مما يُروى بالتواتر وبسنَدٍ عالٍ أنه بُعيد وفاة "عَينينَ" ولْ أبنُ المقداد قاضي مدينة سينلوي "انْدَرْ"، التقي العلامة الشاعر مُحمدن ولْ مُحمد بابَ بالشاعر المفلق مُحمدْ ولْ أبنُو ول إحميدنْ الشقروي وكانا صديقين ... فقال مُحمدن مخاطبا محمدْ ما مضمونه : كيفَ يتوفي علمٌ مثلُ عينين ولْ أبنُ المقدادْ و يترك شاعرًا مثلك دون أن ترثيه ... فأجاب محمدْ ول ابنُو : دونك القلم و الورقة و أنا أملي عليك مرثية له إن شئتَ ... فرد محمدن عليه قائلا : كأني بكَ قد أعددْتَها ... فقال مُحمدْ: كلاَّ، و إني لأخيرك في أي بحرٍ شئتَ و في أي روي شئته ... فما كان من مُحمدنْ إلا أن اختار بحر المتقارب و روي الضاد ... فأملى عليه محمدْ ارتجالاً قطعة جميلة حفظتها لنا الذاكرة الأدبية لله الحمد :
هو الموتُ صمْصامة ٌتُـنْــتَـضَى
تـُلبِّي القضاءَ على ما قضى
وتَجرِي علي مُـقتـضَي جَـرْيهِ
ففِي جَـرْيه مُقتضَى المُقتضَى
وبالسيد المرتضى مولعٌ
كأن له الثأرَ في المرتضى
قضى الحِبر "عينين " في داره
ولا غرو في داره إن قضى
وقد قاد للصبر إسلامُنا
وقاد لنهج الرضا بالقضا
وكيف يَرُد البكا والعويلُ
وفرط التباريح خطبا مضى
يُصيِّر مُسوٓدّٓ رأسِ الوليد
وإن كان في مهده أبيضا
وأنى تصون الدموعٓ العيون
وعين الزمان انثنى و انقضى
ستبكي العلومُ و تبكي الحلوم
وتبكي البحار و تبكي الإضا
و يبكي القران و يبكي القِرى
و تبكي عليه القُرى و الفضا
فلا يفرح الشامت في فقدهِ
فإن له منزلا مرتضى
وقد عُوِّض الخير من أهله
وخيرا من الدار قد عُوِّضا
يُلين السنين على المسلمين
إذا أجحف الخطب أو أجهضا
فتىً يهب الحاجٓ من جاءه
و صرّٓح بالحاج أو عرّٓضا
فداءٌ له كلُّ وجه عبوس
إذا ما أتته الوجوه الوِضا
وجوه الرجال الكرام الأٌلى
إذا ما تلقوا ظلاما أضا
و بارك فيهم و في دارهمْ
و نالوا من الله حسن القضا
وما دام الحديث عن القاضي "عينينَ" وعن الشعر فلا مناص - والشيء بالشيء يذكر- من الوقوف مع قطعة من عيون الشعر العربي رثاه بها الشاعر المُجيد في اللونين الفصيح والحساني : أحمدو بمبَ بن أحمد بن المين :
ضاق الزمان فغط العلم والدينا
حتى أذاقهما طعم الأمرينا
فساء ذلك أهل العلم فارتحلوا
في صحبة العالم النحرير "عينينا"
قاضٍ ترد صروف الدهر هيبتهُ
ولا قرين له إلا الدواوينا
وليس يثنيه عن مشهور مذهبهِ
ريب المنون ولا من بمِنِّينَى
يا ليل "عينين" يا إدمانَ هيْنمةٍ
مدًّا وهمزا وإشباعا وتنوينا
يا جفنةً لا يكاد الباب يُدخلها
حتى يدور بها نحو الثمانينا
عقلٌ لو أن به "يبْرينُ" قد وُزنتْ
لكان أرجح من مثقال "يبرينا"
ولَّى حميدا وأبقانا وحسرَتنا
فكيف نبكيه؟ لا بل هو يبكينا
لكننا ما أقمنا بين أظهُرنا
محمدٌ فليهنينا معزينا
والقاضي "عينينَ" هو الذي قال فيه لمرابط امحمد بن أحمد يورَ محتفياً بقدومه من الشرق الموريتاني حيث قضَّى فترة ومعزيا في وفاة أخيه القاضي "سليمان" :
إنا نهنئ هذا القادم الآتي
بمَرْحباتٍ طويلاتٍ عريضاتٍ
إنْ غاظني زمني بالبين بعدكمُ
فاليوم أسرع في تحصيل مرضاتي
وما الحياة بأرض لا ترون بها
إلا كمثل حياة بين حَيَّاتِ
يا ربِّ بارك لنا فيهمْ وأوْلهمُ
أسْنى الحياة وأحوالاً سنياتِ
وامنح سُليمان من عين الرضى نُزُلا
ومنزلا بين أنهار وجنَّاتِ
ثم الصلاة صلاة الله دائمةً
مع السلام على خير البرِياتِ
والقاضيان "سُليمان" و"عينينَ" شقيقا المترجم والأديب والفتى الشهير "محمدن" ول ابنو المقدادْ "دودو سكْ" علماً ... وذلك "رأسُ كِتْبَةٍ أخرى" كما يقولون ...
عز الدين بن گراي بن أحمد يورَ