إذا كانت الدارجة الحسانية قد سادتْ منطقة السهل -الساحل- والصحراء دون
أن تكون لغة حكم فاتح مهيمن ذي دولة و سلطان ،كما هو معروف في تاريخ
الأمم ، فإن ذلك يعودُ ،بعد الدين الإسلامي السمح وأخلاق حمَلته التي تُغري بتمثل سجاياهم و أداتها التي هي لغتهم،فإن تحولها إلى دارجة ذات قيم جمالية لها مقاييسها فنا وإبداعا و تطريبا وجدانيا يضمن مخامرتها الشعور و الذات الجوانية ، وتشكيلها -بالنتيجة - لوعي و ذاكرة جمعية صهرت أعراقا و أمما و بقايا أخرى وقولبت انتماءهم فى وحدة قزحيةاندماجية ،بديعة
كانت نتيجتها هذا الجتمع البيضاني و فنه و أدبه و منظومته اللتي من أروعها "الناس بيظان والديقة ماهي خالقه"؛فإنه يعود كذلك وبنصيب وافر إلى رواد من نفس الأرومات ، ابتدعوا "الهول" و "نظروا له و بدعوا له القول فنظموه ونشروه وهجنوا له الآلات وطوعوها في إتقان وسرعة توليدٍ لم تتجاوز أربعمائة سنة من إرهاصها الأول إلى اليوم، إنهم "القوالة" أو "الشعار" أو "إيقاون" أو أهل "الظفر" أو - بالمختصر المفيد - من حفظوا لنا ذاتنا وشحنوها بالجمال والرقة
والعذوبة وشحذوها بالمثل العليا في الرجولة والشهامة والذب عن العرض والأرض .
فمن كنا سنكون بدون ما أبدعوا ويبدعون.؟
إننا ننشدُ "بيت حرب" تحية لأيقاون نيابة عن كل المجتمع الموريتاني المعترف بجميلهم "الجميل"..