روى العلامة الدكتور محمد المختار ولد ابَّاه في "الشعر والشعراء" أن أحد رواة الشعر واسمه محمد ابن العباس، ادعى ليلة في مجلس من مجالس السمر، انه لا يسمع بيتا من الشعر إلا روى القطعة التي هو منها، فتصدى له أحد تلامذة العلامة حرمة بن عبد الجليل فسأله من القائل :
لو كنت أبكي على شيء لأبكاني....عصر تصرم لي في دير غسان
فقال ابن العباس، نسيت قائل هذا البيت وهو من قطعة اعرفها في حماسة أبي تمام فنودي بالكتاب وقلب ورقة ورقة فلم توجد فيه تلك القطعة فقال التلميذ :
هاهي بقية الأبيات وانشد :
دير حوى من خمور الشام أجودها....وساكنوه لعمـري خـير سكــانِ
دهـرا يدير علينا الـراح كـل رشـا.... خمصان غص بزنديه سواران
وهذه القطعة قد أنشأتها بديهة لتعجيز ابن العباس ودليلكم انها من إنشائي كون دير غسان لا يوجد بين أديرة العرب.
كان هذا اللقاء في حضرة العلامة حرمة بن عبد الجليل فالتفت إلى تلميذه الفتى وقال :
للــه درٌك يا غليــم مــن فتـــــى.... سن الغليم في ذكاء الأشيبِ
لست الصغير إذا تند شريــــــدةٌ....وإذا تذاكـر فِتيةٌ في مــوكب
إن الكواكب في العيون صغيرة....والأرض تصغر عن بساط الكوكب.
سيستمر الإشعاع الثقافي والعلمي لتلك المجالس وستبقى تلك المحاظر عصية على الاندثار.
منقول عن صفحة
