تشرين الذي نغبط عليه أهل الشام ليس في الحقيقة أجمل شهور العام عندهم وليس احد أشهر الربيع. لكن نزارا خلّده في وجداننا بذلك البيت الجميل:
جاء تشرين يا حبيبة قلبي
اجمل الوقت للهوى تشرينُ
ولولاه لمر بنا تشرين دون ان ننتبه له او نتغنى به.
نزار كان يقصد ذكرى انقلاب ما يعرف بالحركة التصحيحية (وصول الأسد الأب للسلطة)!!
التي تصادف 16 تشرين الثاني (نوفمبر).
وهي مناسبة سياسية بحتة أضفى عليها الشاعر مسحة رومانسية كما يفعل مع مل شيء يلامس خياله.
نزار كان يخاطب فلسطين السليبة مشخصا إياها كمحبوبة مختطفة جاء موعد لقياها مع الفارس المخلّص كما في البيت الموالي
(ولنا موعد على جبل الشيخ
كم الثلج دافئ وحنون)
ورغم ان نزار السفير الشاعر كان يقصد فقط تمجيد الأسد الوالد كبطل قومي جاء لبحرر فلسطين- ربما كان مدحه ذاك عن حسن نية- فقد جعلنا نحن عشاقه (اَي نزار) في المنكب القصي نتخيل ان تشرين هو موسم الربيع والحب والجمال عموما في بلاد الشام.
فليكن اذا!
لكن ليس بالضرورة ان يأتي "تشريننا المتخيل" في شهر تشرين!
فهذا تشرين افريدي الطينطان الذي يأتي في شهر تموز من كل عام.
انها زهرة التيلوم. بخل عليها شعراؤنا بمجرد بيتين، وهي من أجمل ما خلق الله. في المساءات تنشر عبر السهول والمرتفعات الرملية عطرا لا يقاوم، لا يشبه شيئا قد يصادفك في بلاد الشام او حوض المتوسط.
وليست زهرة التيلوم وحدها التي ترصّع الوهاد في تموز وآب وأيلول. فعندنا مئات الأنواع بمختلف الاشكال والألوان. معظمها لا نعرف أسماءها ولكنها لا تخلفنا ذلك الميعاد السنوي الجميل.