حمود ولد سليمان
” غيم الصحراء “
لهذا النخيل صفات المحب علي الشرفات التي لم تعد
تتذكر صوتي
لهذا النخيل صفاتي
صفات المحب تنادي النخيل الذي قد بقي هناك
صفات المحب تري المعجزات الغريقة
ترمق وجهي
وتنظر مثلي الزمان الذي يتطاير حولي
وتبكي معي
وصفات المحب تسافح ظلي /
بدي ولد أبنو المرابطي /قصيدة الزمن والدم / ص 18
1/
في الثمانينات تدفقت الينابيع .عذبة رقراقة تسقي مواكب الأجيال . قامت في الشعر ثورة بعثت أصواتا جديدة .تحمل هم الشعب والشعر وتراهن عليهما في كل إنجازوتغيير .وتؤمن بهما إيمانا مطلقا رافعة الشعار .البيان /الصوت/ الذي صاغه الشاعر محمد ولدعبدي :
هو الشعب أرض
هي الأرض شعب
هما الشعر/ (1)
اختطت هذه الأصوات لنفسها مسارات جديدة في الكتابة سعيا لإكتشاف العالم فشكلت بذالك حركة ثقافية وإن كانت تتبدي
في ظواعر فردية فقد كانت تنتظمها روح جماعية . تكابد التاريخ جاهدة في سبيل أن يكون لها صوت ووجود. رافدة القصيدة بحساسية شعرية ورؤية للعالم جديدة .مختلفة كل الإختلاف عن الأطر والأنماط التي كانت سائدة . يحركها ويؤججها وعي جذري بأن المثقف الحقيقي هو المثقف العضوي الذي تحدث عنه غرامشي .الذي يقود مجتمعه في أحلك الظروف .إلي بر الأمان .والذي ينتقد ويبني ويؤسس ويضحي من أجل الأفضل .والأجمل والأكمل. لذالك سعت جاهدة لإحياء الساحة الثقافية وإن كانت امكانياتها محدودة آنذاك .فقد عملت علي تقديم ومساءلة المشهد الثقافي والأدبي في ظل غياب صحافة أدبية عبر جريدة الشعب والإذاعة .وتنظيم المحاضرات والنشاطات الثقافية من قبل جمعياتها وأنديتها الأدبية وخاصة جمعية غرناطة
وقد هاجرت بعض هذه الأصوات / الطيور وظلت تغني للوطن .علي أجنح كل غيمة راحلة نحو البعيد .. وكان حظ بعضها قليلا من هواء الأرض / الوطن .وفعلت به الأقدار والمنافي أفاعيلهما .والبعض أنحسر وتواري وتراجع أمام شرطية الحياة القاسية والبعض ضاع في المتاهات والبعض غيبه السلطان الحاكم بأمره .في غيابات السجون وفي جوف الأرض
2/
بدي ولد أبنو (المرابطي ) شاعر له بصمة متميزة في شعرنا الموريتاني الحديث ويعتبر مع الشعراء المتخرجين من كلية الآداب جامعة نواكشوط .المرحوم محمد ولد عبدي ومحمد ولد الطالب وأبوشجة . جيل الحداثة الشعرية /الذي تزامنت محاولاته في فترة واحدة تقريبا . هذا التصنيف المختزل لتقريب الصورة الأدبية في تاريخها وبيان حركيتها في مسارها العام وليس شيئا آخر .لاندعي أن الشعراء المذكورين هم وحدهم من يعود لهم الفضل في “حداثة الشعر ” في مستوي معين نصطلح عليه /مابعد القصيدة العمودية /وصولا إلي القصيدة الحرة /..ووصولا لما يصل بعد إلي القصيدة النثرية التي لاتزال تتشكل وتسعي لأن تكون .لتخرج للعالم . هذا في الشكل دون الروح .دون أن نغفل عن مساهماتهم في التشكيل والرؤية والمضامين. والخطاب والفلسفة . وهذا ما نعنيه بالحداثة .
وإن كان هنالك جيل من الشعراء قبل هؤلاء ومعاصرين لهم
قد ساهموا في تجديد الشعر ورفد الكتابة الأدبية بأطر معرفية وقوالب فنية جديدة .من هؤلاء بل في طليعتهم شاعر موريتانيا الكبير الأستاذ أحمدو ولد عبد القادر والمرحوم كابر هاشم والأستاذ الخليل النحوي ومتنبي موريتانيا /ناجي محمد الإمام والشاعرة الدكتورة باتة /مباركة بنت البراء .وغيرهم .
3/في أودية العطش / عرفت بدي ولد أبنو “وجها تخثر بين النخيل ووجها تناثر خلف الرحيل ” (2) صوتا صاغه وجع الأرض وعذابات الأهل وحنين المنفي الذي يلهج قلبه بحب أم الرحارح .يومها كتبت سطورا في روايته” أودية العطش/الصادرة عن عرفان .المغرب .2012/ (ضاع مني فيما ضاع وزخمته السنون )تحت عنوان نشيد المقموع في أودية العطش / وخلال السطور القليلة التي كتبتها آنذاك قلت إن الرواية تفضح
الديكتاتوريات والحكام المستبدين الذين خلقوا لمجتمعاتهم حالة من أعقد ظواهر التاريخ .التي يستحيل تفسيرها والتي وصفها واسيني الأعرج” بالجملكية العربية ” أي “الجمهورية الملكية العربية ” في روايته التي كتبها بعد ثورات الربيع العربي وما رافقها من تحولات .
4/ بدي ولد أبنو المرابطي
له في الشعر والنثر القصيدة
وله في القصيدة / الصحراء ….
وله في الصحراء /سيرة التبدد
.أن يظل يجوب حزنه / حزنها وهناءه / هناءها / ونعيمه / نعيمها / .
منذ البدء .مذ حمل اسمه بدي. من بادية قصية تبدت له القصيدة _/بادية قصية .أبجدية بدوية ضالعة بالهجرات .
شاعر مجبول علي الأحلام مطبوع بالفصاحة وما الشعر إلا الأحلام والفصاحة.
في “أسفار العشق والموت ” ترتيلة البدء و النهاء
يتعانق العشق المطلق/ عشق الأرض / الحياة / الحلم ./الشعر
بالحنين والذكري والإغتراب والوحدة .. وتتفجر روافد الألم ومثل الأنهار تهفو كلها إلي البحر المنسي / الذات /
تبغي الخروج من شرنقة /الألم /المنفي إلي شنقطة / الشوق والحب / .في كل الأزمنة والأمكنة والقصيدة يجوب الشاعر قلقه الوجودي بحثا في ذاته عن ذاته .منذ فتح عيناه علي أوساع الصحراء /القصيدة والقصيدة /الصحراء .
في فاتحة العشق والهجرة الأولي .يخرج من أم الرحارح إلي أم الرحارح . من جرح الوقت /في غصص المساء
” حيث تكون الأشياء بكاء مطلق ” بتعبير مظفر النواب .
يمشي المشاء :
وأمشي أمامي رحيل وراء
ويمضغني الرمل في ذكريات الشقاء
والتحف الشوق حين تحلجت شعبا
وحين امتطاني المساء
و”أم الرحارح ” في القصر تقرأسفر اللواء
وصدر علي الصدر يصلب
حين يموت الضياء
وحين أسافر والبحر
حين أفتش عن نجمة قد تطاول فيها الغياب
وأعلن عن عرسها في مساء المساء” (3)
ويمشي بدي عن كل دار وفي كل ممشي عابرا الظلال
“وأمشي أمامي رحيل وراء ” وفي اختلاط الأزمنة والأمكنة
.يمشي أسير حيرة . .في زمن مستدير / في البرازخ . يشد الذات نحو نحو وعيها في حدة وعي وجودي :
“من الوحل الأرض إلي الوحل الرحل “(4)
من المبني إلي المعني
من المنأي إلي المنأي
في /رسالة الدموع /الهجائية /الصلاة الوسطي من صلوات المنفي الباريسي /في آهاته الإنسية والجنية لألوان البر والبحر
ونشيد الهزيع / الهجائية /الصلاة الأخري من صلوات المنفي الباريسي /في آهاته الإنسية والجنية لألوان البروالبحر
ومزامير الوجع / الهجائية /الصلاة الدنيا من صلوات المنفي الباريسي في آهاته الإنسية والجنية لألوان البروالبحر .
وفي المنفي الباريسي ./ليل باريس /باضوائه ومغرياته الكثيرة يصبح موحشا . وقاسيا .لدي نازح الأوطان .كما صوره الشيخ محمد محمود ولد التلاميد رحمه الله يوم قذفته صروف النوي وأخذه الشوق والحنين في ليلة باريسية /إلي طيبة الطاهرة .إلي دار المصطفي صلي الله عليه وسلم وعلي آله وصحبه الطيبين الطاهرين إلي يوم الدين .
ما لـيلُ صُولٍ ولا لـيلُ الـتَّمــــــامِ معا
كلَيْلِ بـاريسَ أو لَيْلـــــــــــــي بأندلسِ
لـم أدْرِ أيّهـمـا أقـوى مُحـافــــــــــظةً
عـلى الظلام وحَجْبِ الصُّبْحِ بـالـــــــــحَرَس
أهل سمعتـمُ بـلـيلٍ لا صـبــــــــــاحَ له
أمْ بـالنهـارِ الـبـهـيـمِ الـدائمِ الـدَّنَس؟
يـا لـيلُ صرْتَ ظلامًا لا نجـومَ بـــــــــه
ولا بُدورَ ولا فقـــــــــــــــدانَ للغبس
يـا لـيلَ طِيْبةَ مـا أشهـاكَ عــــــــند جَوٍ
يعتـادُ مـنكَ الصـبــــــــاحَ الطَّيبَ النفس
في صلواته في المنفي الباريسي
يبدو الشاعرجريحا. يشكو تباريح الشوق والألم ووجع الوحدة وترتسم في شعره وحشة الليل وقساوته وبرودته في المنفي فتتبدي معاناته في آلام الكتابة الموجعة عن المنفي وخيالات الوطن البعيد الذي تركه يوم رحيله مهاجرا إلي أوربا في الثمانينات وهي الفترة التي شهدت هجرات الكثير من أبناء البلدالذين ضاقت بهم الأرض بما رحبت .ورحلوا باحثين عن الفردوس المفقود .في ظل تفشي البطالة في أوساط الشباب .
كانت الخيبة تضاعف إحساس هؤلاء وتعصف بثقتهم في الطبقة السياسية الحاكمة . فتولدت لديهم نقمة عليهم .
كان علي جيل الثمانينات المترع بالأحلام والذي وجد نفسه يرتطم بواقع قبلي /يلبس شعارات ايديولوجيه فارغة ويتحكم فيه العسكر وتسوده المحسوبية والقبلية والجهوية والأمية وسلطة الحزب الواحد .كان علي هذا الجيل أن يتجرع المرارة في ظل دولة تعيش بعد الإستقلال / العقد الثاني من السيبة .
.5/
ظلال الإغتراب وحزن المنفي وألم الكتابة فيه وعنه والحنين إلي الأرض وخيالات الزمن الأول والمكان الأول
كل ذالك رافق قافلة بدي في ليل هذا العالم .ويبدو ثمة حزنا كبيرا يتسيد المشهد . ولايريد أن يهمش تاريخه ويصر علي أن يظل صوته عاليا كأنه يريد محاكمة التاربخ علي ما اقترفه وعتاب الأرض والأهل. وما ذالك إلا نتجة للإحساس بقساوة المنفي ذالك أن المنفي حالة معقدة من انفصال /الذات عن الزمان والمكان والذاكرة والوجود إنه يخلق حالة نفسية وجودية
تجعل الإنسان يشعر بأنه (منبوذا إلي الأبد محروما علي الدوام
من الإحساس بأنه في وطنه.فهو يعيش في بئة غريبة لايعزيه شيء فيها عن فقدان الماضي ولايقلل ما يشعر به من مرارة إزاء الحاضر ) (5)وبالتالي يتموقع (في منطقة وسطي فلاهو يمثل تواؤوما كاملا مع المكان الجديد ولاهو تحرر تماما من القديم.فهو محاط بأنصاف مشاركة وأنصاف انفصال ويمثل علي مستوي معين ذالك الحنين إلي الوطن وما يرتبط به من مشاعر ) (6)
قصيدة بدي ولد أبنو المرابطي تعبر بصدق عن هذه الحالة / عن
احزان المنفي وانشطار الذات وفق وجودين وفي قلق الوجود .وأحيانا تبدو وكأنها تجتر الحزن وربما يعود السبب إلي أن الشاعر قد امتلأ ووعيا منه اودون وعي يريد أن يوزع هذا الحزن علي أرضه . غسلا لها وتطهيرا لروحه وصقلا لها .ولهذا المعطي ربما كان ذالك السبب في جعله لعتبات نصه في دواوينه الثلاثة تفضح الحزن وتبوح به وتصطفيه وتجعله صلاة /مقدسا /طقسا مشهودا /تبتلا /في معتكف الشاعر /منتبذه / منفاه الباريسي في الصلاة الوسطي / والأخرى / والدنيا/ في مراقي المنفي الباريسي /في آهاته الإنسية والجنية / لألوان البر والبحر .لآلامه في أرضه التي رحل عنها وفي منفاه.وهو بذالك يؤسس للون جديد في الأدب الموريتاني هو أدب المنفي .ويبتدع نوعا من الكتابة جديدا علي القصيدة الموريتانية .
لهذا النخيل صفات المحب الذي لم ير البحر
منذ استبد الرحيل …
أ” يوسف “أعرض !
ولم يك أعرض.
“يوسف “أعرض فقد عقروا الناقة !
لم يك “يوسف “أعرض.
إن الهوي قدر…
هنا في الأقاصي،
وفي الأزمنة -التيه
لم يعد الفستق لي ،
ولم يعد النخل لي،
ولم يعد الشاي يجمع جمعا
ولا الذكريات الجميلة
لم يبق غيرالرحيل
ولم يبق بعد الرحيل سواه
وفي الأرض منأي…
وفيها علي طرقات الظلال الكسيرة نغم الحياري
فلم يرنا الفجر إلا سرابا تتالت عليه ،
علينا مرايا المتاهة حين تصافحها في التناغم ألسنة السر،تسأل عن محن قد تطاول فيها عجاب السنين .”(7)
في هذه القصيدة يجوب بدي تاريخ الصحراء /الأرض . تاريخ الحزن والخيبات والأحلام القتيلة في هجائية أخري للأبناء الذين
لم يصونوا مجد أسلافهم .
قصيدة بدي ولد أبنو لاتساوم في حب الحياة الكريمة ولا تتواطأ مع من باعوا الوطن /المستبدين والجلادين .وتؤمن
أنه لابد أن تنتصر إرادة الحياة . مثلما رأي شكسبير المعادلة في جوهرها أن نكون أولانكون وأن تلك هي القضية فإن بدي يري “أن الهضاب تكون .”
وكيف لاتكون ..وفيها هضبة الشعر والوجود الأول “إج “
و”كدية الجل ” التي تجلي فيها سر الأرض والإنسان والتاريخ
منذ البدء / الأزل .
الشعر عند بدي وجود وقضية وموقف . والشاعر صاحب رسالة .. والشعراء هم “انبياء الرمل ” وهو في قصيدته يتفقد أطناب الخيمة التي ولد تحتها .يتفقد سيرة الريح وما تبقي من ظلال .
ويخطو علي جسد الوجود /الصحراء .
يتهجي الغيب والخطوات .والظلال .
6/
في ساعات الليل البنفسجية .حيث تفوح الحناء
ويختلط الهواء بدفء حنين صغار النوق .
في ساعات الليل .حيث يتلجلج الصدي
يتدفق الخلاء يختلج القلب
في ساعات البرق الموهن .
حيث “ديلول الحكيم (8) يكون
دلالا .في عشيات الحكايا .
لطفل علي نار يصطلي
يسأل عن الدلاء والناقة و الماء
مأخوذا بفتنة الخيال في عتمة الليل
ديلول . دل ودليل يدل ودلدل قالوا
كان الفاتحة /وكان رسول الماء
قالوا :
وكان فتي يرتل “والنجم إذا هوي ماضل صاحبكم وما غوي “
ويسأل من يشرب من برق بديع الزمان الطريد ؟
من كدية الجل (9) مقام الجل تجلي له . فمضي يمخر عباب الصحراء
في تيرس(10) والمجابات الكبري .سر نعت البدايات الكبري .قال
سر توصيف النهايات الكبري . والمصب وادان (11).سلكه ينابيع
في الزمن الآتب بالأحزان .
وكانت ولاتة (12) في صباح الوجد
تترنم بفتح الشكور
وأحمد بابا التنبكتي (13) نضر الله وجهه
يقرأ سفر المؤانسة
ينقط الحروف ويشكلها كمن أشكل عليه
حال المخاطبون والمكلفون
“إذا دكت الأرض “
شنقيط (14)
وولاتة
وولاتة لم تكن يوما تبيعة
ولم تعرف نخاسة القرون
وولاتة مهد الفاتحين .
تعرف الله .وولاتة تحفظ الله
وولاتة عليها من الرحمن سور مدور
وشنقيط عليها من الحنان سور مسور
ووادان عليها من المنان سور مدور
وكومبي صالح (15)زهرة المدائن عليها من الرحمن سور مدور
وتشيت (16)قوافلها بالحب تتري .عليها من الرحمن سور مدور
وأداغوست (17) لم يغض ماؤها
يوم غاصت وما غاصت
.غاص القلب وكان قوب قوسين أوأدني
من خفي الألطاف .
وكان يمسح الدمع ياجل نجنا مما نخاف
واوداغست قيل اغتيلت
اوداغست …بكي القلب
“ألا انما الدنيا نضارة أيكة
إذا اخضر منها جانب جف جانب “
واوداغست لم تكن سبخة يوما
أودغست كانت مدينة من ذهب
كانت مدينة من عجب
ملحها للعالمين وظلال نخيلها للعالمين
وكانت للعالمين مأوي ..سلام علي أوداغست
وكانت شنقيط
وحدها شنقيط لم تكن ككل المدائن
كانت الأندلس الصغري
ومن غمامها تحدر :
ابن الأمين الشنقيطي (18)
ابن رازكة الشنقيطي (19)
ابن التلاميد الشنقيطي (20)
ابن الطلبة الشنقيطي (21)
ابن الحاج ابراهيم العلوي الشنقيطي (22)
ابن بونا الشنقيطي (23)
ابن امحمدي الشنقيطي (24)
ركب الأشراف الذي دوخ الزمان
ونسوة يحفظن القرآن ورسالة القيرواني
و الديوان الستي .وأشعار الهذيليين عن ظهر قلب .
وحدها شنقيط من ذهب وياقوت وزبرجد …كانت
وخيل الأمير تمحمح في الوغي
هلاليون .صنهاجيون فلانيون ولفيون . سوننكيون
“قد اتخذوا ظهور العيس مدرسة بها ييبنون دين الله تبيانا “
يوم وطأوا الصحراء .تدفقت أنهارا /شعرا/وحيا / حلما /علما /كرما
طيبون خييرون مسالمون
تعرف في وحوههم
نضرة نعيم الصحراء
وجوههم بيضاء قلوبهم بيضاء .نضر الله وجوههم
وجوههم سمراء قلوبهم بيضاء
كرم الله الوجوه السمراء
يوم انفرجت
كانت
سحنة ولد امسيكة السمحة ( 25)
والقلوب تتراعي
والشعر تراءي
في هيام اليعقوبي (26)وحيرة هل من لوذعي (27)
في ألق الوسيط (28) وأقواس القاموس المحيط (29)
في تاج العروس(30)ورابع الكؤوس
والأرض تشرق بهم .
في شفق الغروب البكر
وطنا لسحر مخيلة شاعر
يمتهن الشجن والشعر و الحنين
لصباحات الشاي في الطل
لكبرياء النخيل
وصهيل الخيل
لصليل السيوف ومشاكسة الإيقاع بالدفوف
7 /
“ليس علي أمدي غير لون الرحيل ” (31)
هكذا يمضي الشاعر في أسفاره جوالا لا يهدأ له بال . وكيف يقر قراره أو تستوعبه موجة .
يمضي بدي في سيرة التبدد / المنفي / الشعر / الوطن / الأرض / الإنسان / إلي الأبد.
في بديوغرافياه الشعرية / يرسم خارطة وجداننا. فتستوقفنا الصورة طويلا لشاعر
. يستوقف الظلال والمساءات الطوال و يغني ترانيم عشق خالدة للوطن ………
.ويمضي علي ضفتين يأكل فولا وتمرا .يعاقر القصيد ويسأل الريح :
وأمشي أمامي رحيل وراء
ويحترق الرمل في شرفات المدائن
يحترق البحر
يحترق الزمن الغائم /العشق في سمر القحط
يدركني الغيب قبل الغروب
وأنثر في الذكريات وجودي سجودي
أكرر ياسادتي :لم النهر غاض ولم يك بعد النهاء
سنسأل في الحاضر الأمس والعير والأرض والماء!
فيا سادتي كنت أشرب شايا
وآكل فولا علي ضفتين أسائل نهرا تناثر قبل المساء
ويا سادتي كنت آكل تمرا وفولا
فلم يك يا سادتي .لم يك النهر نهرين
لم يكن الشعب شعبين
لم يكن العشق عشقين
كان ودان -بوادي نخيل وفول وماء (32)
هوامش /
*بدي ولد أبنو (المرابطي ) ولد 1970/ في موريتانيا مفكر موريتاني شاعر وروائي .أستاذ جامعي له عدة إهتمامات في الإقتصاد والسياسة والفلسفة والتاريخ .يقيم في المهجر منذ أكثر من عقدين ويشغل منصب أستاذ في عدة جامعات ومراكز بحثية ويرأس معهد الدراسات والأبحاث العليا في بروكسل .بدأ ينشر كتاباته (1984/ و 1985 /وفي أواخر الثمانينات هاجر إلي أوربا
أصدر 1988 / 1989
_يموت الموت /المطبعة الوطنية / نواكشوط
_ديلول الحكيم /المطبعة الوطنية /نواكشوط
_أودية العطش /رواية /عرفان /المغرب .2012
_قصيدة الزمن والدم / المركز الثقافي للكتاب /المغرب
ط أولي 2020
_وهج المعني والمنفي /المركز الثقافي للكتاب / المغرب
ط أولي 2020
_أسفار العشق والموت / المركز الثقافي للكتاب /ط أولي 2020
_مزامير الوجع / الهجائية /الصلاة الدنيا من صلوات المنفي الباريسي في آهاتي الإنسية والجنية لألوان البر والبحر/المركز الثقافي للكتاب / ط اولي 2020
_نشيد الهزيع / الهجائية / الصلاة الأخري من صلوات المنفي الباريسي في آهاتي الإنسية والجنية لألوان البر والبحر/ المركز الثقافي للكتاب / ط أولي 2020
_رسالة الدموع /الهجائية /الصلاة الوسطي من صلوات المنفي الباريسي في آهاتي الإنسية والجنية لألوان البر والبحر/المركز الثقافي للكتاب / ط أولي 2020
_فلسفة الشعر / المركز الثقافي للكتاب /2020
_اللاهجائية / المركز الثقافي للكتاب/ 2020
_التكفير والتفكير / المركز الثقافي للكتاب 2020
_هل تعيش العربية آخر مراحلها حية /المركز الثقافي للكتاب 2020
_موريتانيا إلي أين ؟ /المركز الثقافي للكتاب /2020
- وهج المعني والمنفي / بدي ولد أبنو المرابطي /المركز الثقافي للكتاب .المغرب /طبعة أولي 2020 ص 7
- قصيدة الزمن والدم /بدي ولد أبنو المرابطي /المركز الثقافي للكتاب .المغرب / طبعة أولي 2020/ص 49
- أسفار العشق والموت /بدي ولد أبنو المرابطي /المركز الثقافي للكتاب .المغرب / طبعة أولي 2020/ ص 5
- قصيدة الزمن والدم /بدي ولد أبنو المرابطي/ ص 17
- المثقف والسلطة /ادوارد سعيد .ترجمة د/محمد عناني .رؤية /القاهرة .طبعة أولي 2006/ص 92
- المثقف والسلطة / ادوارد سعيد ص 92
- قصيدة الزمن والدم / بدي ولد أبنو المرابطي
ص 11و12و13
- ديلول / ديلول التباري هو ديلول بن الكيحل .حكيم موريتاني .عاش في القرن الثامن عشروبعضا من التاسع عشر يروي عنه أنه كان راعيا وأنه كان حكيما وتروي عنه قصصا كثيرة تنطق بالحكمة البليغة .
- كدية الجل / قمة جبلية .تعد اطول الجبال في موريتانيا950متر فوق سطح البحرتقع في الشمال الموريتاني .تيرس الزمور
- تيرس .ولاية في الشمال الموريتاني تمتد في الاصطلاح الجغرافي .التسمية تيرس حتي حدود الساقية الحمراءووادي الذهب
- وادان مدينة موريتانية تاريخية تقع علي بعد 170كلم الي الشرق من مدينة أطار
- ولاتة أو ولاتن .مدينة موريتانية تاريخية مشهورة .تقع في ولاية الحوض الشرقي وتبعد عن العاصمة1350كلم علي الحدود مع مالي .صنفتها اليونسكو تراثا عالميا .تمتاز بنمط معماري خاص وقد ظلت عبر القرون مركز اشعاع علمي وملتقي القوافل عبر الصحراء .ذكرها ابن بطوطة في رحلته
- أحمد بابا التنبكتي .( 1556 …1627) عالم جليل ومؤرخ كبير .من أعلام تنبكتو.عارض احتلال السعديين لبلدته في عهد أحمد المنصور الذهبي فنفي إلي مراكش.في طريقه سقط من جمله وكسرت رجله .وضاعت مكتبته .قضي أربعة عشر عاما يتنقل بين مراكش وفاس . ثم سمح له بالرجوع لبلدته تنبكتو توفي رحمه الله 1627
من مؤلفاته:نيل الإبتهاج بتطريز الديباج.فتح الشكور في أعيان علماء التكرور
(14)شنقيط .مدينة تاريخية موريتانية تقع إلي الشرق من ولاية آدرار .تأسست في القرن 2للهجرة .ظلت عبر التاريخ حاضرة علمية ومنارة. لاتزال تحتضن مخطوطات كثيرة .شواهد علي مكانتها العلمية الكبيرة .عرفت بكثرة العلماء والفقهاء والصلحاء .وقد أطلقت علي موريتانيا قديما فصارت موريتانيا تعرف بشنقيط وذالك لمكانتها العلمية وماعرفته من قوافل التجار ووفود الناس إليها .
(15)كومبي صالح : عاصمة مملكة غانا القديمة .تقع في الجنوب الشرقي من موريتانيا تبعد 60كلم جنوب مدينة تنبدغة
(16)تشيت مدينة تاريخية
(17)أودغست :مدينة تاريخية ذكرها المؤرخون العرب ابن حوقل والبكري .لها دور كبير في انتشار الإسلام في الدول المجاورة لموريتانيا .توجد أطلالها اليوم في ولاية الحوض الغربي في آوكار
(18)ابن الأمين الشنقيطي :(1872 /1913)عالم وأديب موريتاني مشهور وهو صاحب الوسيط
في تراجم أدباء شنقيط وهو موسوعة تاريخية وجغرافية وأدبية قيمة حوت الكثير من المعارف والعلوم ولم يدع صاحبها شاردة ولاواردة تتعلق بموريتانيا في عصره إلاوأتي عليها. هاجر إبن الأمين إلي مصر وتوفي في القاهرة رحمه الله 1913.
(19)ابن رازكة :(1650 /1731)
:هو عبد الله بن محمد بن عبدالله بن الطالب العلوي
شاعر موريتاني مجيد .من شعره
دَعِ العيسَ وَالبَيداءَ تَذرَعُها شَطحا
وَسِمها بُحورَ الآلِ تَسبَحُها سَبحا
وَلا تَرعَها إِلّا الذَميلَ فَطالَما
رَعَت ناضِرَ القَيصومِ وَالشيحَ وَالطَلحا
وَلا تُصغِ لِلنّاهِينَ فيما نَوَيتَهُ
وَخَف حَيثُ يُخفي الغِشَّ مَن يُظهِرُ النُّصحا
فَكُن قَمَراً يَفري الدُجى كُلَّ لَيلَةٍ
وَلا تَكُ كَالقُمرِيِّ يَستَعذِبُ الصَدحا
وَقارِض هُمومَ النَّفسِ بِالسَّيرِ وَالسُّرى
عَلى ثِقَةٍ بِاللَهِ في نَيلِكَ الرِبحا
(20)ابن التلاميد :(1829 /1904)
محمد محمود بن أحمد بن محمد التركزي الشنقيطي .ويعرف بإبن التلاميد شهرة أبيه والتلاميد تصحيف للتلاميذ.عالم موريتاني جليل .من أعلام النهضة العربية في المشرق .ولد في جونابة وارتحل الي المشرق.حجة عصره في اللغة والأدب ..ذكره عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في كتابه /الأيام من مؤلفاته:
إحقاق الحق وتبرئة العرب مما أحدثه عاكش اليمن في لغتهم .عروس الطروس .تصحيح القاموس المحيط. الرحلة .
(21) محمد ولد الطلبة :(1774 /1856)
محمد بن محمد الأمين بن الطلبة الموسوي اليعقوبي .عالم موريتاني جليل وشاعر فحل .لايشق له غبار .ولد في تيرس وتوفي فيها .قال عنه صاحب الوسيط :
(لا تكاد تعد طبقة الا بدأت به،.. إذا عد الكرام فهو حاتمهم، او العلماء اللغويون فما هو بدون ابن سيده، وكل أخباره تكتب بالذهب) رووا عنه أنه قال :
(ارجو من الله أن اقعد انا والشماخ ابن ضرار في نادٍ من أهل الجنة وننشد بين أيديهم قصائدنا لنعلم أيها أحسن؟). عارض الشماخ بن ضرار وحميد بن ثور الهلالي رضي الله عنهما
يقول في مطلع قصيدته الجيمية التي عارض بها جيمية الشماخ:
تطاول ليلُ النازعِ المتهيج
أما لضياء الصبح من متبلجِ
ولا لظلام الليل من متزحزحِ
وليس لنجمٍ من ذهابٍ ولا مجِي
وفي قصيدته في معارضة حميد بن ثور الهلالي
يقول :
تــأوبــه طــيــف الـخــيــال بـمـريـمــا
فــبـــات مـعــنــا مـسـتـجـنــا مـتـيــمــا
تــأوبــه بــعـــد الـهــجــوع فـهــاضــه
فأبـدى مـن التهيـام مـا كــان جمجـمـا
تغني ببلدته تيرس كثيرا في شعره
وكان يبري النبال فيصطاد بها الوحش ، لشغفه باقتفاء العرب. و كان لا ينزل بحي لا يوجد فيه قاموس لسان العرب.
. في شعره بوادر حركة إصلاحية إجتماعية فقد دعا لتنصيب الإمام والدفاع عن الإسلام
.وأخذ علي بعض معاصريه إتيانهم الصلاة بدون طهارة . وتحججهم بالمرض .
(وإن كان الفضاء الصحراوي آنذاك/ البادية .يبرر التيمم لندرة الماء وصعوبة الحصول عليه .)
من شعره :
علامَ الأسى إن لم نُلِمَّ ونَجزَعِ
ونَبكِ على أطلالِ رأسِ الذُريعِ
خَليلَيَّ ما الخلُّ الوَفِيُّ سوى الذي
مَتى تُسرَرَ أو تجزَعُ يُسَرُّ ويَجزَعِ
فإن كُنتُما مِنّي فَموتا صبابةً
علَيها وإلّا فلتُجَنّا معا مَعي
وإلّا فَما أوفَيتُما بذِمامَتي
إذا أنتُما لَم تَجزَعا مِثلَ مجزَعي
ألَم تريا الأطلالَ أمسَت مجاثِماً
بها أحرزَت أذراعها كلُّ مُذرِعِ
(22) ابن الحاج ابراهيم العلوي : ولد بعد منتصف القرن الثاني عشر للهجرة .وهو سيدي عبدالله بن الحاج ابراهيم بن الإمام محنض أحمد العلوي.عالم موريتاني جليل من مؤلفاته : مراقي السعود في علم أصول الفقه ونشر البنود وفيض الفتاح علي نور الأقاح .توفي 1233هجرية /في تجكجة
(23)ابن بون . (1604 /1810)هو المختار بن بون الجكني عالم موريتاني جليل ولد في تكانت وتوفي بها ..له إسهامات جليلة في علم النحو والمنطق والبلاغة من مؤلفاته :سلم الطالبين إلي قواعد النحويين .
تحفة المحقق في المنطق
(24)ابن محمدي (1243 /1273)
هو محمد بن محمدي بن سيدينا العلوي .شاعر موريتاني مجيد .توفي في طريقه إلي الحج في الثلاثين من عمره .من شعره القصيدة الشهيرة :
هل في بكا نازح الأوطان من باس
أم هل لداء رهين الشوق من آس
أم هل معين يعين المستهام
علي ليل كواكبه شدت بأمراس
(25) ولد أمسيكة (1908 /1950) هو محمد ولد أمسيكة .البطل المجاهد الشهيد .حارب الفرنسيين وأتعبهم كثيرا فرصدوا مكافأة لمن يأتيهم به مقيدا فانتدب للمهمة بعض الخونة .رجلان يعرفانه .
هما سام وعبدات .فنزلا عنده في الخلاء بعد أن إئتمنهما وضيفهما .غدرا به وقتلاه وقطعا رأسه وحملا جثته علي جمل إلي مقر الكتيبة الفرنسية .رحمه الله .
(26) اليعقوبي هو محمد بن الطلبة المذكور سابقا والمقصود حبه لتيرس وتغنيه بها في شعره
(27) هل من لوذعي /هذا منتهي شطر البيت الأول من قصيدة الشاعر العالم الجليل الموريتاني سيدي محمد بن الشيخ سيديا والتي يقول فيها :
يا معشر البلغاء هل من لوذعي
يهدي حجاه لمقصد لم يبدع
إني هممت بأن أقول قصيدة
بكرا فأعياني وجود المطلع
لكم اليد الطولي علي أن أنتم
ألفيتموه ببقعة أو موضع
فأستعملوا النظر السديد ومن يجد
لي ما أحاول منكم فليصدع
وهي قصيدة تعالج أزمة الإبداع وتري أن موضوعات الشعر وقوالبه القديمه ولغته استهلكت كثيرا حتي ملها الناس ولم تعد تطربهم .وأصبحت القصيدة مكرورة بلاروح .لكونها تستنسخ القديم من وقوف علي الأطلال وأوصاف ولغة شبيهة بلغة الجاهليين ..في الوقت الذي تري فيه أن الشعر ابداع والهام .وليس تقليدا في اللفظ والمعني للشعر القديم .
(28) المقصود كتاب ابن الأمين /الوسيط في تراجم أدباء شنقيط
(29) كتاب الفيروزآبادي
(30) كتاب مرتضي الزبيدي
(31) قصيدة الزمن والدم /ص 20
(32)أسفار العشق والموت /بدي ولد أبنو /ص 26و27
المصدر :رأي اليوم