بَبَّهَاء ولد بديوه
إِنْ تَرِدْ هَاهُنَا فَإِنَّ فَضَاءً
رَائِقًا أُفْقُهُ مَدِيدَ الرِّحَابِ
مَدَّ لِي غَيْبُهُ ظِلَالَ السَّحَابِ
وَتَوَالَتْ أَطْيَافُهُ فِي انْسِكَابِ
وَكَأَّنِّي حَاوَرْتُ فِيهِ نُجُومًا
لَذَّ إِصْغَاؤُهَا وَرَجْعُ الجَوَابِ
لَا تَقُلْ لِي كَفَى! فَإِنَّ حَنِينًا
لَمْ يَزَلْ يَقْتَفِي شُرُودَ الأَوَابِي
كَيْفَ ضَلَّتْ ظِلَالُ يَوْمِي وَلَيْلِي
غَارِقٌ فِي غَيَابَةِ الأَوْصَابِ؟
مُدْمِنًا لِلْأَوْهَامِ تَنْحُو اكْتِهَالِي
بَعْدَمَا عَرَّقَتْ بَقَايَا الشَّبَابِ
يَا دِيَارًا آوَتْ حَدَائِقَ حُلْمِي
وَصَدَى لَهْفَتِي وَوَهْجَ ارْتِيَابِي
مَا تَرَحَّلْتُ عَنْ هَوَاكِ وَلَكِنْ
لَاحَ لِي فَجْأَةً سَبِيلُ الإِيَابِ
وَتَرَاءَيْتِ فِي القَرِيبِ بَعِيدًا
وَتَرَاءَى البَعِيدُ فِي الاقْتِرَابِ
يَا سُكُونًا أَضَاءَ لَيْلَ كِيَانِي
فَانْجَلَى السِّرُّ مِنْ بَهِيمِ الخَوَابِي
الخَوَابِي الَّتِي دَفَنْتُ بِهَا الأَهْـ
ـوَاءَ وَالْحُلْمَ وَالرُّؤَى وَالتَّصَابِي
وَالشُّجُونَ الَّتِي سَلَكْتُ بِهَا الأَيْـ
ـيَامَ سَلْكًا فِي سُبْحَةِ الأَحْقَابِ
وَكَأَنَّ الَّذِي تُرِيكَ المَرَائِي
إِذْ تَجَلَّتْ وِهَادُهَا وَالرَّوَابِي
وَالمَتَاعَ الَّذِي سَكَنْتُ إِلَيْهِ
فِي قَرَارِي وَجِيئَتِي وَذَهَابِي
وَالمَسَارَ الَّذِي يَجُوبُ البَرَارِي
مِنْ هُمُومِي وِدْيَانِهَا وَالشِّعَابِ
مُحِيَتْ لَحْظَةً فَصَارَتْ هَبَاءً
دَقَّ حَتَّى بَدَا كَلَمْعِ الحِرَابِ
أَمْ غَدَا لِلْيَبَابِ حَوْلَكَ بَحْرٌ
مَرِحُ المَوْجِ رَاقِصُ الأَطْنَاب
وَكَأَنِّي أَصْبَحْتُ صُوفَ ضِيَاءٍ
وَكَأَنِّي أَفْرَغْتُ مَا فِي الإِهَابِ.