
شَوْقًا لِمَرْآكِ كَمْ تَهْفُو لَكِ الْمُقَلُ
إِذْ تَحْتَسِي مِنْ حُمَيَّا سِحْرِكُ الْأُصُلُ
مَا بَالُ مُرَّاكِشَ اعْتَادَتْ تَوَلُّهَنَا
وَمُدْمِنُ الْعِشْقِ قَدْ يَدْنُو وَلَا يَصِلُ
هِيَ الَّتِي فِي شِغَافِ المَاءِ وَالِهَةٌ
إِذْ يَرْقُبُ السَّهْلَ فِي إِخْبَاتِهِ الجَبَلُ
مِنَ الصُّخُورِ عَلَى الْأَنْهَارِ طَالِعَةٌ
يَجْتَالُهَا فِي مَدَاهَا الفَجْرُ وَالطَّفَلُ
حَمْرَاءُ مِثْل شِفَاهٍ أُشْبِعَتْ قُبَلًا
وَاللَّيْلُ تَحْتَ سُتُورِ الوَجْدِ يَعْتَمِلُ
يَا حُمْرَةً فِي ضِيَاءٍ شَاعَ رَوْنَقُهَا
فَاحْمَرَّ مِمَّا اكْتَسَاهَا الْحَلْيُ وَالْحُلَلُ
هَلْ تَلْمَسِينَ يَدًا هَامَتْ عَلَى وَتَرٍ
مِنْهَا الْبَنَانُ فَهَامَ النَّبْضُ وَالْجَذَلُ ِ
إنَّ الَّذِي هُوَ فِي جَفْنَيْكِ مِنْ أَلَقٍ
مِثْلُ الَّذِي هُوَ فِي خَدَّيْكِ يَشْتَعِلُ
فَاغْمُرْ حَشَاكَ بِفَيْضٍ مِنْ مَفَاتِنِهَا
وَلَا غَضَاضَةَ حَتَّى تَبْرُدَ الْغُلَلُ
مِنْ خَمْرَةِ الضَّوْءِ إِذْ تَزْهُو بِهَا شَفَقًا
كَأَنَّهَا مِنْ غُرُوبٍ زانَهُ الْخَجَلُ
هَبَّ النَّسِيمُ عَلَى أَشْجَانِ مَنْ سَكَنُوا
قَصْرَ الْبَدِيعِ فَهَلْ يَبْكِي لِمَنْ رَحَلُوا
هَلْ غَادَرَ الرَّكْبُ أَمْ مَرُّوا عَلَى وَجَلٍ
أَمْ لِلرَّوَاحِلِ عَنْ أَغْمَاتَ مُنْتَقَلُ
يَا خَطْرَةً لِابْنِ تَاشِفِّينَ قَدْ غَرِقَتْ
مِنْهَا الفِجَاجُ وَغَاضَتْ تَحْتَهَا الدُّوَلُ
هَلْ يَرْجِعُ الْغَيْبُ مِنْ ذَاكَ الْهَوِيِّ صَدًى
خَيْلَ ابْنِ يُوسُفَ وَالْأَبْعَادُ تُخْتَزَلُ
لَا رَيْبَ فِي الْأُفْقِ مَا دَامَتْ تُسَوِّمُهُ
مِنْهَا الْحَوَافِرُ لَا زَيْغٌ وَلَا زَلَلُ
مَا زَالَ فِي الرِّيحِ رِكْزٌ مِنْ وَقَائِعِهَا
وَالسُّوحُ تَشْهَدُ وَالذِّكْرَى لَهَا زَجَلُ
وَلِلْعَوَاصِفِ فِي أَرْجَائِهَا رَهَجٌ
وَلِلْغُيُوثِ عَلَى أَهْدَابِهَا سَبَلُ
هَلْ كَانَ فِي الْحَوْزِ مِنْهَا غَيْرُ مَلْحَمَةٍ
مُرَتَّلٍ فِي مَدَاهَا السَّيْفُ وَالْأَسَلُ
لِلسَّاكِنِينَ رَحِيقُ الْعَيْشِ فِي دَعَةٍ
وَلِلْعَدُوِّ إِذَا مَا أَقْبَلُوا شُعَلُ
وَقَدْ قَضَى النَّحْلُ إِذْ يَبْنِي مَبَاءَتَهُ
أَنْ لَا يَزَالَ هَنَاكَ الْوَخْزُ وَالْعَسَلُ
هَلْ طَائِفُ الجُوعِ لَا يُلْفِي بِهَا ثَمَرًا
أَمْ لَافِحُ الْحَرِّ لَا تَحْنُو لَهُ الظُّلَلُ
مِنْ ذُرْوَةِ الْأَطْلَسِيِّ الْمَاءُ مُدَّفِقٌ
وَلِلْقَوَافِلِ فِي الصَّحْرَاءِ مُرْتَحَلُ
كَأّنَّمَا الْمَاءُ تَهْدِيهِ شَوَاهِقُهَا
أَنْوَارُهَا وَهْيَ فِي الْبَيْدَاءِ تَنْهَمِلُ
لَمْ يَبْقَ فِي اللَّيْلِ مِنْ ظَلْمَاءَ نَائِيَةٍ
إِلَّا وَكَانَ لَهَا مِنْ نُورِهَا نَهَلُ
تَمْضِي الْقُرُونُ فَهَلْ تَشْجِيكِ وَحْشَتُهَا
أَمْ آنَسَتْكِ يَدٌ بِالنُّورِ تَحْتَفِلُ
قَامَ الرِّبَاطُ عَلَى تِلْكَ الثُّغُورِ بِهَا
وَقَامَ فِيهَا الرِّجَالُ السَّبْعَةُ الْأُوَلُ
لَا تُنْكُرِي شَفَقِي أَنْ ضَاعَ مِنْ أَسَفِي
بَعْضُ الَّذِي نَسَفَتْهُ الرِّيحُ وَالسُّبُلُ
مَا بَالُ تَلْكَ اللَّيَالِي غَيْرَ نَاسِيَتِي
سِرِّي أَسِيفٌ وَجُرْحِي لَيْسَ يَنْدَمِلُ
كَمْ أَسْرَجَتْ مِنْ خُيُولٍ مِنْ شَوَاغِلِهَا
نَدْمَى بِهِنَّ وَلَا يَدْمَى لَهَا شُغُلُ
وَمَا تَزَالُ عُيُونُ الْأُفْقِ حَائِرَةً
حَفَّتْ بِهَا الْبِيدُ إِلَّا أَنَّهَا أَمَلُ.










