
فقدت موريتانيا اليوم الثلاثاء 11 سبتمبر 2018 أحد أبرز رموزها السياسية والاجتماعية وأحد جيل التأسيس الوزير السابق شيخنا ولد محمد الأغظف، والذي توفي بعد عمر حافل بالعمل الوطني.
وشغل الراحل وظائف عديدة في الدولة الموريتانية إبان استقلالها عن الاستعمار الفرنسي، وزمن هذه الوظائف تقلد أول حقيبة لوزارة العدل.
وبهذه المناسبة الأليمة تتقدم هيئة تحرير "سدنة الحرف" بأحر تعازيها القلبية إلى كافة أفراد أسرة الراحل العزيز وإلى الشعب الموريتاني عامة، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد فقيد الوطن برحمته الواسعة وأن يسكنه فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وإنا لله وإنا إليه راجعون
وفيما يلي تنشر "سدنة الحرف" شهادات في فقيد الوطن والمجتمع:
فقيه القانون والديبلوماسي الدولي محمد الحسن و لد لبات:
شيخنا ولد محمد لغظف سيظل مصدر إلهام أخلاقي وسياسي
بسم الله الرحمن الرحيم و صلي الله علي نبيه الكريم
علمت اللحظة برحيل المغفور له بإذن الله إلى جوار ربه، السمق العظيم شيخنا ولد محمد لغظف، تغمده الله برحمته وفسيح جناته وألهم الوطن والشعب الموريتاني وذريته البررة، رجالا ونساء وأحفادا، الصبر والسلوان وقوة الإيمان والرضاء بقضاء الله.
لقد تصدر المغفور له جل الحقب التاريخية في المآل الموريتاني الحديث، بإيمان قوي بالله ورسوله والشد على الدعائم والأركان الإسلامية، بشجاعة وصرامة ورباطة جأش ونفاذ بصيرة وزهد في الدنيا والترفع عن الخنا وإيثار للآخرين وجود بما في اليد إذ لم يكن جمع المال وتكديسه مما شغل باله يوما ولا ليلة.
لقد ثبت لنا من مصادر عديدة متواترة كيف ظل الرجل متشبثا بالوطن ومصالحه العليا، وبالقيم والأسس التي ارتأى أنها قوام الحرية والعدل والمساواة.. ظل المغفور له حريصا على احترام الدولة وولاة أمرها للمواطنين وللنخب وللفاعلين السياسيين ولصناع الرأي.. فلقد كرس شيخن ولد محمد لغظف حياته للذود عن تلك القيم والمبادئ رغم ما كلفه ذلك من إقصاء وتنكيل ووشاية وقذف بلغ أحيانا حد الشيطنة.
لم يصدر عن شيخن رحمه الله قول أو فعل أيا كان كرد شخصي على كل تلك الأراجيف والترهات.. لقد واجهها المغفور له بكامل ترفع ودماثة خلق وإكثار في فعل الخير وإسداء للمعروف.. إنه يظل صرحا وطنيا كبيرا ومصدر إلهام أخلاقي وسياسي لا ينضب معينه.
اللهم ارحمه واغفر له وتقبله بين المهديين الصالحين من عبادك في أعلى رياضك يا أرحم الراحمين..
اللهم الهم ذريته من بنين وبنات وأحفاد الصبر واجبرهم على طاعتك والشد بسواعد لا تلين على نهجه وقيمه وفضائله ومبادئه وسلوكه الديني والأخلاقي والوطني.
وإنا لله وإنا إليه راجعون
محمد الحسن و لد لبات
المفكر د. السيد ولد أباه:
شيخنا كان من رجالات البلاد الأفذاذ وله دور محوري في تأسيس الدولة
علمت وانا خارج البلاد بانتقال الزعيم السياسي البارز شيخنا ولد محمد الأغظف إلى رحمة الله .لقد كان شيخنا من رجالات البلاد الأفذاذ ومن الشخصيات الوطنية الكبيرة التي لها دور محوري في تأسيس الدولة ،وقد عرف بشجاعته ونبله ومواقفه الوطنية الجريئة.
وفضلا عن انحداره من أسرة علمية ودينية عريقة من أبرز بيوت العلم والورع في هذه البلاد وعن والده الشهيد المقاوم ،عرف شيخنا نفسه بتلك الميزات فكان من كبار قراء القرآن الكريم حفظا وتجويدا مع اشتغال دائم بالعلم والعبادة على الرغم من اشتغاله بالشأن العام منذ سنوات الشباب الأولى إلى أن اقعده المرض في السنوات الأخيرة.
اذكر أنني أجريت معه حوارات مطولة في نهاية التسعينيات حول مساره السياسي الحافل بالأحداث الجسام ،مستحضرا كونه السياسي الوحيد الذي ظل ملازما للعمل النضالي منذ منتصف الأربعينيات إلى الحقبة الراهنة ولم يدخل الحقل السياسي من باب التزلف والوجاهة القبلية والعقلية النفعية بل كان زعيما حقيقيا يحكم ضميره ويضحي بالمصلحة الفردية من أجل المصالح الوطنية العليا.
فعلى الرغم من صداقته القوية مع الرئيس الأسبق المرحوم المختار ولد داداه لم يتردد في تبني خطاب التغيير ودعم مطالب التيارات الشبابية المعارضة ،وقد وقف بقوة ضد تجاوزات الأحكام الاستبدادية وظل متشبثا بالمثل الديمقراطية حين تخلى عنها الكثيرون.
كان شيخنا اول وزير خارجية لموريتانيا كما كان وزيرا للعدل ،وقد عرف خلال مساره الإداري بالاستقامة والقرب من الناس وبذا استحق محبة كل الذين عرفوه في كل أركان هذه البلاد التي له في أصدقاء كثر يحملون له وافر التقدير والود.
اتقدم بالعزاء الصادق إلى أسرتي العزيزة أهل محمد الأغظف بكل أفرادها ورحم الله الفقيد الكريم وانا لله وانا اليه راجعون
