اختتام فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان نواكشوط للشعر العربي

أحد, 02/18/2018 - 01:27

أكثر من 20 مشاركا، و 4 أماس شعرية، وجلسة علمية وفيلم وثائقي وسمر فني وأدبي، وحفل توقيع 4 كتب لمبدعين موريتانيين

 

(إيجاز صحفي)

كما قال أحد أبطال محمود المسعدي "كما انتهى لنا نهار فليبدأ نهار من جديد إن شاء الله". بهذه العبارات ذات الحمولة القوية، أعلن الأستاذ الدكتور عبد الله السيد مدير بيت الشعر - نواكشوط مساء أمس الخميس اختتام فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان نواكشوط للشعر العربي، التي سجلت مشاركة أكبر وحضورا جماهيريا أوسع من الدورتين السابقتين.

وجرت وقائع الحفل الختامي بحضور كل من الشاعر محمد عبد الله لبريكي مدير بيت الشعر بالشارقة، والأستاذ عبد الفتاح صبري مدير النشر بدائرة الثقافة، ومحمد جنيدي من مؤسسة الشارقة للإعلام، إلى جانب قادة المؤسسات الإبداعية الموريتانية وجمهور غفير غصت به قاعتا الأنشطة بمقر البيت.

وفي كلمته بالمناسبة، توجه الأستاذ الدكتور ولد السيد بالشكر الجزيل إلى حضرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، على مبادرته الفريدة بإنشاء بيوت للشعر العربي في المدن العربية، وعلى مهرجانات الشعر العربي، وتمويلها التمويل السخي، كما توجه بالشكر إلى "دائرة الثقافة بالشارقة على التوجيهات القيمة وعلى المساعدات الكثيرة وعلى تجشم عناء السفر لحضور هذه المهرجانات".

ولد السيد قال إنه يشكر جميع الشعراء والمثقفين والمفكرين على مواكبتهم لهذه النسخة من المهرجان، ونوه بدور الفرقة الفنية الكبيرة برئاسة الفنان القدير عماد الدين دبش، التي أحيت العديد من فعاليات المهرجان، مخاطبا الحضور بعبارة ختامية "نلتقي على الشعر، الحب، السلام".

وبدأ حفل الاختتام بتوزيع شهادات المشاركة على الشعراء الثلاثة الذين أحيوا الأمسية الرابعة لهذه المهرجان، وعلى أعضاء الفرقة الفنية.

وبمناوبة بين الإلقاء الشعري والغناء الطربي، استمع الحضور إلى الفنانة لبابة بنت الميداح التي أدت وصلات من الغناء الموريتاني التراثي والحديث.

وكانت الأمسية الشعرية قد انطلقت، على أنغام العود التي يعزفها عماد الدين الدبش، مع الشاعر محمد ولد المختار ولد أبن، الذي قدم نماذج من تجربته الشعرية، أكدت تمكن الشاعر لغويا وعروضيا، وتمسكه الشديد بالقالب الشعري الكلاسيكي.

يقول في قصيدته " المنزل الأول"، التي يقول فيها:

لا تنكـــــريني يــا ربـا

وطـــن فتقتُ به الصبـــا!

ونشــــأت بين جلالــــه

وجمـــالــــه متقلبـــا

ألهو بحضــــن شعــابـه

شبـــــلا أدلّ وأشغـبـــا

وأجوس صـدر تــــــلاله

وأروض منهــا المنكبــــا

لا تنكـرينــــي إن فـــي

ذيـــاك شيئـــا من غبـا!!

أنا ما أتيـــت ممـوّهــــا

صـــــوتي ولا متنقبـــا

أنا كنـت لــو تدريننــــي

أدنـــى إليـــك وأقربــا

هل تذكريــن زمــــان إذ

كانـت رحابـــك ملعبـــا؟

والراكضيـن بهـــن مــن

سـاح لســــاح أرحبـــا

والسـامريـــن بمُقمــــر

من ليلهـــن على الربــــا

وعصائــب الأطفــــال إذ

يغــــدون ســـربا كالظبا

يتسابقــــون لمركــــب

في الدوح طـــاول مركبــا

ويسارعـــون لمنتــــدى

كــــرة الصـــوالج وَثّبـا

أم هل تذكــرت غليمــــات

جثــل الذبابـــة ألعبــــا

الفاتح الغــــازي حمـــي

حــامي مـــلاعب أصعبـا.

بعد ذلك ألقى الشاعر محمد أحمد المختار ثلاث قصائد من ديوانه، بدأها بقصيدته "أثر العيون"، التي يقول فيها:

"لِعَيْنَيْكِ مَا لاقَى الْفُؤادُ" وَمَا يَلْقَى

وَللشِّعْرِ مِنْ آثار عَيْنَيْكِ ما يَبْقى

تَسَرَّبَتَا في الرُّوحِ كَرْمًا؛ فَلمْ أزلْ

إلى اليومِ مِنْ أنهار خَمرِهما أُسْقى

هما شَمْعَتا شِعري إلى سِدْرةِ الرُّؤى

فكمْ بِتُّ في مِعراجِ طَيفِهما أَرْقى

تَفوحُ حُروفي فِي ادِّكارِهِما شَذًى

وَيَسمو خَيالي في سَمائِهِما بَرْقَا

فَكَكْتُ رُموزَ الكَوْنِ حينَ تَجَلَّتا

وَفُتِّقَتْ الأسماءُ فِي لُغَتِي فَتْقَا

عَرَفْتُ بأنَّ الأرضَ كَانتْ تَدورُ لِي!

وأنَّ السَّما فَوْقِي لِتَمْنَحَنِي أُفْقَا!

 

خاتمة الأمسية الشعرية الموسيقية، كانت مسكا مضاعفا مع الشاعرة السالكة بنت المختار، التي تمثل الجيل الجديد من الشواعر الموريتانيات.

وقرأت بنت المختار نماذج من ديوانها "قطاف"، بدأتها بقصيدة "عَامٌ مَضَى..."، التي تقول فيها:

عَامٌ مَضَى وَالعُمْرُ يَرْكُضُ هَرْوَلَهْ

وَأنَا مَكَانِي مَا أَفَدتُ بِأَنْمُلَهْ

لاَ شَيْءَ غَيْر دَفَاتِرٍ سَوَدْتُهَا

مِنْ ٲحْرُفِي فِي كُنْهِ حُزْنِي مُوغِلَهْ

وَتَطَايَرَتْ أَحْلاَمُنَا حَيْرَى عَلى

دَرْب الأَمَانِي بِالضَيَاعِ مُحَمَّلَهْ.

 

هذا، وكانت الدورة الثالثة من مهرجان نواكشوط للشعر العربي، التي استمرت على مدى ثلاثة أيام، قد انطلقت يوم الخميس الماضي، بحضور سعادة عبد الله محمد سالم لعويس رئيس دائرة الثقافة بحكومة الشارقة، وشهدت هذه النسخة مشاركة أكثر من 20 شاعرا وناقدا وأكاديميا، وتابع الحضور فيها 4 أماس شعرية، وفيلما وثائقيا عن بيت الشعر - نواكشوط، وجلسة علمية حول "الشعر والعلوم الإنسانية"، وحفلا فنيا وأدبيا، وحفل توقيع 4 كتب لمبدعين موريتانيين تمت طباعتها بالشارقة.

يشار إلى أن متابعين اعتبروا أن المهرجان، فضلا عن كشف نسخته هذا العام لشعراء موهوبين كانوا خارج دائرة الضوء، بـيّن بشكل واضح أن التجربة الشعرية الموريتانية المعاصرة تتوزع على مدارس شعرية كثيرة، ربما كان الجامع الفني الوحيد لهذه المدارس هو "قوة اللغة" لدى مختلف أجيال القصيدة الموريتانية، مع أن أحد النقاد رأى أن القصيدة الموريتانية الجديدة بدأت فعلا تتنفس أنسام الحداثة وتسجل حضورها بشكل متزايد على خارطة منافذ التعدد في المضامين والأساليب، ومن دون شك كان للشعراء الشباب تأثير قوي في ذائقة الجمهور الموريتاني المعروف بولائه المطلق للقصيدة الخليلية.