/(لَا نَلْتَقِي، فَأَرَاكِ كُلَّ دَقِيقَةٍ
ـــــ صُوَرًا تُزَيِّنُ مَا تَرَى أَحْدَاقِي)/
/لَمْ يَبْقَ مِنْ قِصَصِ الْغَرَامِ سِوَى صَدَى
ـــــ صَوْتٍ يُرَدِّدُهُ صَدَى أَعْمَاقِي/
ــــــــــ شعر يحيى الشيخ ــــــــــ
خَبَّأْتُ سِرَّكِ فِي رُمُوشِ دَفَاتِرِي
ـــــ فَوَشَتْ بِهِ فَتَنَاثَرَتْ أَوْرَاقِي
سَقَطَتْ عَلَى شَفَةِ الْحَسُودِ فَسَرَّهُ
ـــــ أَلَّا تَلَاقِيَ بَعْدَ عَامِ تَلَاقِي
لَمْ أَحْظَ بِالْقُبَلِ الَّتِي مَنَّيْتُنِي
ـــــ بِرَحِيقِهَا فَفُجِعْتُ فِي أَذْوَاقِي
وَفُجِعْتُ فِي الْوَجْهِ الَّذِي أَنْوَارُهُ
ـــــ قَمَرٌ يُنَوِّرُ فِي الْكَرَى أَنْفَاقِي
وَفُجِعْتُ فِي دِفْءِ الْهَوَى، تَعِبَ الْهَوَى
ـــــ مِنِّي، وَأَنْتِ سَعَيْتِ فِي إحْرَاقِي!
أَذْكَيْتِ نَارًا مَا خَبَتْ لِشُكُوكِنَا
ـــــ وَنَفَخْتِ رِيحًا أَجَّجَتْ أَشْوَاقِي
لَا نَلْتَقِي، فَأَرَاكِ كُلَّ دَقِيقَةٍ
ـــــ صُوَرًا تُزَيِّنُ مَا تَرَى أَحْدَاقِي
وَأَخَالُ قَوْسَ الشَّمْسِ يُبْصِرُنَا مَعًا
ـــــ بَيْنَ الرُّبَى فِي نَشْوَةٍ وَعِنَاقِ
مُتُوَسِّدَيْنِ بِبَسْمَةٍ مَهْمُوسَةٍ
ـــــ شَبَكَتْ يَدَيْنَا دُونَمَا أَطْوَاقِ
وَالْعِشْقُ أَلْقَى فِي الظَّلَامِ تَحِيَّةً
ـــــ بَاتَتْ تُحَيِّينَا بِغَيْرِ نِفَاقِ؟
وَإِذَا اشْتَهَيْنَا فِي الشِّقَاقِ عِنَادَنَا
ـــــ قُبَلٌ تَجِيءُ تَصُدُّ كُلَّ شِقَاقِ!
لَمْ يَبْقَ مِنْ قِصَصِ الْغَرَامِ سِوَى صَدَى
ـــــ صَوْتٍ يُرَدِّدُهُ صَدَى أَعْمَاقِي
وَقَصَائِدًا كَرِهَ الَّذِينَ تَعَذَّبُوا
ـــــ مِثْلِي سَمَاعَ كَلَامِهَا الْبَرَّاقِ
مَا الْقَلْبُ يَعْزِفُ نَبْضُهُ إِيقَاعَهَا
ـــــ وَأَنَا نَسِيتُ بَلَاغَةَ الْعُشَّاقِ!
وَنَسِيتُ أَنِّي قَدْ بُلِيتُ بِصَبْوَةٍ
ـــــ لَا تَنْتَهِي وَتَزِيدُ مِنْ إِخْفَاقِي
وَنَسِيتُ أَنَّ الْعَظْمَ مِنِّي قَدْ وَهَى
ـــــ والرَّأْسَ شَابَ وَبِتُّ فِي إِمْلَاقِ
إِنِّي عَلِمْتُ الشِّعْرَ أَتْلَفَ مُهْجَتِي
ـــــ شَيْطَانُهُ وَأضَاعَ خَيْرَ رِفَاقِي
فَبَقِيتُ وَحْدِي، تَارَةً أَبْكِي الْهَوَى
ـــــ وَطَنًا، وَأَبْكِي تَارَةً إِعْتَاقِي
وَالشَّامَ وَالسُّودَانَ وَالْيَمَنَ الَّذِي
ـــــ بَاتَتْ تَنِزُّ دِمَاؤُهُ كَعِرَاقِي!
أَنْعَى الْعُرُوبَةَ فِي الَّذِينَ تَهَوَّدُوا
ـــــ وَأَتِيهُ كَالدَّرْوِيشِ فِي الْأَسْوَاقِ
وَمَتَى مَرِضْتُ وَقَدْ ذَكَرْتُ حَبِيبَةً
ـــــ ضَاعَتْ، أَخَالُ خَيَالَهَا تِرْيَاقِي
أُشْفَى لِنِصْفِ دَقِيقَةٍ فَيَمُدُّنِي
أَلَمِي الْقَدِيمُ بِأَسْوَإِ الْأَطْبَاقِ
أَنَا فِي هَوَاكِ وَفِي هَوَى وَطَنِي الَّذِي
ـــــ وَدَّعْتُهُ حِبْرٌ بِلَا مِيثَاقِ
لَكَأَنَّنَا لَمْ نَتَّفِقْ أَبَدًا عَلَى
ـــــ عَهْدٍ لِنُبْحِرَ فِي الْهَوَى الْخَلَّاقِ!
(وَرَأَيْتُنَا أُمَمًا بِلَا عَرِبِيَّةٍ
ـــــ كَبِلَادِ مَالْطَةَ فِي سَمَا الشِّدْيَاقِ!)
كَمْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ هَذَا الحُبَّ لِي
ـــــ وَأَنَا بِهِ كَالْعَاشِقِ الْمُشْتَاقِ!
مِنْ مُعْجَمِ النَّكَبَاتِ أَصْنَعُ عَالَمًا،
ـــــ وَمَمَالِكِي لَنْ تَسْتَبِدُّ بِشَاقِي
وَجِنَانَ عَدْنِي لَا تَمِيلُ ظِلَالُهَا
ـــــ وَمَعَابِدِي لِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ
أَهَبُ السَّكِينَةَ لِلَّذِينَ تَسَاقَطُوا
ـــــ فِي الْأَرْضِ بَيْنَ مَخَالِبِ الفُسَّاقِ
(أُعْطِي لِإِسْمَاعِيلَ رُوحِي عَلَّهُ
ـــــ يَقْوَى بِمُفْرِدِهِ عَلَى إِسْحَاقِ!)
أَدْرَكْتُ ــ يَا بِنْتِي ــ رَعَاكِ اللهُ لِي
ـــــ أَنِّي انْتَهَيْتُ هُنَا بَلَا آفَاقِ
مِنِّي الْكَلَامُ أَصُبُّ فِيهِ لَوَاعِجِي
ـــــ أَسَفًا عَلَيَّ فَرَتِّبِي أَوْرَاقِي!
بَلْ جَمِّعِينِي فِي رُفُوفٍ مَجَّهَا
ـــــ قُرَّاؤُهَا فِي الْمَكْتَبَاتِ عِتَاقِ
فَلَعَلَّ ذِكْرِيَ تَنْمَحِي آثَارُهُ
ـــــ فَتَصُدُّ عَنِّي أَعْيُنَ الْحُذَّاقِ!
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ إِنِّيَ قَانِعٌ
ـــــ فِي عُزْلَتِي، يَا وَاهِبَ الْأَرْزَاقِ!
(وَلَقَدْ تَسُوقُ إِلَيَّ أَلْفَ فَرِيسَةٍ
ـــــ فَتَمُوتُ فِيَّ غَرِيزَةُ اللَّقْلَاقِ!)
باريس، بتاريخ 19 أكتوبر 2020م.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إضاءات على هامش النص:
1 ــ (وَرَأَيْتُنَا أُمَمًا بِلَا عَرِبِيَّةٍ
ـــــ كَبِلَادِ مَالْطَةَ فِي سَمَا الشِّدْيَاقِ!)
إشارة إلى إحدى رحلات الصحفي اللبناني أحمد فارس الشدياق (1804م ــ 1887م)، قام بها إلى جزيرة مالطة فوصف أهلها بأبشع النعوت.
2 ــ (أُعْطِي لِإِسْمَاعِيلَ رُوحِي عَلَّهُ
ـــــ يَقْوَى بِمُفْرِدِهِ عَلَى إِسْحَاقِ!)
إشارة إلى وَلَدَيِّ إبراهيم (عليهم السلام جميعا): إسماعيل ابن هاجر الذي ينتسب إليه العرب عادة، وإسحاق ابن سارة الذي ينتسب إليه اليهود.
3 ــ (وَلَقَدْ تَسُوقُ إِلَيَّ أَلْفَ فَرِيسَةٍ
ـــــ فَتَمُوتُ فِيَّ غَرِيزَةُ اللَّقْلَاقِ!)
اَللَّقْلَاقُ: طائر من الطيور القواطع، وغريزته التربص بفريسته.