
لا يمكن نسيان ولا تجاهل الدكتور محمد ولد عبدي عند الحديث عن الادب والثقافة الموريتانيين، ولا يمكن تجاوزه عند التصنيف الابداعي للشعر الموريتاتي الحديث..
من يهم بذلك، إنما يحاول - عبثا - مسك الماء بالغرابيل.
1 - الدكتور محمد ولد عبدي صاحب أول دراسة أو أطروحة للدكتوراه في النقد الثقافي على مستوى هذه البلاد ، وأول ناقد موريتاني يتخذ من الشعر الموريتاني مادة لتطبيق نظرية الانساق والسياقات، وهو صاحب نظرية ( نسق النجعة)..
إذن محمد ولد عبدي رائد النقد الثقافي في هذه البلاد..
2- محمد ولد عبدي صاحب أهم دراسة كتبت الى يومنا هذا عن الشعر الموريتاني الحديث، ونقصد دراسته الأثيرة : ( ما بعد المليون شاعر).
فهو في هذه الدراسة الفائزة بجائزة الشارقة للنقد الادبي لم ينقل عن غيره ولم يتكئ على دارسة سابقة، بل اجترح مصطلحاته النقدية الخاصة التي ما زالت قائمة ومعبرة عن حقيقة الزمن الشعري الموريتاني الحديث مثل ( القصيدة السننية) ( السننية الابداعية) ( ما بعد المليون شاعر)…
3 - محمد ولد عبدي من أوائل الشعراء الذين ثاروا على الرمز الشعري ( المشترك ) عربيا، حيث فرض الرمز الموريتاني المتكئ على ثقافة البلاد وعلى ما تجود به المخيلة الشعبية، فكانت رموز (ديلول وتيبه ومحمود مسومة ومحمد ولد الطلبة والكبه والگزره وتيشيت وولاته وازوكي ووادان وشنقيط و…).
كلها محمولات ثقافية نثرها محمد في ديوانه الاول ( الأرض السائبة)..
ومن يعد لزاويته في جريدة الشعب (تراتيل) في حقبة الثمانينات، سيقرأ معاناة شعبه، ففيها يتردد صدى ساكنة احزمة الفقر.. فيها يتحدث ( الانتظار) و( الفقر) و (الأمل)….
محمد أحد قلة من الشعراء من جيله مَرْتَنَتْ الرمز الشعري..
4 - محمد في ديوانه الذي سبق رحيله بفترة قصيرة وسماه ( الرحيل وتليه الفصوص) كان ذاك الشاعر الگروي ، سليل عائلة من عوائل القرآن المعروفة، فكان الديوان تكثيفا لنصوص سابقة من ديوانه الاول، كان محمد كأنما يعيد قراءة ابن عربي والنفري .. كان - بحق - ترجمانا للأشواق، وكانت ثقافته القرآنية والدينية طاغية على النصوص مما أكسبها جمالية لا تُقاوم..
5 - محمد كان سفير موريتانيا الثقافي في الامارات وكان مشرعا قلبه وبيته للموريتانيين المشاركين في برنامح امير الشعراء، هذا البرنامج الذي كان من منظريه ومخططيه.. كان حريصا على أن يرفرف العلم الموريتاتي دائما في سوح التسابق الشعري .. وهو ما تم مع مجموعة من شعرائنا الشباب..
محمد يستحق التكريم وإطلاق اسمه على مؤسسة ثقافية أو أكاديمية وطنية ..
وفي انتظار ذلك لن ينساه الحقل ولن تنساه القلوب ..
في رثائه هو للراحل الدكتور محمد ولد ماديك يقول له :
إن كان عصرك لم ينصفكَ لا عجب
لم ينصف العصر إلا الجاهل الملِقا
عصر به الأسد الضرغام منهزم
والذئب ناطح فيه السحب والودقا
رحمك الله .. ثم إنك مسلم ..








