في هذه الأيام المنيرة التي نتنفس فيها عبق المولد النبوي ،أتذكر صديقا عزيزا هو المرحوم سيدي محمد ولد محمد الأمين ومداحا شجي الصوت هو المرحوم برور.
في صيف ٢٠٠٨ دعاني المرحوم سيدي محمد إلى مهرجان المديح النبوي في مدينة أطار الجميلة واختارني عضوا في لجنة تحكيم المهرجان التي تضم الاخت الاديبة الفاضلة خدي بنت شيخنا والصديق الليبب عدنان ولد ببروك. كان المهرجان ناجحا متألقا، وقد استقبلته ساكنة المدينة المضياف بالترحيب والإقبال العارم.
كان المرحوم سيدي محمد يواكب بنفسه كل فعاليات هذا المهرجان بمعية اخي الكريم الاديب المرموق الحسن ولد محمد عبد الله ولد الحسن اطال الله بقاءه.
لم يكن برور من المتسابقين لكنه كان ضيف الشرف في المهرجان ، وقد كان بالفعل نجمه الأبرز. عندما يقف على الخشبة ،يمد برور نظره إلى السماء مستشعرا عظمة الموقف وسمو المقام وآداب الخطاب والمناجاة. وعلى الرغم من شدة تفاعل الجمهور مع هذا الصوت الشجي الندي، يظل برور محافظا على وقار الإنشاد الروحي ،يصدح بعبارات المدح البسيطة القريبة التي تنضح بحب نبي الرحمة والتعلق به وبأهل بيته وصحبه، يسرد شمائل وسيرة الرسول الكريم بنفس جمالي رائع يحمل سامعيه إلى تلك الصعد العالية ،فيترك أثرا لا ينمحي في قلوب الحاضرين لهذه النفحات الربانية السامية .في خاتمة إنشاده يمتد صوت برور في دعاء صادق بنفس المنكسر الذليل لربه الواثق من فضله وعفوه ، الطامع بشفاعة من خصه لله بهذه المزية التي هي ارجى ما يرجى المؤمن في آخرته.
انتقل برور إلى عفو الله ورحمته ، وارتفع بوجهه المشرق وصوته الشجي إلى حيث كان يرنو في امداحه الجميلة .
رحم الله الصديق العزيز سيدي محمد ولد محمد الأمين ورحم المداح برور ، وصدق سلطان المحبين ابن الفارض بقوله :
وعلى تفنن واصفيه بحسنه يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف.