أدي آدب يكتب عن.. الدعاية: جَدَلُ القُبَّة والحَبَّة

ثلاثاء, 07/03/2018 - 05:56

المصدر: صحيفة "الوطن" القطرية

 

جعْلُ "الحبَّة قُبَّةً"، مثل مشهور، يختزل جوهر الصناعة الدعائية، إذا كانت مع، لكن جعْلَ "القُبَّة حَبَّةً" هو الوجه الآخر للدعاية المُوَجَّهَةِ ضدَّ، وإذا كان المنْحى الأول هو العملة الرائجة في سوق الدوائر العامة التي وصفتها- في مقالي: "غربة الشاعر اللامتنمي"-  بـ (الزبونية، والشللية، والحركية، والحزبية، والمذهبية، واللوبية، وحتى القبلية،  التي أصحبت كلها مفردات  تمثل مفاتيح -في حياتنا اليومية- للمنفعة، والتوظيف، وحتى الشهرة، وصناعة النجومية، ولو بشكل مفبرك "صنع في الصين)، فإن ما أريد التوقف عنده اليوم  هو جدل "الحبة والقبة" في عالم الأدب، والأدباء،،حيث  لا يخلو هذا الحقل الجميل السامي من شوائب هذه الدوائر الضيقة،  ولا يتعفف جل أصحابها عن استخدام هذه الأسلحة الفتاكة، ضد بعض زملائهم من المغردين خارج السرب، الرافضين -بطبعهم- للتخندق الأعمى أو القسري داخل هذه الدوائر الضيقة،  والمتعففين عن استمْراء ريعها،والانخداع ببريق مكاسبها، وترسانتها الدعائية الانتقائية الموجهة، وفق مبدأ:" لمِّعْني.. ألمِّعْكَ"؛ حيث لا تكتفي أبواق الدعاية المؤدلجة المحترفة، بتحويل حبة المبدع العصامي المستقل إلى قبة، بل تستنفر كل طاقاتها الموجهة، لجعل قبته حبة، عبر محاولة سلبه كل ما منحه الله من مواهب، وطمس كل إشعاع استطاع أن يحققه، خارج هذه الدوائر، دون استغلال لأدوات صناعة الفقاقيع الإعلامية، التي سرعان ما تنطفئ فور ملامستها هواء الواقع ، خارج ركام زبد الوهم والتزييف، وبدون استعانة-أيضا- بأنابيب نفخ كميات من رياح الدعاية في البالونات المغشوشة، ولعل من أطرف أساليب طعن الأدباء بعضهم بعضا -ولو تحت الحزام- أن هؤلاء الفرسان "الدون كيشوتيين"، عندما يفشلون في حربهم ضد طواحين الهواء، ولا يستطيعون النيل من بعض الموهوبين الأصلاء في مجالي الشعر والنقد معا، ترى الشعراء منهم يثنون على الجانب النقدي لهؤلاء، متجاهلين الجانب الشعري، والعكس بالنسبة للنقاد منهم، حيث يثنون على الجانب الشعري لأولئك، ويتجاهلون الجانب النقدي، وكأن فضل الله لا يمكن أن يجمع لهم بين الموهبتين..... 
وفي لحظة ضجر من مثل أجواء هذه الكراهية والتحاسد و"التناكر المزمن"، كتبت هذا النص، تحت عنوان 
                   القبر السماوي
"إذا متُّ.. فـــــادْفِــــنِّي".. بأجْـــمَلِ غيْـــمَةٍ 
ورُصَّ.. عَـــلَى قــبْري.. السَّمَاويِّ.. أنْجُـمَا 

وضَعْ..عنْد رَأسِي "الحَاء".. شاهِدةً.. وضعْ 
لدَى قدَمَيَّ.. "البَـــاءَ".. إنِّي هُــــمُا.. هُــــما 

وخَلِّ تُــــرَابِي.. للتُّـــــرَابِ.. فَطـــــــــالَــمَا 
سَمَتْ.. تَبْتَغِي.. رُوحِي.. إلَى الأوْجِ.. سُلَّـمَا 

سأتْركُ أرْضَ الله.. ظهْـــرا.. وبـــاطِـــــــنا 
لمن ضَيَّقـــــــوا.. بالحقْد.. واسِعَها.. عَــمَى

عَسَى غيْمَةَ القبْرِ.. السَّمَاوِي.. تَكُـونَ.. مِـنْ 
بَنَــــاتِ.. الَّــتِي قدْ ظَــــــلَّلَتْ مُرْسَلَ السَّـمَا 

فتَسْكَر رُوحِـــي.. مِـنْ رَحِيــقِ ظِــــلَالِـــها 
بَعِيـــدَ المَدَى.. عنْ بَرْزَخِ الحَـرِّ.. والظَّــمَا 

أنَاجِــي.. هُـنَا.. أرْوَاحَ مَنْ عَشِقُوا العُـــــلَا 
ولسْـــــتُ أرَي.. إلا نَـبِــيًّا.. ومُلْـــهَــــــــمَا 

ولِي.. المَلأ الأعْلَى.. يُقيمُونَ..  مَحْـــــفَــلا 
إذا مَــا.. ورَائِـي.. ضَجَّتِ الأرْضُ.. مَأْتَـمَا

أغرِّدُ.. طـــيْـرا.. أخْضَرَ الــرُّوح.. لَمْ أزَلْ 
مـــــدَى مَلَــكُــوتِ الله.. بالحُسْنِ.. مُغْــرَمـا 

أنَا- في الدُّنَـــا- في برْزَخِـــي- روحُ شَاعِـرٍ 
تُحِبُّ الجَمَــــالَ.. الخَــيْرَ.. والسِّلْمَ.. والنَّـمَا 

فَمَهْمَا تَرَيْ- يا غيْـمَــتِي- الجَدْبَ.. أمْـطِري 
عُصَــارَة رُوحِـي.. تُمْرِع الأرْضُ.. أنْعُــمَا

 ويَغْسِلُ فَــيْــضُ الحُـبِّ.. كُــلَّ كَـــــــــرَاهَةٍ 
ويسْقُطُ رَاءُ الحَـــ رْبِ.. يَصْـــرُخُ: لا دمَــا!