الشاعرة خديجة بنت عبد الحي.. الرائدة والمجاهدة

أربعاء, 03/07/2018 - 01:33

بقلم دفالح الحجة الكيالي

 

خديجة بنت عبد الحي

ولدت الشاعرة خديجة بنت عبد الحي في سنة \ 1965 م في منطقة (المذرذرة ) من ولاية ( التررازة ) في ( موريتانيا ) وتلقت تعليمها الاولي في بيت والدها العلامة عبد الحي ولد التاب الذي كان عالما جليلا ألف في العلوم الفقهية والعربية وكان شاعرا بليغا ثم التحقت بالتعليم النظامي وحصلت على شهادة الباكالوريا وواصلت دراستها وتخرجت من المدرسة العليا للتعليم حيث عملت مدة بعد تخرجها في حقل التدريس وثم عملت أمينة مكتبة بالمكتبات المرتبطة بوزارة الثقافة ثم انتقلت الى الجزائر فعملت مدرسة في المدارس الثانوية الجزائرية وكذلك وحضرت لدرجة الدكتوراه في الأدب العربي الا انها توفيت قبل مناقشتها فقد وافتها المنية رحمها الله في عام 2004 بعد معاناة مع المرض في عام 2003 وهي في عز الشباب ولم تبلغ الاربعين من العمر .

. لقد كانت خديجة بنت عبد الحي كاتبة وأديبة وشاعرة وصحفية ولها نتاج كثير في الشعر والنثر غزير نشرت قسما منه في كثير من الصحف المحلية والعربية مثل صحيفة الشعب وصحيفة الشروق وصحيفة المحيط ووصحيفة الموكب الثقافي ووصحيفة الرباط الثقافي وغيره كثير ولها كذلك كتابات في مجال القصة والرواية، كما لديها ديوان شعري وايضا في مجال الكتابة الصحفية وقد صدر لها كتاب بعنوان (نقوش على جدران الحافلة) يحوي ما يقارب الثلاثين مقالا صحفيا في اغلب المجالات الفكرية والأخلاقية كتبت فيها عن المرأة وعن القيم وعن الأخلاق والسلوكيات السائدة في المجتمع وعن التربية وعن الفكر والحرية والأدب، وغير ها من الموضوعات المهمة،وقد طبع هذا الكتاب في حياتها عام 1999م
يتسم نتاج الشاعرة خديجة بنت عبد الحي بقوة اللغة وبلاغتها والتجديد في الأساليب المعاصرة او المعاني الشعرية وخيالاتها الشعرية فقد كتبت مختلف الأنماط الشعرية من الشعر العمودي والشعر الحر. 
وكانت من أوائل الشاعرات الموريتانيات اللواتي اشتهرن بشاعريتهن بجدارة وتفوقن على النقد الادبي بالإبداع بشهادة النقاد المعاصرين. و كان لها حضور وتواجد كثيف في الساحة الشعرية وشاركت في مختلف المهرجانات والمناسبات الوطنية، وقد نشرت بعض قصائدها في (معجم البابطين) الذي صدرعن هيئة (البابطين الادبية )في الكويت في أواخر التسعينيات. ومن شعرها قصيدة (الأرجوحة) تقول فيها : 
وأتيت أسقي النخلة الفيحاء
يكبر ظلها في داخلي 
وتضيع صورتها في الأفق المكفن في الغيوم 
أبحرت أشرعتي حباب الرمل في الريح السموم
نبض تواتر في غرام تمزقي 
إعصار أمسى في تهدج لجه بلج الأصيل
يخبو صداه على مشارف زورقي 
عينان تستبقان في الأفق السحيق
ثقبان يحترقان فى الأفق الغريق
بيني وبين أكومة الرماد يتثائب الإعصار
من حين لحين 
ومن شعرها قصيدةSad أنشودة الصحراء ) نقتطف منها :

نــــشــــــيـــدا لحـــنـــه لا يـــنـــــــفـــد 
أسكـــــــب الـصـــــــمت معـــينا يــولـد
كــــل مـــــا مـــــات أراه يـــــولــــــــــــد 
عـــبـــق الذكـــرى تـنامـــــى حلمـــــــا
يـــــــــتــغـــــــــــنــى في فـــضــاها الــهدهد 
فـــعشـــقـــت البـــحـــــــر والصــــحرا
إذا بــــعيـــــــــون الصــــخــــر إذ تـــســتـورد 
وصـــــــــدى "ديـلـــول" يـــحـــدو
نــوقـه مــــــرقـــــبـــــات فــي فـــضـــاها تـرصد 
وعــــــنـــــاق الــــنــخـــل يـحـمـي أفــقــى
يــــتــــجلـــى فـــــي فــضــــاها الســــؤدد 
وخــــــــيـــــامـــا خـــــفـــقــت أطــــنـــابها
يـــــــضـــرم الحــــب وقـــلــبـــي مـــوقـــد 
ورأيـــت البدر قــــرصـــا نــــــــــابــــضـا 
وضـــــــــفـــــاف البـــــحــــر رمـل مـزبد 
شـــــــــاطـــــئ الــــبــــحر حــصـــاه لؤلؤ 
هـــــــــذه الآمـــــــال لا تــــســـــتـــنفــــد 
أفـــــــــق الصـــــــحــراء مـــــــا أروعه 
غـــــضــــة والــــبـــدر فـــــيهـــا يــشــهد 
هــــــــــــــذه الآفــــــاق تحـــكي قــصتي
كــــل مـــــا مـــــات أراه يـــــولــــــــــــد

ومن ومن روائع اقوالها: 
( إن كل ما يحصل عليه الإنسان بدون جهد ينبغي أن ينظر إليه نظرة تحفظ ومراجعة فثمة حقيقة ثابتة هي أن الإنسان يأخذ بقدر ما يعطي فإذا ظل يأخذ بدون أن يعطي تردى في هاوية الذل والتبعية و وحرم من نسيم الحرية أحرى أن ينعم بالسعادة التي هي غاية تطلب فلا تدرك). 
: تقول في شعرها الحر :
... فبالأمس زارت جحافل زرق العيون
من الغرب تمتص ماء الغصون
تُناول سما بطعم الرحيق
وحلوى بطعم الحريق
فأغلقت كهفي علي ولذت بنوم عميق
* * *
أطلت الهجود
بليل الكهوف
أناجي الضريح وأدعو المطر
وأحرس سجادتي رغم كل الظروف
* * *
عراجين نخل أبي ذاويه
يحاصرها الرمل في ساحة الكهف
فتحنو على واحة الذكريات
وسجادة الأم ضاعت
فأين تكون؟
* * *
ولكنني ضعت بين الدروب
وبين الطلول وقاع السراب
فيا زورقي أين منك الشراع؟
شراع يهز القلاع
ويبني القلاع

وتقول ايضا :

طارت الخيمة خلف الزوبعه
نضب الينبوع من عين السحاب
وبقينا ننزح البئر الضنينه
تترامى تحت أقدام الحصى
قطرات من عيون الضارعين
حمما نامت بشطآن الضريح
مرقصا للجن في ليل الشتاء
* * *
وسألت الرمل عن أطلال قومي
قال: أيضا سافرتْ
وسألت الهدهد الراحل عني
فرّ مني هدهدي إذ قال إني لم أعد أسطيع ذبحه
* * * 
هبط الطائر من كف السحاب
معلنا لي أن إكسير الجروح
في يد الجني مبتور الذنب
ودعاني للنزول
بين أكوام الرماد
نزل الطائر بي في ساحة الجن سبيه
ودعاني سيدي للمائده
سيدي يخبرني أن سوف يعطي
سوف يعطي الأمر للغيث بأن ينزل في أرضي البعيده
سوف يعطي الأمر للتفاح أن ينبت في صحراء قومي
عند ما أعمل في القصر وصيف

: من الشعر العمودي تقول

أأشند الشعر والحرف الجريح خبا 
في ترعة من جليد الصمت منتحبا؟!
ما باله مبحرا في فلك أخيلتي 
يمتص من وجعي ما ظل محتجبا
يدق باب القوافي هل سيمهلني 
حتى أرتب أشيائي واحتجبا
طمس) الكلمة الغرقى بحنجرتي) 
هواتف تخنق الإلهام إن سكبا
من أين أسكب في كأس الرضيع حلبيا إذا 
يبكي حليبا وهل يعطي البكا نخبا؟
من أين أستل للطفل الرغيف إذا 
يأوي أصيلا يناجي الحظ مكتئبا؟:
أم كيف أنسج من فيض الحنان كسى 
تقي الوليد سياط البرد إن غضبا؟
تحدرت دمعات البؤس من حدق 
غرقى بليل هموم مضرم لهبا
يمشي الغراب بها إذ يستزيد(طمس) 
دما حمام الربا ما زال مختضبا
داري همومك بالصبر الجميل أما 
علمت أن على أنشودتي رقبا؟
ومن روائع ابياتها: 
الخط يبقى زمانا بعد موت كاتبه 
وصاحب الخط تحت الترب مدفونا
واضف اخيرا ان الشاعرة استطاعت الخروج من بيئتها المحافظة متحدية كل السلبيات الاجتماعية شريفة نقية موظفة رصيدها الثقافي في خدمة بلدها والإشادة به في العديد من المناسبات الوطنية والدولية فهي تعد من أهل الوفاء،والامل الذين تجشموا عناء التعب والجهاد في سبيل اعلاء كلمة الادب العربي والجوهر الإنساني بقدراتها الفكرية والجسمية،وكانت بعيدة عن كل الفوارق الطبقية وكان سبيلها دوما سبيل المعرفة في العطاء الشعري والأدبي.. 
رحم الله شاعرتنا واسكنها جناته