يواصل "بيت الشعر - نواكشوط" تقديم التجارب الشعرية الموريتانية إلى الجمهور والباحثين والمختصين، وفي حلقة جديدة من سلسلة أماسيه "تراتيل الأصيل"، قدم الشاعران: أحمدو انِّيه وأعمر عبدي، تجربتهما الإبداعية من خلال ست قصائد حلقت في القيم السامية وشملت المديح النبوي، وتبجيل القيم العربية الأصيلة.
وفي مستهل الأمسية؛ رحب المنسق الثقافي للبيت الشاعر محمد ولد إدوم بالحضور النوعي لهذه الأمسية، معرفا بشاعري الأمسية، من خلال سيرهما الإبداعية والتعليمية والوظيفية.
بعد ذلك استمع الحضور إلى الشاعر أحمدو انِّيه، وهو من مولود 1971 نواكشوط، ويعمل إطارا بوزارة التشغيل والشباب والرياضة، والذي قرأ ثلاث قصائد عمودية، بدأ بقصيدته المديحية "طيبة"، التي يقول مطلعها:
لقدْ شاقَني مِن نحوِ طيبةَ مَنزِلُ
يُقصِّرُ عنهُ كلُّ ربْعٍ وينزِلُ
على مثلِ ذاكَ الرَّبْعِ يُسْتحسَنُ البُكا
ويجمُل تَهيامٌ ويحْلو تغَزُّلُ
هوَ الرَّبعُ مَن يَحْلُلْهُ ينْأَ عنِ الأذَى
"وفيهِ لـِمَن خافَ القِلى مُتَعَزَّلُ"
بَكى البعْضُ عنْ غَيٍّ حبيبًا ومَنزِلًا
وعنْ رُشدٍ أبْكاني حبيبٌ ومَنْزِلُ
إذا ما بَكى العُشَّاقُ دُورًا وأربُعًا
فَطيبةُ داري لا الدَّخولُ وحَومَلُ
فيا طيبةَ الغُفران هلْ مِن مَتابَةٍ
-ولوْ قَبَسًا- فاللَّيلُ داجٍ وألْيَلُ.
إلى أن يقول:
فَخُذْها - نبيَّ اللهِ - مِنِّي خَريدَةً
وإني بها عمَّن سواكَ لَأبخَلُ
وما مهرُها إلا الشَّفاعةُ في غدٍ
إذا لم يكنْ إلاكَ يُرْجَى ويُؤْمَلُ.
كما أنشد قصيدته "ذكريات من الزمن الجميل"، التي يقول مطلعها:
أتذكُر أم أنت لا تذكُرُ
زمانا لياليه لا تمكُر
زمانا صَفا كُلّ رَنْق لنا
وكُنّا بخَمر الهَنا نسْكَرُ
وكان على وِفْقِ ما تشْتهي
يطيعُ الزمانُ إذا تأمُرُ
إلى أن يقول:
ولمّا همَسْتَ بأذن الزمان
تُناشِده عودةً تَبْهُرُ
لَمَسْتَ له رغبةً في المعادِ
وليس على عودةٍ يَقْدِرُ
وختم أحمدو انِّيه قراءته في ديوانه بإنشاد قصيدته "في ضيافة بيت الشعر"، التي يقول مطلعها:
واعَدَتْني الحسناءُ سِرًّا لقاءا
ثم شاءتْ بأن يكونَ مساءا
أصْرَحُ البوحِ ما يكون مساء
في هدوء يُطَبّقُ الأرجاءا
عند بيتٍ جُدرانُه كلماتٌ
تمْلَأُ الأُفْقَ بَهجةً وبَهاءا
خيْمةٌ من خيام عبقرَ فيها
جرّرَ الشعرُ ذيلَه خُيَلاءا
ألَقُ الشعرِ عاد ـ فيها ـ إليه
وله قد أعادت الكبرياءا.
بدوره، أنشد الشاعر أعمر عبدي، وهو من مواليد 1972 في مدينة "لعيون" (شرق)، ويعمل حاليا بوظيفة مستشار تربوي في العاصمة نواكشوط، ثلاث قصائد من تجربته الشعرية، بدأها بقصيدته "إشراقة"، التي يقول مطلعها:
طيف ألم تعطرت بشذاه
روح الوجود وأرضه وسماه
ذكراه تنضح بالرؤى فتذيبنا
شجنا...وسكرا يا لها ذكراه!
لولاه كان التيه يضرب حولنا
سورا... فنعمى أن نرى لولاه
سر الوجود محمد أكرمْ به
من مرسل عم الأنام نداه.
إلى أن يقول فيها:
ثاوٍ على جبل الهموم وأمتي
نهب وظلي كالسراب خطاه.
كما أنشد قصيدته "جلاء"، ويقول مطلعها:
تشرين... وانفتح المدى أسفارا
كيما يحطم ذكره الأسوارا
ويزيح عن وجه القصيد قتامة
فيصافح الحرف العصي النارا.
إلى أن يقول:
مدن العجائب ملحها حلوٌ وفي
إشراقها نهب الدجى أنوارا
هذي بقايا من معارك أسكرت
يأبى التذكر أن تكون قفارا.
وأنشد أيضا قصيدته "حنين"، التي يقول مطلعها:
رصع حروفك من غيم الرؤى ذهبا
واسرج خيالك حتى يمتطي الشهبا
فالحرف يولد من أناتنا وجعا
ليصنع الفجر... مهما ازور واحتجبا
سبعون عاما... ولا زالت مراكبنا
تصارع الموج مهتاجا ومضطربا.
إلى أن يقول:
كنا نخط بأطراف الرماح لنا
مضاجعا...ونناغي اللوح والقضبا
إني أحن إلى ماض تسوره
فتح الفتوح يغذي السير والخببا.
واختتمت الأمسية بدعوة قدمها بيت الشعر- نواكشوط لرواده من أجل المشاركة في احتفالية اليوم العالمي للشعر التي ينوي تنظيمها يوم 20 مارس 2021 احتفاء بالقصيدة واحتفالا بالشعراء.