شنقيط ووادان وتجكجة جواهر الصحراء الموريتانية المهملة، فهل يمكن أن تكون في عودة السياحة من جديد استعادة لألقها.
في شنقيط يفسحون الطريق لحمار يجر عربة في أزقة المدينة العتيقة التي توجد بها مئذنة يعود تاريخها للقرن الثالث عشر بالإضافة إلى آلاف المخطوطات بعضها في حالة يرثى لها. مخطوطات تحتفظ بها العائلات مكتوبة من قبل علماء الفلك ورجال الدين والمحامين والتجار منذ سبعة قرون. كانت المدينة هي المدينة الإسلامية السابعة المقدسة. حيث يتجمّع الحجاج في طريقهم لمكة. كما أنها محطّة تجارية تأتي إليها القوافل من الشمال وتغادر نحو الجنوب تحمل بضائع مختلفة.
لم تكن هذه الأمواج البطيئة في القوافل تجارية فقط. من الواحات إلى الواحات تم تبادل العلوم والقصائد وهذا الإسلام المالكي المغروس في قلب الصحراء من قبل الواعظين القادمين من الشمال. فلا عجب أن شنقيط حصلت على لقب "جامعة السوربون الصحراء" كما أن موريتانيا كان يطلق عليها بلاد شنقيط.
اليوم أصبحت هذه المدن أطلالا تحت تهديد الرمال، وذلك بعد أن حوّل الاستعمار الفرنسي التدفقات التجارية إلى الساحل وتلاشت القوافل. كما سدّد الجفاف في السبعينات الضربة القاضية لهذه المدن بعد هلاك القطعان وجفاف المحاصيل. وهكذا فرّ السكان إلى العاصمة نواكشوط ولم يعد بالمدينة سوى 5 آلاف ساكن. وقد سعت الدولة بالتعاون مع منظمات دولية للحفاظ على تراث المدينة وذلك في برنامج أطلق سنة 2003.
لكنّ الرئيس محمد ولد عبد العزيز عبّر في عام 2017 عن أسفه لعدم نجاح هذا البرنامج مرجعا ذلك إلى عدم وصول التمويل وبطء تعقيد الإجراءات. وأضاف: "نحن نحاول الحفاظ على الحياة في هذه المدن التي لديها موارد قليلة، وهذا يدخل في صميم مشروعنا الثقافي الاجتماعي الطموح الذي يحيي تراثنا العربي والأفريقي ويقوي وحدتنا الوطنية". ويقدر محمد الأمين ولد الشيخ وزير الثقافة أن هذه المهرجانات قد زادت بنسبة 15 بالمائة من النشاط في تيشيت و 20 بالمائة في ولاتة و 30 بالمائة في شنقيط و 45 بالمائة في وادان. لكن يومين أو ثلاثة أيام من الاحتفالات في السنة لا تسمح باستدامة الوظائف أو ضمان ولادة هذه المدن.
فهل السياحة هي الحل؟ أن يتم إنعاش هذه القرى الصغيرة بجرعات صغيرة من السياحة ليعود إليها ألقها الذي جلته لها القوافل ذات يوم. هذه السياحة عادت مجددا بعد عشر سنوات من توقفها الكامل بعد اغتيال أربعة سياح فرنسيين قرب ألاك. حيث يسعى الفاعلون لأن تكون هناك رحلات أسبوعية من فرنسا إلى آدرار بعد سماح الخارجية الفرنسية بذلك.
وفي غياب إحصائيات عن عوائد السياحة الصحراوية، يقول ليونيل هاباسكي، الرئيس التنفيذي لشركة أراضي المغامرة فإن هناك "12 رحلة مقرّر لهذا الموسم [ديسمبر 2017 - أبريل 2018] مع طائرة تسع لــ 140 راكبًا تكون ممتلئة بنسبة 80 بالمائة، وهكذا فإن العوائد المباشرة هي حوالي 600000 يورو، أو 50 بالمائة من سعر الرحلة الذي يصل لما بين 1000 و 1300 يورو."
وإذا انتقلنا إلى موسم العام المقبل، من منتصف أكتوبر 2018 حتى نهاية مارس 2019، ستضاعف الفوائد إلى 1.2 مليون يورو. وقبل عشر سنوات، ومع ثلاث رحلات أسبوعية، كانت العوائد تصل إلى 3.6 مليون يورو. السياحة الصحراوية لن تكون أبداً سياحة جماهيرية، ولكنّ لها فوائد في هذه المنطقة حيث يعيش الكثير من الناس تحت خط الفقر، بأقل من 2 يورو في اليوم.
ترجمة موقع الصحراء
لمتابعة الأصل أضغط هنا