قربا مواعين "الذهبي "مني! / محمد المختار الفقيه

جمعة, 08/23/2024 - 03:11

 محمد المختار الفقيه

 

 

قصة الشاي، بل قصتنا مع الشاي..

يا لها من جدلية خالدة تلك التي نسجت خيوطها شعيرات الشاي الصيني الأخضر!

لكأنما نحن صنوان كما النخلة صنو أبينا آدم!

أَيَحلو سَمَرٌ من دون كأس شاي؟! أَوَ يكمل قِرى أو ضيافة دون كأس شاي منعنع هنا أو "أمرد" هناك؟! أَوَ تطيب رحلة دون مواعين الشاي في الرَّحْلِ أو في الحقيبة؟!

أَوَ تشرق شمس على خيمة في الفلاة أو على بيت عامر دون أن تكون مواعين الشاي قد أعدت ليبدأ يوم مبارك لعائلة معدمة أو أخرى غنية لا تستغني عن "روزة"من أتاي الصباح؟

أَوَ يعتدل مزاج عامل بناء، أو نجار، أو تاجر، أو بائع مواش، أو كساب، أو صاحب مكتب، دون احتساء الشاي منعنعا أو غير منعنع بحسب العادة أو لفرط المخالفة؟!

لا تتناهى التساؤلات المشفوعة بعلامات الافتتان والتعجب؛ بل تتقاطر كقطرات الشاي المنسكب من براد "صالح"!!

و يرسم لنا شاعر سوسي يدعى إبراهيم أو الحسين نايت اخْلفْ، المنحدر من أصل حرطاني، و كان فخارا ثم تفَقَّه صورتين سورياليتين لطقس الشاي:

الأولى: الشاي : "هو الكون بأرضه و سماواته : الصينية هي الشمس، والبراد هو القطب وسط السماء، والكؤوس هي النجوم، و المجمر هو الجحيم"!

أما الثانية فالشاي هو" ... الفضاء الذي يلتقي فيه المؤمنون لعبادة الخالق في أوقات مضبوطة دون سقف الجامع وجدرانه؛ فالمجمر هو المئذنة، والمقراج هو المؤذن، و البراد هو الإمام، والكؤوس هي جماعة المؤمنين"!

لم تستقر للشاي تلك المكانة السامقة دون معارضة؛ فقد صاحب دخوله جدل فقهي ساخن بين محرم و محلل و مضرب عن الحكم، ولست هنا بصدد نثر غبار تلك المواجهات، لكن من أطرف ما وقفت عليه صورة لمخطوط موريتاني يعود للعقد الثاني أو الثالث من القرن العشرين، عُثر عليه في إحدى الخزانات الاسبانية منسوبا للشيخ أحمد حامد بن محمد من آل عمر بن بيج استامت صاحبه في الدفاع عن حرمة تعاطي الأتاي معددا مضاره المادية و الجسمية ورادا حجج المبيحين المستدلين بأن " الفقيه شربه، و ابَّاه شربه مرة أو مرتين، وشربه أحمدُ بنب...و الشيخ سعد أبيه، و الشيخ ماء العينين شربه…!

مالنا ومطارحات فقهاء ليس لنا من صفاتهم غير اسم على غير مسمى؟!

قربا مواعين "الذهبي "مني!