اتسمت الوجدانيات الرمضانية لدى موريتا نيي المهجر بنسقين مختلفين ففي حين كان المهجري الموريتاني في الدول العربية
يزحزح كآبة الصوم وهموم الغربة..حيث ياْنس إلي بيئة ربانية تتعاظم فيها منارات المساجد ، تصدح فيها الحناجر بتلاوة الذكر الحكيم ، كان غيره في الدول غير الإسلامية يعيش النسق الثاني .
ومع انه لم يكن للشعر الموريتاني حضوره في الوجدان الرمضاني إلا منذ وقت قريب إلا أن البيئة الرمضانية في المهجر أتاحت لأُدبائنا مزاولة اشعار ذات إيحاء بالنسك والإنابة
يقول الأديب أحمد يسلم
عفوك يلي تعطيه اعطيه//
اليان وكتني نبغيه
مان تاكل يكون اعليه//
واجبار يالكريم اطميم
أعليَ، عفوك فاصل فيه//
إنك عفو كريم
ويأتي هذا الگاف احْتفاءا بليلة القدر فلذلك كان تضمين الحديث الشريف “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني” الذي اختصت به ليلة القدر
أما في المهجر الغربي فإن الصائم الموريتاني يتأرجح بين عدة مواقف يري فيها الدكتور عبد الله ولد السيد رئيس بيت الشعر-من خلال إقامة له في فرنسا- أن رمضان في المهجر يجمع شتات المهجريين ويقوي الصلات فيما بينهم بحيث يحدث تبادل للمعارف وتطلع إلي تكثيف الرصيد الديني والثقافي عن طريق البحث في المساجد عن العارفين بقواعد الدين واللغة العربية
أما الدكتور أحمدو ولد اجريفين المقيم في كندا فيرى أن المهاجر الموريتاني يعاني صعوبات أهمها:
البيئة النسائية التي يغلب عليها التبرٌُج وهو ما لايناسب الصائم .
- طول اليوم الذي يصل أحيانا إلي ثمانية عشر ساعة
- تباعد المسافة بين سكن المهجرين والمساجد احيانا….
غير أنه رأى في محاضرته في ندوة لبيت الشعر أن كل ذلك لم يمنعهم من الاحتفاء برمضان من خلال بعض الاساليب الادبية ذات الصلة بالنسك والترفيه احيانا مثل الترحيب شعرا أو السجال الادبي ؛ يقول الدكتور احمدو ولد اجريفين
من قصيدة له :
رمضانُ جاءَ فصفَّدَالأشرارا*
والإنسُ في غُرَفِ البيوتِ حَيارَى *
تبقَـى الطيورُبرزقها فيجوِّها*
تَختارُ ماءً أو تُديرُ مَسارا*
ما غيَّرت نهْجَ الحياةِ لعلمِها*
أن الذي خلَقَ الظَّلامَ أنارا *
الخوفُ قد سكنَ القلوبَ فأقفَرت *
و ازورَّ أمْنُ الكاذبينَ وطارا *
و المُلحدون تَوَسدوا بهمومهم *
خِرَقَ المقالِ و غيَّروا الأدوار *
اليوم يَسأل مُلحدٌ عن ربِّهِ *
و يَعوذُ سِرًّا أو يَعوذُ نَهارا *
ولايتوقف الشاعر ولد اجريفين عند حد الاحتفاء برمضان بل يتدفق شعره تحنانا إليه
مرحبا جئت.. عمت ..يا رمضان
يا زمانا يغـار مـٰنه الزمــان
وإذا لم يكـن مكانـيَ قــدسًا
فبقدس الزمان يزهو المكان
هـذه الروح تشـتـهي نفحات
منك تاتي يحلو بها الهيمان
وهي ظمأى إليك عشرا وشهرا
فلـتعـجّـل بالأوب يا رمـضـان
وإذا كانت الأبيات تشع بالحنين لعَودة رمضان فإن أساليب الموريتانيين الادبية لم تترك رمضان ينجوا منها …
وتدل المشاعرة الحسانية بينه مع صديقين هما الاديب جعفر الكباد والاديب الدكتور محمد المامي عمي علي ان هواجس الغربة قد لاتنسي المرا موروثه الثقافي والادبي
موضوع المساجلة وعد (تنكفارت (بهدية من “أوتاوا ” في كندا إلى جعفر
هـــاذ هــدية رمـــزيّ
گطـرت تمسيكه عليّ
هي ظرك البين أيديّ
يجعفر هــاديلك بيهَ
وامّ هـــديــٌة زُمْـنـيّ
والله بعــد ألّ ساويه
يغير الْ مَــزال ؤراي
من عمرِ راجِ نقضيه
واگبظها، إن الهدايَ
عــلى مقدار مهديه
جعفر كباد
الكُراص أفرح واتلومَ
بامْجيك ؤ فرح لقلومَ
والتيفلوات المعلومَ
كانت تتْحراك تْجيها
والريان وذيك الحومَ
وامٌَاكر كنت اتناجيها
بغناك الخط ؤلخشوم
ولعْگل ..وِاكيد .. تبكيها
ويبدو ان الدكتور محمد المامي لم يعجبه اقتصار الوعد بالهدية علي جعفر دونه معتبرا ذلك غباء وهو ما يعبر عنه بالحسانية (گلت لعْقل)
فقال
د. محمد المامي:
هذا لكْتبتو، ماهِ مينْ
واسو لاتم الٌا ينعلْ
زين، ؤهذا لحكيتُ زينْ
يغير المشْكيله لعقل
د. أحمدو ولد اجريفين
ما نگبل يلحس حد أرگط
وإگول انّ فين لعقلْ
مشكيلة، قلْ، احنَ ما گط
يبويَ فينَ لعقل قلْ
د. محمد المامي
اغناكم، ما فيها نفاق
زين اِبان اعل لعقل دل
واعل زين الطبع ولخلاق
واعل ش كامل متعدل
د. أحمدو ول اجريفين:
گافك ياللي عنّ لا مت
مرادك منُّ متعدّل
وأفطن گولانك عن ش متـ
ـعدّل متعدّل متعدل
تتعزز المشاعر الوجدانية للموريتانيين في الغربة إلا انه لم يكن لمواسم الصوم شأن في سجالاتهم الأدبية غير ان المهجر الذي اتحفنا بمدرسة ادب المهجر في مطلع القرن العشرين ، قد يأتي بأدب موريتاني مهجري جديد