ولد السيد يعلق... كي يكون لنا تعليم 

سبت, 07/27/2019 - 21:45

 

د. عبد الله السيد (*)

 

لاخلاف بيننا، أغلبية ومعارضة، على أن تعليمنا يعيش حالا سيئة تتميز بميزتين: العداء للتعليم، والخطر على الوحدة الوطنية؛ لذلك أرى أنه لا بد من وجود وقفتين:
_عاجلة: تتوفر فيها الإرادة السياسية، والموارد المالية، والجرأة الوطنية؛ فبالأولى تقرر السلطات العليا ممثلة في رئيس الجمهورية إصلاح هذا القطاع والنهوض به، وبالثانية تفكر  في كيفية الحصول على الموارد الكافية لذلك، وبالثالثة تتحمل التبعات السياسية والاجتماعية التي ستنجر عن هذه العملية.
وأرى أن تتمخض هذه الوقفة العجلى جعل التعليم  ما قبل الجامعي، ابتداء من العام الدراسي القادم، تعليما عموميا مفتوحا أمام الجميع حسب حيزهم الجغرافي، وبغض النظر عن كون المؤسسة في أصلها عمومية أو خصوصية. ويمكن للدولة في مرحلة أولى أن تفرض على الميسورين دفع نفس الرسوم التي كانوا يدفعونها. كما يمكنها الاحتفاظ بالمدارس الخصوصية الحالية ضمن خريطتها المدرسية، بعد تأميمها تأميما يرضي ملاكها، وأن تحتفظ بطواقمها الإدارية والتربوية.
_متأنية: يعاد فيها هيكلة قطاع التعليم ليشمل التعليم ما قبل المدرسي والتعليم المدرسي، والتعليم المحضري والتعليم الحديث؛ حتى نكون جيلا منسجما شعوريا ولغويا، مؤهلا علميا.
وأرى أن هذه الوقفة ينبغي أن تثمر عن تبعية التعليم لجهاز حكومي صارم يرأسه رئيس الجمهورية، وتضطلع الوزارة المعنية بكتابته العامة، ويشارك فيه الفاعلون الاقتصاديون في القطاعين العمومي والخصوصي؛ فضلا عن المجالس الجهوية والمحلية.
قد يقال لي من أين لنا أن نوفر هذه الأموال الطائلة؟
وأقول إنه يمكن توفيرها من اشتراكات الفاعلين الاقتصادين العموميين والخصوصيين، ومن ميزانية الدولة، ومن سن رسوم رمزية على فواتير الماء والكهرباء،  وعلى رخص التنقيب والاستخراج، والبضائع الكمالية، والقطع الأرضية غير المستغلة التي تكنز فيها أموال باهظة دون أن تستفيد منها الدورة الاقتصادية، وعلى جمركة السيارات الفاخرة، وعلى تذاكر السفر... كما يمكن فتح باب التبرع للتعليم وتبيان أهميته دنيويا وأخرويا.
وقد يقال كذلك لماذا تأتي هذه الدعوة عكس ما أثبتته النظم الاقتصادية من نجاعة المبادرة الفردية، ودور القطاع الخاص؟
وللرد على هذا التساؤل نقول إن القطاع الخاص لم يستثمر في التعليم؛ فقط هناك مبادرات قام بها، في الأساس، معلمون يتقاضون رواتب من الدولة، ولا يمتلكون الوسائل المالية لبناء المدارس ولا لاكتتاب المدرسين؛ لذلك أفسدوا التعليم العمومي عن طريق استنزاف أطره الحية، ولم يخلقوا تعليما خصوصا ذا بنية قادرة على البقاء، ونتج عن تراكم هذه الوضعية وجود "مدارس" أو "كيانات" فئوية وقومية وقبلية ليست للتعليم سمية، ولا للدولة ولية، وهي على المستقبل خطر داهم.

 

(*) مثقف وأكاديمي موريتاني قدير ومدير بيت الشعر في نواكشوط