أفيدوني يرحمكم الله!
عبارة طالما ترددت على مسامعي وأنا أتابع عبر الأثير الإذاعات والقنوات في برامجها الدينية، عندما يجلس الشيخ للرد على أسئلة الناس؛ وهم يستفتونه عن أمور دينهم ومعايشهم.
اليوم وكان الوقت زوالا، اتخذت وجهتي إلى المدرسة العليا للتعليم، كان الوقت وقت الذروة، - وأنا أمر بالشارع المحاذي لبقالة (بانا ابلانه)- حاصرني الباعة المتجولون من أصحاب مبيدات الصراصير والفئران، وربات المساويك والنعناع، والمتسولون.
وكنت محشورة في خط طويل من السيارات، ننتظر الإشارة الخضراء؛ وبين السيارات يوجد بكل راحة؛ ذوو الاحتياجات الخاصة بعربيات وبدون عربيات.
حسبت الوقت دهرا- والشمس في أشدها- ففتحت شباك السيارة لتواجهني وجوه من كل هؤلاء.
ومن بين الباعة والمتسولين، طالعني رجل أسمر يعتمر عمامة تغطي رأسه وسائر وجهه، لم أستغرب فمن المتسولين من هم في ريعان الشباب وفورة القوة.
اشتريت قسرا مساويك ونعناعا، شيعني أصحابه بدعوات أرجو أن تُستجاب،ومددت لبعض السائلين ما تيسر، واعتذرت للباقين.
وفي هذا الوقت فتحت الإشارة الخضراء، وكأن رحمة تنزلت من السماء، وارتفعت مزامير السيارات من خلفي تستعجلني، فانصرف الجمع إلى السيارات الموالية، وبقي الشاب متشبثا بدفة السيارة، ليقول لي: "هل تعرفين من يبحث عن الحلال؟"
لقد اعتدت في الشارع المُسائلين أنواعا شتى؛ فمن سائل هل أرغب في بيع أوشراء ذهب أو فضة، ومن مستفسر عن رغبتي في تبديل العملات، ومن عارض خدماته لتنظيف السيارة، ولكن السؤال عمن يبحث عن الحلال صادفني لأول مرة منذ إقامتي بالعاصمة.
لم أفهم مدلول الكلمة؛ رغم أني اعتدتها في زيارتي بعض بلدان شرق آسيا، معروضة على واجهات المطاعم ومحلات بيع اللحوم؛ حيث تقرأ (هنا محل بيع لحم دجاج حلال)، أو (هنا محل بيع لحم بقري حلال)، وحتى (هنا محل بيع سمك حلال).
أما الحلال بدون موصوف ولا تحديد فلم أفهمه، ولم أستوعب حتى الساعة دلالته؛ فكرت مليا في السؤال واستنتجت -لا شك- أنه مصطلح تجاري جَـدَّ أثناء غيابي عن البلد، وأصبح له عارضوه وزبناؤه