة في عالم الرواية العربية اليوم أهمها الدكتور شكري المبخوت، فما هو تفسيرك لذلك؟

الموسوعة تضمنت الروائيين المغاربة الذين برزوا بإبداعاتهم من سنة 1910 إلى غاية 2012 تقريبا. وفي ذلك التاريخ لم يدخل شكري المبخوت بعد على خط  الروائيين بالشكل الذي هو عليه اليوم ولا أنكر أن كل عمل يمكن أن يكون منقوصا، ثم أنه حاضر في التراجم. 

ما هي مقاييس اختار «روائيي موسوعتك»؟ 

أنا لست ناقدا لأهتم واختار وفق القيمة وإنما اخترت الأسماء الرائجة التي أثرت الساحة بإبداعاتها في المجال.

 قلت إن هذا العمل هو جزء من مشروع متكامل ماذا تعني بذلك؟

في الحقيقة لقد اتفقت مع الدكاترة والجامعيين الذين أرجع لهم بالنظر والمشورة في كتاباتي ممن ذكرتهم سالفا، ليكون الاتجاه نحو مواصلة هذا المشروع الببليوغرافي للرواية العربية ما دمت حيا. فقسمت الروائيين العرب إلى اربعة أقسام وبعد ان أنجزت الجزء الأول المتعلق بالروائيين المغاربيين أنا الآن بصدد جمع مادة بقية الأجزاء الثلاثة المتبقية ويشمل الثاني حوض النيل بمصر والسودان والصومال وما لف لفهم. والثالث الروائيين بدول الخليج العربي والرابع يعنى بروائيي ما بين النهرين والشام. 

في حديثك كثيرا ما تستشهد بأمثلة أو مقاربات فنية للسينمائية كوثر بن هنية فهل يعني ذلك أنك «حاضر» في مشاريعها السينمائية؟

-أعترف أن هناك تقاربا في توجهنا ومنهجنا في الفكر والعمل رغم اختلاف عوالمنا، ولكن نتقاطع في الانطلاق من الواقع والتاريخ بنفس توثيقي ليكون لكل واحد فينا بصمته الابداعية وأسلوبه على طريقته. وهي طريقة ميزت أفلامها وأعتقد أنها تميز كتاباتي أيضا.

 

المصدر: صحيفة "الصباح" التونسية