في مرزق المدينة الوادعة في الجنوب الليبي، أيام حصار ذلك البلد العربي، كان ميلاد هذه القصيدة، العام 1994م
مُحَـاصَـراً كُـنْـتَ يَا شِـعْــرِي وَمُسْـتَـلَـبَـا
وَهَـاجِـسًـا طَـالَـمَـا غَـنَّى وَمَـا اغْــتَــرَبَـــا
تَـجُـوبُ أرْضَـكَ بَحْـثاً عَنْكَ، هَـلْ وَطَــنٌ
إلَّا وَقَــفْـــتَ بِـهِ تَــسْـتَـلْـهِـــمُ الْأدَبَـــــا؟
وَكَــيْــفَ تَـسْـتَـنْـزِلُ الْإلْـهَــامَ فِي زَمَــنٍ
لَا أصْـلَ لِلشِّـعْـرِ .. لَا تَارِيـخَ .. لَا نَـسَـبَــا
لَـمْ يَـبْـقَ مِـنِّي وَمِنْ شِـعْرِي سِـوَى قَلَــمٍ
يَـنْـأَى، قُصَـاصَـاتِ حِبْــرٍ مُـزِّقَــتْ إِرَبَـــا
شَرَارَةُ الْحَرْفِ مِنْ صَوْتِي قَدِ انْـطَـفَـأََتْ
وَمِنْ خَـيَـالِـيَ وَلَّى الـشِّـعْــرُ أَوْ نَـضــبَـــا
لَـوْ كَانَ لِي فِي زَمَانِ الْـجَدْب مُكْتَـسَـبٌ
لَاخْـتَـرتُ لِي الشِّعْـرَ تَـارِيخـاً وَمُكْـتَسَبَـا
***
إنِّي الَّتِي جِئْتُ منْ{شِنْـقِيطَ} أَحْمِـلُ فِي
لِحَافِىَ الـنَّخْــلَ، والصَّحْــرَاءَ، والْـعَــرَبَـــا
يَـا{مُرزَقًـا} بَـلَــدَ الـنَّـخْــلِ الأََثِــيــلِ وَيَــا
مَـهْـداً تَـلاقَـــتْ بـه أسْـبَــابـُـنَـا حِـــقَــبَــا
يَـا مَـعْـبَـراً ظَــلَّ لِلْـغَــادِيـن مُـنْـتَـجَــعـــاً
وَمَـوْطِـنًـا آلَـــفَ الأهْـلِـيـنَ وَالْــــغُــــرَبَــا
مِنْكِ اسْـتَـقَـيْتُ حُرُوفِي بَعْدَ أنْ نَضـبَـتْ
وَبَـعْـدَمَـا الشَّكْلُ مِـنْـهَا غَامَ وَاضْـطَــرَبَـــا
عَــرَفْــتُ فِـيـكِ رِمَــالِي، ذَوْبَ أزْمِـنَــتِـي
مَحَــارَ شَطَّي، وَطَـعْـمَ الْـبُـسْـرِ قَـدْ عَـذُبَـا
ضَـوْعَ الْــبُـخُــورِ مَـعَ الأنْـسَـامِ مُغْـتَـسِـلًا
بِـنَـسْـمَـةِ الْفَجْرِ، قُرْصَ الشَّمْـسِ مُلْـتَـهِـبَـا
قَـوَافِـــلَ الــرِّيــحِ تَــذْرُو غَـيْــرَ حَـانِـيَــةٍ
كُــلَّ الْـوِهَـَادِ، وَسِــرَّ اللَّــيْــلِ مُحْـتَـجِـبَــا
لَــقِــيــتُ أَحْـلَامِىَ الْـحَـيْــرَى مُـهَــوِّمَـــةً
وَمَـنْـبَـعًــا مِــنْ دَمِ الصَّحْــرَاءِ مُـنْــسَـكِبَــا
***
يَـا{مُـرْزُقًـا} بَـلَــدَ الـنَّــخْــلِ الْأَثِـيـلِ وَيَــا
مَـهْــدًا تَـلَاقَــتْ بِـهِ أَسْـبَــابُـنَــا حِــقَـــبَــا
إنِّي وَصَـلْـتُ هُـنَـا رَغْـمَ الَّـذِي افْـتَـعَـلُـوا
فَــلَا أبَـالِي أَضَــاقَ الْـكَــــوْنُ أمْ رَحُـــبَــا
أَنْـتِ امْـتِـدَادِي وَنَـبْـضٌ مِـنْ صَمِيمِ دَمِي
شِـعْـرِي الَّـذِي ضَــاعَ مِـنِّي هَاهُـنَـا كُـتِـبَـا
تَـحَـدَّثِـي لِـبَـنِي الـصَّحْـــرَاءِ عَـنْ قَـدَرِي
وَكَـيْـفَ أرْجَـعْـتِ لِي الشّـعْـرَ الَّـذِي هَرَبَـا.