يطرح كتاب “تاريخ التعذيب”، لمؤلفه بيرنهاردت ج.هروود، عدة أسئلة تتعلق بحقيقة تطور الحضارة الإنسانية، والفروق في توحش البشر بين الماضي والحاضر.
وبالرغم من الأسئلة التي يحاول الإجابة عنها، لإلغاء الصورة النمطية، حول “الطبيعة المتوحشة للإنسان الشرقي”، بالمقارنة مع “الإنسان الأوروبي المتحضر”، يجنح الكتاب نحو أخذ دور سجل تاريخي للفظائع التي ارتكبها البشر باسم الدين والعدالة.
وربما من خلال هذا العرض التاريخي يتحول التوثيق إلى جواب عن الأسئلة التي يطرحها الكاتب، وهي أن الإنسان يتوحش عندما يملك بيئة مناسبة لذلك، بغض النظر عن أصله وعرقه.
إذ يعود الكاتب مثلًا إلى شعوب مناطق عربية كانت محتلة من قبل الأوروبيين، وشاع عنها قصص تتعلق بالهمجية، ليكشف عن ممارسات مهينة للكرامة الإنسانية من قبل جنود الاحتلال، دفعت ببعض الأشخاص إلى الانتقام بطريقة بشعة.
ولا يقع الكاتب في فخ تبرير الجرائم، فهو لا يقدم مسوغات لما فعله العرب مثلًا، أو الأتراك، أو الأوروبيون، إنما يحاول تقديم صورة متوازنة للإسهام بزعزعة التصورات الجاهزة عن سكان هذه المناطق، والتي تحكم علاقاتهم حتى اليوم.
وعاد هروود، في كتابه الذي ترجمه ممدوح عدوان، إلى التعذيب في العصور القديمة، ويحاول أن يضع علامات زمنية تتعلق بأحداث أسهمت بتطوير نظرة البشر للتعذيب.
ويسرد لنا الكاتب الطريقة التي انتقل بها التعذيب مثلًا ليصبح وسيلة لتحقيق أهداف السلطة سواء كانت دينية أم سياسية، ليأخذ مشروعيته من قرار الرجال الذين هم في سدة الحكم، بغض النظر عن القيم الإنسانية.
ثم ينتقل إلى استخدام التعذيب كعقوبة يرى مقترفوها أنها رد فعل منطقية على خطأ ما ارتكبته الضحية، ويشمل الكتاب أصول التعذيب في الأدب، إذ وصل الأمر بالبشر درجة الاستمتاع بالألم حتى بالأعمال الإبداعية.
الكتاب يعطي دافعًا جديدًا للبحث عن أجوبة تجمع البشر أينما كانوا، وتوحد جهودهم لمحاربة أولئك المختلين والمجانين الذين يفتكون بالإنسان في كل عصر، وباستخدام حجج وأعذار مختلفة.
المصدر: هنا