كثير من المفكرين وكبار الكتاب في العصر الحاضر حاولوا الوقوف على جوانب العظمة الإنسانية للرسول الكريم صلى الله وعليه وسلم ومنهم غير المسلمين الذين بهرهم ذلك الكمال الخارق .
قرأت في سبعينيات الماضي رسالة ميشال عفلق في " في ذكرى الرسول العربي " وهي في أصلها محاضرة في جامعة دمشق ١٩٤٣ وقد نشرت في كتاب كان يوزع أيامها على نطاق واسع . أذكر عبارة عفلق الشهيرة في هذا الكتاب:"لقد كان محمد كل العرب فليكن كل العرب اليوم محمدا". سمعنا بأن عفلق أسلم وكان يكتم إيمانه ولم اكن اصدق الأمر ، إلا أن سألت المفكر والسياسي اللبناني الراحل منح الصلح في بيروت في بداية التسعينيات وكان قريبا من الرجل فأجابني أن كل القريبين من عفلق يشهدون بذلك لكنه لم يكن يريد أن يوظف معتقداته الإيمانية في سوق الدعاية السياسية .
قرأنا أيضا في نهاية السبعينيات كتاب الاديب المصري عبد الرحمن الشرقاوي " محمد رسول الحرية " وهو كتاب جميل الأسلوب صادر في بداية الستينيات ، يعكس مرحلة انتشار الفكر الاشتراكي، يبين الجوانب الاجتماعية والإنسانية في رسالة الإسلام التي حملها الفقراء والعبيد والمستضعفون.
ثم أذكر أخيرا كتاب المؤرخ والمفكر التونسي هشام جعيط " الشخصية العربية والمصير العربي " الصادر في السبعينيات ، وفيه ذلك النص الجميل الذي كتب في أحضان الغابة الفرنسية وكله حب وتوفير للنبي صلى الله عليه وسلم ، وقد ورد فيه ؛
«ولذلك فإن ظهور الرسالة هو أكبر عنصر تاريخي في الإسلام. إن الإيمان الذي هو ثقة يصبح من خلال ذلك ثقة في الرسول. وهو نفسه ليس بالإنسان الزمني وحسب، المولود بمكّة حوالي 570 والمتوفى بالمدينة سنة 632 . بل أصبح ما أرادته أجيال من المسلمين أن يكون، أي كتلة هائلة من المثل والحبّ والوفاء..... وقد نادى باسمه كثير ممّن كانوا في النزع الأخير من كائنات بشرية بسيطة طيبة ذكروه وهم على شفة الموت .... لقد كان الدين روح العالم والإسلام وروح الأمّة الإسلامية، وهو ما زال قوّة حيّة ملموسة ملتصقة حميما بالمجتمع الإسلامي تخترقه من طرف إلى آخر".