الحج فرض من فروض الله، شُرِعَ وحددت أحكامه بلا لبس؛ أيام يفد فيها العباد إلى ربهم مخبتين منيبين، ملبين نداء الرحمان: (لبيك اللهم لبيك)، فتهتز شعاب مكة وجبالها مرددة صدى التلبيات والابتهالات، وفي صعيد عرفة يتطهرون من الأدران، في يوم مشهود.
هم سواسية لا فرق بين أمير ولا خفير، ولا غني ولا فقير، عدالة اجتماعية سنتها سماحة الإسلام، وأيام يكون العمل فيها ابتعادا عن نوازع النفس والجسد إلا ما يقيم أود الحياة من مطعم ومشرب.
هو كذلك موسم للتعارف بين أبناء الإسلام وعقد لأواصر اللحمة والقربى بينهم، ومجال رحب للاتجار والشراء والبيع
هذا عند عموم الناس.
أما الشعراء فقد كان لبعضهم في الحج مآرب وأحكام غير التي فرض الشارع، وتَحَيُّنٌ لاختلاس النظرات عند المشعر الحرام، وأهدافٌ غير السعي بين الصفا والمروة والوقوف بجبل عرفة ورمي الجمرات.
يقول الشاعر غيلان ذو الرمة مستكملا فروض حجه:
تمامُ الحـج أنْ تقفَ المطايا @
على خَـرْقَـاءَ واضعةَ اللثـامِ @
فبهذه الزورة لديار الحبيبة والوقوف أمام منزلها، يستكمل غيلان فروض حجه.
كما أن ابن أبي ربيعة يشغله شاغل عن رمي الجمرات ، ويلتبس عليه الأمر حد الشك المريع:
بَدَا ليَ منها معصمٌ حِـينَ جَـمَّـرَتْ@
وَكَــفٌّ خَـضِـيـبٌ زُيِّــنَــتْ بِـبَـنَـان@
فَـوَاللهِ مَا أدْرِي، وإنُ كُـنْـتُ دَارِيًا@
بِـسَـبْـعٍ رَمَـيْـتُ الْجَـمْـر أمْ بِثَمَـانِ@
وكذلك أبو نواس يحرم حاجا، لا ليؤدي فرضا من فروض الله، وإنما ليلتقي محبوبته (جنان):
فلـمَّـــا لـــم أجِــدْ سـبـبـًا إلـيـهــا@
يُـقَـرِّبُـنِـي، وَأعْـيَـتْـنِـي الْأُمُـــورُ@
حججتُ وقلتُ قد حجتْ جنانٌ@
فَـيَـجْـمَـعُـنِي وإيـاهـا المـسـيـرُ @
تاب الله على الشعراء وغفر لهم