د. عبد الله السيد (*)
اختتمت قبل دقائق أعمال مهرجان الشعر العربي في دورته ال 16؛ حيث كانت الشارقة، كعادتها، ملتقى لشعراء العربية وأدبائها ونقادها.
ثلاثون شاعرا وثمانية نقاد ورؤساء سبعة بيوت للشعر من خارج الإمارات، ومجموعة كبيرة من رجال الإعلام والمثقفين والشعراء والفنانين حضروا من داخل الإمارات.
خمسة أيام كانت حافلة بالنشاط، مرت كلحظة عابرة: كانت القضية النقدية التي أثارها النقاد هي "إشكال التناص في الشعر الحديث والمعاصر"، أما الجلسات الشعرية فتعددت أصواتها، مبرزة في كل جلسة مستوى شعريا رفيعا؛ يدل على عناية كبيرة بذلت في اختيار الضيوف.
وإذا تجاوزنا إحكام التنظيم، وكرم المضيف وحرص سلطات إمارات الشارقة جميعها؛ وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة على نجاح المؤتمر ، وهي أمور عهدناها في كل الدورات السابقة نجد أن هذه الدورة قد تميزت بأمور منها:
- زيادة حضور الشباب وتميز مشاركتهم الفنية؛ الأمر الذي يعني أن العناية التي يوليها صاحب السمو لهذا الفن، والتي دفعته إلى تأسيس بيوت للشعر العربي في المدن العربية تشجيعا للشعر ولغته، قد بدأت تؤتي ثمارها.
- زيادة حضور المرأة، شاعرة وناقدة، ومنافستها للرجل في الإبداع والتنظير، والنقاش وإدارة الجلسات؛ بصورة تبرز إحكام التحضير الذي اضطلعت به طواقم دائرة الثقافة حتى تكون هذه النسخة دليلا على أن المرأة العربية من المحيط إلى الخليج لم تعد على ذلك الواقع الذي تصوره بعض التقارير عن المشهد الاجتماعي العربي.
- اطلاع المشاركين في هذه الدورة على العناية التي يوليها صاحب السمو للتعليم الجامعي من خلال زيارتهم للمدينة الجامعية، واستقبال الجامعة القاسمية لجلسة من جلساتهم الشعرية؛ في وقت متزامن مع حضور صاحب السمو حفل تخريج دفعة من جامعات أخرى في نفس المدينة الجامعة. ولن يغيب عن المشاركين أن طلاب الجامعة القاسمية التي احتضنتهم ينتمون إلى دول عربية وإسلامية متعددة، وأن شعار الجامعة "شارقية الموقع عالمية الرسالة"، تماما كحال المشاركين في مهرجان الشعر العربي؛ جاءوا من كل فج عميق، جمعهم الاهتمام بفن واحد، ووحدت بينهم أيام جميلة قضوها في ضيافة كريمة من إمارة؛ رسالتها بناء الإنسان بثقافته وعقله وعلمه وقيمه لبناء الوطن واستعادة مجده.
- لا يمكن أن يخفى على المتتبع الحصيف تلك الوشائج التي نسجت بين المشاركين في هذه الدورة؛ مما يعني قدرة هذا الفن وهذه التظاهرات على تقوية أواصر الوحدة والتواصل بين المبدعين بلغة الضاد شعراء ونقادا.
- في الوقت الذي كنت وأمثالي من المشاركين في إدارة بيوت الشعر العربي نشعر بما تبذله هذه الإمارة من تكاليف في هذه التظاهرات، وفي تأسيس بيوت الشعر والإنفاق عليها، وتنظيم مهرجانات للشعر بالموازاة مع هذا المهرجان أسر إلينا رئيس دائرة الثقافة بإقدام صاحب السمو، أطال الله عمره، على إطلاق مشروع ثقافي آخر؛ تحتاجه الثقافة العربية إلى جانب مشروع بيوت الشعر؛ فرحم الله من قال:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
- ماذا عسانا أن نقول في ختام هذه التدوينة سوى شكرنا صاحب السمو على هذه الأعمال الجليلة، وعلى تثميننا لبرامج طاقم عمله في دائرة الثقافة من رئيسها سعادة عبد الله محمد سالم لعويس، مرورا بمدير الثقافة فيها محمد القصير، فرئيس بيت الشعر الشاعر محمد عبد الله البريكي.
والحمد لله أولا وأخيرا أن من علينا بلقاء هؤلاء الخيرين، وشرفنا بمشاركتهم تنفيذ هذه المشاريع الكبيرة في هذه اللحظة من تاريخ أمتنا.
(*) مدير بيت الشعر في نواكشوط