تعرف جمهور بيت شعر نواكشوط مساء اليوم (الخميس) على تجربتين شعريتين لكل من الشاعر العباس محمد أحمد والشاعر محمد أحيد محمد، وذلك ضمن أماسي "تراتيل الأصيل"، التي ينظمها البيت وتتميز بحضور معتبر للنخبة الإبداعية والأكاديمية وجمهور محبي الشعر.
وفي البداية ألقى الأستاذ الدكتور عبد الله السيد مدير بيت الشعر - نواكشوط كلمة أشاد فيها بالأحداث الثقافية الوطنية والعربية، ودعا الشعراء إلى الاهتمام بتقنيات الكتابة الشعرية المعاصرة، والتركيز على قضايا معينة كمحدد للمباراة في الإبداع لدى شعرائنا الشباب.
وبدأت الأمسية بإلقاء كل من الشاعرين قصائد شعرية كشفت بصورة جلية عن جانب من تعدد المدارس الشعرية المتجايلة في البلاد بقديمها وحديثها.
واستمع الحضور إلى الشاعر العباس محمد أحمد، وهو من مواليد 1993 (في مقاطعة بومديد)،والذي بدأ بقصيدته "أراقب حسناء" حيث يتخذ من النزق طوق نجاة، يقول في مطلع القصيدة:
جمالك المحض يا سمراء يسحقني
في لحظة الشرح تيارا من القلق
أمست حروفي بهمس الوجد ناطقة
أرنوا إلى الحلم والأشواق في حدقي
تربو رويدا.. رويدا نبعها ألق
موالها الرقص في جو من العبق
إني أراقب حسناء وأعشقها
وأكتب الشعر منحازا إلى أفقي
يا زهرة العمر يا نورا أغازله
يا غاية اللطف يا طوقي ويا نسقي
أوزع الدفل عرابا لمن عشقوا
أصغي إلى "الجاز" في طور من النزق
فانوس فلسفتي شعر تملكني
عشق يراودني في سورة الفلق
إلى أن يقول:
وزع عبيرك للعشاق في غنج
وانقش حنانك للأطفال في الورق
واهتف أحبك يا شيماء ملء دمي
مذ أول الدرب حتى آخر النفق.
كما أنشد قصيدته "آخر أنبياء الأمل"، ومطلعها:
لعبت بالنار ليت النار كالحجر
ما دمعة الغيم إلا بسمة المطر
تندى الجهات ووجه السفح منتعش
يا لوحة الأفق يا أزهى من الصور
ريح المواسم في صلصال شهقتها
بوح توغل في الأصداء كالوتر
كل الدروب إلى الإنسان موصلة
يا ضحكة الناي في آفاق منتصر
إلى أن يقول:
يا فتنة الحدس يا أسباب فلسفتي
يا منطق الطير في الوادي على الشجر
يا آخر الصحب لا تبكي على أمل
فدونك الدرب والتاريخ فاصطبر
أثث طريقك نحو الخلد في ألق
ستوغل الأرض في الأزهار والثمر
ستعشب الأرض رغم الملح رغم دم
رغم المتاهة رغم الخوف والضجر
وأنشد كذلك قصيدته "الهامش"، التي يقول فيها:
عشقت المرايا إذ تضيء لنا المدى
وقلبي عشيق في الضياء معذب
إذا الموت دلى للجراد حباله
ستفنى حقول والزمان سيعشب
أما الشاعر محمد أحيد ولد محمد الملقب "النورس"، والمولود بمقاطعة لعيون 1997، والذي يصف نفسه بالمصاب بلعنة الشعر وحب الفقراء، فقد بدأ تقديم تجربته الشعرية بقصيدته "بحر الحقيقة"، والتي يقول في مطلعها:
أنسل من بحر الحقيقة شاعرا
فطنا أغني: المجدُ للفقراء
لا شيء يسعدني سوى بسمات طفـ
ـل خلف موج الحزن والأرزاء
قد خاض عاصفة الأسى من دون أيِّ
تخوف كالصخرة الصماء
إن طاردته الذكريات وأمطرت
في قلبه المجروح نهر بكاء
صلى وقال لقلبه: كانت همو
م أبي تذوب بركعة ودعاء
تعويذة من قلب أمٍّ قد حمتـ
ـهُ من العيونِ ونظرة الرقَباءِ
طفل تقاتله شياطين الردى
وعلى الشفاهِ علامةُ استهزاء
رجلاه أدمنت الشواطئ والمنا
في والظلام ووحشة الأنواء
وقرأ أيضا قصيدته "يا حياة رفقا"، التي يقول مطلعها:
يا حياة رفقا بنا يا حياة
عذبتني بنايها الذكريات
تعزف الحزن في فؤادي.. فؤادي
مزقته الهموم والحسرات
غالبتني الحياة لكنَّ قلبي
لم تزلزل شموخه الندبات
وأبي يملأ الوجود حنانا
ويداهُ إذا ظمئنا فراتُ.
وأنشد قصيدته"في القلب أنثى تغني نبض أغنية"، التي يقول مطلعها:
في القلب أنثى تغني نبض أغنية
سكرى تربي على أكتافها قمرا
توحي إلي بأن أبكي و ملئ دمي
سيهطل الدمع في حقل الأسى مطرا
و نزرع الضوء في الليل البهيم معا
لكي نوزعه خبزا على الفقرا
سأمتطي أحرفي الزرقاء نحو غد
يكون عدل السما و الأرض لي قدرا