إعلان

مداخلة الكاتبة غريد الشيخ الملتقى الدولي الثاني حول تمكين النساء عن طريق المقاولة في الجزائر

ثلاثاء, 04/26/2022 - 04:49

تحية إلى معالي الوزيرة نوارة سعدية جعفر التي أصرت أن تكون كلمة الافتتاح باللغة العربية

الملتقى الدولي الثاني حول تمكين النساء عن طريق المقاولة في الجزائر

الجزائر 26 و27 أيار عام 2011 م في الجزائر

أكد المشاركون في الملتقى على ضرورة دعم المرأة في المجال الاقتصادي بالاستفادة من مختلف البرامج الاستثمارية ومرافقتها لتجسيد مشاريعها وإثبات قدراتها.

وفي هذا الإطار أكدت الوزيرة المنتدبة المكلّفة بالأسرة وقضايا المرأة السيدة (نوارة سعدية جعفر) أن تعبئة قدرات النساء في المجال الاقتصادي ''سيساهم بشكل ايجابي في ترقية التشغيل وتحقيق التنمية وخلق الثروات والقيمة المضافة''.

وأشارت الوزيرة إلى المساعي المبذولة لفائدة المرأة على قدم المساواة مع الرجل بتعزيز مكانتها في المجتمع واستفادتها من التعليم والتكوين والتأهيل ومن آليات الإدماج الاجتماعي والاقتصادي وضمان الرعاية الصحية لها. وترى السيدة جعفر أن التمكين السياسي يعدّ من أبرز مقوّمات تعزيز دور المرأة في المجتمع، مشيرة إلى القانون العضوي الذي سيصدر قريبًا والخاص بتطبيق المادة 31 مكرر من الدستور والقاضية بتوسيع مشاركة المرأة في المجالس المحلية المنتخبة وفي البرلمان.

وقد ألقت الكاتبة غريد الشيخ من لبنان بالمداخلة التالية حول تجربتها بالطباعة والنشر:

(تجربة الطباعة والنشر بين الهدف التجاري وهدف نشر الثقافة والفكر)

دخلتُ عالم الطباعة والنشر بعد رحلة طويلة في تأليف الكتب وتحقيق المخطوطات والعمل مع دور النشر اللبنانية والعربية. وأنا سعيدة أن عدد كتبي تجاوز الأربعين كتابًا.

أسَّستُ دار النشر (النخبة للتأليف والترجمة والنشر) لأتمكّن من طباعة الكتب التي عملت بها لسنوات طويلة، وحرصت من خلال هذه الدار أن أقدّم هذه الكتب بأفضل حُلّة محاولةً بذلك الابتعاد عن الذّهنية التجارية التي يعمل بها أكثر أصحاب دور النشر اليوم.

ليس الانتقال من عمل يقوم على الفكر ويحمل أهدافًا علمية وتربوية وفكرية، إلى عمل تجاريّ بحت بالأمر السّهل، فقد تجاذبتني كلُّ مهنة منهما إليها وحاولتْ أن تسيطرَ على الأخرى، فاليوم عندما أعمل على تأليف كتاب ما أجدني أنظر مليًّا في حاجة السوق إلى هذا الكتاب، وما الذي سينافس فيه هذا الكتاب ما يشابهه من الكتب الموجودة في الأسواق. ومن هنا فإن دراسة متأنيّة لحاجة السوق وكيفية تسويق هذا العمل تدفعني إلى التميّز به وإصداره بالشكل والنوعية الأفضل.

وعندما أريد طباعة كتاب ما في الدار، لي أو لأحد المؤلّفين، تتدخّل مهنتي الأساسية ككاتبة وصاحبة رسالة في الموافقة على طباعة هذا الكتاب وما يحقّقه من أهداف تربوية أو أدبية أو فكريّة.

وأتذكّر دائمًا قول الرسول الكريم: "إن الله يحبُّ إذا عمل أحدُكم عملًا أن يُتقنه"، ومن هنا ومن عشقي للكتاب ورغبتي في صدوره بأفضل صورة حاولت دائمًا إتقان أيّ عمل أقوم به سواء كان تأليفًا أو طباعة.

ومن أهم الظروف التي ساعدتني في دخول هذا العالم هو أن لبنان كان ومازال عاصمة ثقافية وعلمية للعالم العربي، وقد تميّز بأنه أول من امتلك مطبعة في الشرق العربيّ كما تميّز القيّمون على الطباعة والمطابع في لبنان بثقافة وبعلم واسع على مرّ العصور.

وقد نشأت أول مطبعة في الشرق في دير مار أنطونيوس قزحيّا في محافظة شمال لبنان في وادي قزحيّا، وامتدّت الطباعة بعد ذلك إلى سائر أنحاء الشرق.

أما العمل الأهم في حياتي والذي أعطى للدار أهمية بين دور النشر الكثيرة والكبيرة في الوطن العربي، فهو المعجم الذي استمر العمل فيه لأكثر من عشر سنوات: (المعجم في اللغة والنحو والصرف والإعراب والمصطلحات الحديثة) وهو مؤلَّف من ستة مجلّدات، ويحتوي على واحد وسبعين ألف ومائة كلمة، ويضمّ متن اللغة العربية التي حاولت من خلاله المحافظة عليها من خلال ما تتعرض له من مسخ وتشويه. (وأنا بكل تواضع أول امرأة تدخل عالم تأليف الكتب اللغوية وخصوصًا المعاجم).

ولا يمكنني وأنا أذكر معجمي هذا إلا أن أذكر أن لبنان قد حقّق منجزات مهمة في المعاجم بفضل جهود أبنائه أمثال بطرس البستاني وسعيد الخوري الشرتوني ولويس معلوف وعبد الله العلايلي ومنير البعلبكي وسهيل إدريس وغيرهم من كبار المعجميين اللغويين. ولكن وأثناء عملي في المعجم وجدت الكثير من الأخطاء في بعض المعاجم (لغوية أو إملائية أو طباعية) بسبب غلبة التسرّع والطابع التجاري على إعدادها، فحاولتُ قدر المستطاع تجنّب هذه الأخطاء بتصحيح المعجم أكثر من خمس مرّات من قبل متخصصين في هذا المجال.

ثم صدر عن دار النخبة مجموعة من الكتب التي تُغني المكتبة العربية، من أهمها:

- معجم أشعار العشق في كتب التراث العربي

- معجم الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب

- معجمي المصوّر باللغات الثلاث(عربي، إنكليزي، فرنسي)

- سلسلة أيام معهم مع شعراء(جرير، نزار قباني، الفيتوري، عبد العزيز خوجة، هدى ميقاتي).

ومجموعة من الكتب الأُخرى.

واليوم نحن بصدد نشر مجموعة من المعاجم التي تناسب الأعمار المختلفة، فهناك معجم للمرحلة الابتدائية، ومعجم للمرحلتين التكميلية والثانوية، معجم متخصص لمصطلحات أدب الأطفال والشباب، بالإضافة إلى (معجم الأخطاء الشائعة للإعلاميين).

هذا ومن أهداف الدار نشر الكتب الإلكترونية المجانية ليتسنّى لمحبّي المعرفة أن يحصلوا عليها ويقرؤوها مجانًا.

ومن اهتمامات الدار إصدار مجموعة من كتب الأطفال والناشئة مجانية، تهدف إلى نشر ثقافة عربية تدعم التواصل مع الأطفال في العالم العربي الكبير.

كان الهدف الأول من إنشاء هذه المؤسسة الجمع بين الأصالة والمعاصرة، من خلال الإصرار على التميّز من حيث الإصدارت ونوعية العمل.

أقول إن تحقيق النجاح في أي عمل صعب ولكن المحافظة عليه أصعب. وهذا ما أحاول مع فريق العمل في الدار أن نقوم به لنستطيع الاستمرار في المخطط الذي وضعناه نصب أعيننا. ولكن هذا الهدف يبقى صعب التحقيق إذا لم نجد المساعدة والدعم من المؤسسات الخاصة والعامّة، خصوصًا في هذه المرحلة التي يعاني فيها الكتاب ما يعاني، فأنا من هنا ومن منبركم هذا أوجّه إلى هذه الكوكبة المميّزة لأنادي بدعم معنوي وفكريّ لدَور الكتاب في حياتنا، والمحافظة عليه من هجوم الأنترنت والوسائل الحديثة، وهذا ليس لأنني ضد التكنولوجيا الحديثة، بل على العكس فنحن نحترمها ونستخدمها في حياتنا اليومية والعلمية، ولكن الخوف كل الخوف أننا في الوطن العربي مازلنا مجرّد متلقّينَ لهذه التكنولوجيا ونستخدمها بالطريقة الخاطئة، وأنا هنا أتكلم عن اختصاصي بالطبع، وهو الكتاب، لأشير إلى أن الكثير من الكتب الموجودة على الإنترنت أو على السي دي تعاني الكثير من الأخطاء وهذا بسبب أن القيّمين على هذا العمل يمارسون التجارة فقط دون الاهتمام بالصدقية والعلمية أثناء العمل.

أتمنى ممن يعملون في مجال التكنولوجيا أن يعيروا الاهتمام الأكبر لعلمية وصحّة ما يقومون به، فكيف لنا أن نحافظ على تراثنا ولغتنا وفكرنا إن قمنا بنقل هذه الأعمال العظيمة إلى الوسائل التكنولوجية بطريقة خاطئة. هذا طبعًا يؤدي إلى سرعة انتقال الخطأ وربما في الزمن القادم يزول استخدام الكتاب الورقيّ فيبقى الكتاب الإلكتروني المليء بالأخطاء.

أطرح هذه القضية من على منبركم هذا فهي قضية مهمة وتحتاج إلى جهود الدول العربية متكاتفة للوصول إلى الحفاظ على التراث واللغة، واستخدام التكنولوجيا الحديثة بالطريقة الأمثل.

غريد الشيخ محمد

الجزائر26|5|2022