أدي آدب
هكذا عنونْتُ هذه القصيدةَ، التي ألقيتها في ختام مسابقة أمير الشعراء، موسم 2008م، غيرَ أنَّ بعضَ الجمْهور يَطلبونَ مِنِّي نشْرَها دائما، مُعَنْونِينَ إياها،بـ«آتِي»، وفي ذلك إدْراكٌ نَقْدِيٌّ لِسِرٍّ فَنِّيٍّ لمْ أشْرَحْهُ منْ قبْلُ، وهو أنِّي بَنَيْتُ قافيةَ القَصيدةِ ورَوِيَّها علَى «آتِي»، وكَرَّرْتُها حَتَّى فِي بِدَايَاتِ الأبْياتِ قبْلَ نِهاياتِها، نِكَايَةً وتَحَدِّيًا للَجْنَةِ التَّحْكِيمِ، لَيْلَةَ التّتْويج، أقُولَ لهمْ عبْرَ هذه اللاَّزِمَةِ: لقدْ أجْهَدْتُمْ أنْفُسَكُمْ في إقْصائِي- ظلمًا وعدْوَانًا- طِيلةَ أشْهُرالبَرْنامِج، خِدْمَةً لِمُحَاصَصَاتٍ، بعيدة عنْ نَزاهَةِ النَّقْدِ، ولكِنَّني كنْتُ «آتِي»، فِي كلِّ مَرَّةٍ، على أجْنِحَةِ ملْيُونِياتِ الأصْوات التي يَمْنَحُنِي إيَّاها الجمهور، تكرُّماً، ومحبة خالصة، دون أنْ اسْتجْدي صَوْتًا من أحَدٍ، حتَّى جَعَلَتْ مِنِّي أصْواتُهم «طائرَ فِينيقٍ»، كُلَّمَا أحْرَقه التحْكيمُ، ينْبَعِثُ من رَمَادِه، صائحًا- في نهاية كُلِّ حلقة-:ها أنا «آتي..آتي..
وهكذا يَتَجَلَّى أنَّ الرَّوِيَّ والقافيةَ والإيقاعَ، والمُعْجَمَ، والترْكيبَ، والتصْوير.. كلها ينْبَغِي أنْ تَقُومَ في النص بوظيفتِها التعْبِيرية، وأنْ لا تكُونَ مُجَرَّدَ تقْلِيدٍ، يُمارَسُ لِذَاتِه، ولا يَعْدُو كوْنَه فُسَيْفِسَاءَ شكْليةً بَاهِتَةً على جَسَدِ القصيدةِ، لا تُمَثِّلُ نَسِيجًا حَيًّا نامِيا من مادَّتِها العضْوية، الحَيوية الفعَّالة:
سبْحانَ مَن بي أسْرَى.. والبُراقُ.. رُؤًى
لِسِدْرَة المُنْتَهَى.. بيْنَ الإماراتِ
مِنْ مَلْجَإ الضادِ.. أرْض الشِّعْـر.. مَعْدنه
شِنْقيط.. كَعْبَة ألوانِ الثقـــافاتِ
آتي.. ومِلْءَ فمِي.. إمارَةُ الشُّعَـرا
تُضيئُ.. للحُلُمِ المَوْعودِ.. أبْيـاتي
آتي.. وخَلْفِي.. تُنـادِي.. كُلُّ مِئْذَنَـةٍ:
الله أكْبَرُ.. لا تَخْشَ الغَدَ الآتـي
آتي.. وخلفي صُفوفُ النخْل.. تَرْقبُنِي
عِزُّ الجِبالِ.. العَـوالِي.. مُلْهِمٌ ذاتــي
آتي.. وبِي رَمَضُ الصَّحْراءِ يُشْعِلُنِي
عَزْمًا.. أمَامَ التحَدِّي.. في الرِّهاناتِ
آتي.. ونَبْضُ دَمِي - بالشِّعْـر- مُتَّـزِنٌ
قَدْ أوْرَثَتْنِيهِ أجْدادي.. وجَـدَّاتي
ملْيُونُ قَلْبٍ غَـرَامُ الشِّعْـر يَسْكنُـهُ
رَغْمَ العَوائِقِ.. هُمْ -لِلْفَوْزِ- مِرْقاتي
أنَا -بِهِمْ- طائِرُ الفِـينِـيـقِ.. تَحْرِقُـنِي
ومِنْ رَمَادِ احْتراقِي.. هَا أنَا آتي
النَّقْـدُ مِرْآةُ وَجْهِي.. كُنْتُ أحْسبُهُ
فَكَيْفَ تَحْجبُنِي فِي النَّقْد مِرْآتي؟