ببهاء ولد بديوه
أَسِيفٌ مِنْ ذِهَابِكَ وَالْإِيَابُ
أَسِيفٌ أَنْ يَحُورَ بِهِ الذَّهَابُ
يُقَطِّعُ دَوْرَةَ الزَّمَنِ التَّنَائِي
وَفِي آنَائِهَا تَعْوِي الذِّئَابُ
عَلَامَ عَلَامَ يَشْتَعِلُ التَّقَصِّي
وَقَدْ ذُعِرَتْ مِنَ الأُفُقِ الْحِرَابُ
نَسِيمُ اللَّيْلِ لَيْسَ لَهُ أَرِيجٌ
وَمِلْءَ الضَّوْءِ يَنْتَشِرُ السَّرَابُ
وَنَنْعَمُ فِي غَيَاهِبِهِ خُلُوفًا
وَإِخْلَادًا وَقَدْ ذَعَفَ الشَّرَابُ
فَقُلْ لِلْغَيْبِ مَا هَذَا التَّرَجِّي
وَقُلْ لِلْأُنْسِ مَا هَذَا الْغِيَابُ
أَمُزْدَحِمٌ وَلَيْسَ سِوَى فَرَاغٍ
وَمَعْمُورٌ وَيَسْكُنُهُ الْخَرَابُ
أَمَا تَنْفَكُّ هَذِي الْأَرْضُ عَطْشَى
وَإِنْ مُطِرَتْ وَظَلَّلَهَا السَّحَابُ
وَتَنْتَهِكُ السِّيَاسَةُ كَأْسَ حُلْمٍ
يَهِيمُ بِهَا وَزَيَّنَهَا الْحَبَابُ
عَلَى هَذَيَانِهَا مِنْهَا بَرِيقٌ
وَفِي رَمْضَائِهَا مِنْهَا انْسِكَابُ
وَلَوْ شُجَّتْ مِيَاهُ اللَّيْلِ مِنْهَا
لَفَاضَ السُّكْرُ وَانْكَشَفَ الْحِجَابُ
وَمَادَ بِهَا عَلَى الْأَرْجَاءِ ظِلُّ
يَمِيدُ بِرَوْحِهِ الصَّحْوُ الْمُذَابُ
وَلَكِنَّا نَحُومُ عَلَى مَهَاوٍ
تُعَلِّلُنَا وَأَعْيُنُنَا ضَبَابُ
ظَلَامٌ، وَالنَّهَارُ! فَيَا ظَلَامًا
تَزَاحَمَ فِيهِ عُمْرَانٌ يَبَابُ
وَقَدْ شَرِقَتْ فِجَاجُ اللَّيْلِ رَيْبًا
وَضَاقَتْ عَنْ مَطَامِحِهَا الشِّعَابُ
وَلَمْ تَعُدِ الْكُهُولَةُ شَمْسَ حِلْمٍ
وَلَا حُلُمٌ يَهِيمُ بِهِ الشَّبَابُ
وَمَنْ يَبْنِي وَلَيْسَ لَهُ أَسَاسٌ
وَمَنْ يَهْذِي وَلَيْسَ لَهُ صَوَابُ
سَلَوْتُ عَنِ الَّذِي تَهْفُو إِلَيْهِ
أَيَادٍ قَدْ يَشُوقُ بِهَا الْخِضَابُ
وَنَهْنَهَ لَهْفَتِي أَنْ لَا كَلَامٌ
تَمُتُّ بِهِ إِلَيَّ وَلَا حِبَابُ
وَلَا فِي وَصْلِهَا إِلَّا جَفَاءٌ
وَلَا فِي قُرْبِهَا إِلَّا اغْتِرَابُ
عَذَابٌ مَا تَؤُولُ بِنَا إِلَيْهِ
وَإنْ طَابَتْ مَلَامِحُهَا الْعِذَابُ
سَكَنْتُ بِحَيْرَةٍ جُدْرَانَ صَمْتٍ
جُمُودًا لَا ابْتِعَادَ وَلَا اقْتِرَابُ
وَأَصْبَحَ كُلُّ هَمِّي أَيْنَ بَابُ
لِيَخْرُجَ مِنْهُ أَوْ يَلِجَ الْجَوَابُ