نواكشوط - و م أ:
عقد اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين مؤتمرا طارئا اليوم الجمعة في نواكشوط وذلك بحضور وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان الناطق باسم الحكومة السيد المختار ولد داهي.
وقد تناول المؤتمرون عدد من المواضيع كان على رأسها تجديد هياكل الاتحاد وفصل الجنسين الأدبيين الفصيح والشعبي.
وفي كلمة له بالمناسبة أكد معالى وزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق باسم الحكومة السيد المختار ولد داهي أنه سعيد جدا بوجوده بين المؤتمرين في هذا الفضاء الوقور مع هذه العقول الكبيرة والمواهب الفياضة مؤكدا أن الأدب ظل دائما مقياس وعي الأمم بل ظل أكثر من ذلك أداتهم لتجسيد تاريخهم ولتراكم عطائهم فعبر "الإلياذة" و"الأوديسية" استطاع الإغريقيون أن يحجزوا الرقم الأول في التاريخ الحضاري البشري ولم تكن الملحمتان رواية لحرب أو حصار أو حيلة فحسب بل كانتا تحولا جذريا في الحضارة البشرية ولئن كانت عديد الفرضيات تقول بأن هوميروس ليس سوى أسطورة فإن تلك الملحمتين غيرتا مسار الأمة الإغريقية بل التاريخ البشري أجمع.
وقال الوزير إن حضارتنا العربية تدين للأدب والأدباء بحفظ الهوية وحفظ أنساق وسياقات الحياة فمن خلال قس ابن ساعدة عرفنا كيف تعامل العرب القدماء مع الغيبيات ولولا عنترة بن شداد العبسي لاندثر الكثير من قيم الفروسية والمروءة لدى العرب ورغم أن الإسلام جاء حاملا أدوات البقاء والاستمرار فإن الأدباء ظلوا يمارسون دورهم يحفظون القيم ويخلقون المعارف ويحلقون بالأمة عاليا في طابور الحضارة والتقدم والرقي فمن خلال نقائض جرير والفرزدق وجدليات الحسن البصري عرفنا وأحببنا تفاصيل حياة حواضر الدولة الأموية كما أن وجود آداب ناطقة بعديد اللغات واللهجات هو ثروة ثقافية وطنية لا يليق ولا ينبغي إضاعتها خصوصا في هذ الزمن الذي تطغى فيه الاعتبارات المادية على الاعتبارات المعنوية.
وأضاف معالى الوزير نلتئم اليوم في هذه القاعة في محطة كبرى من محطات مسار الأدب ولأدباء الموريتانيين ذلك المسار المظفر الذي طالما أدى الأمانة ورفع هامة الأمة نلتئم لنبني ونراجع، إنها سانحتنا لنعيد التأسيس من جديد فبدون الملاحظة والمراجعة تتراكم الأخطاء ليعسر التصحيح.
وأشار إلى أن عملية فصل الأدبين الفصيح والملحون ليست غير استثمار واستغلال لكل الفرص الثقافية المتاحة من هنا علينا وضع الأمور في نصابها ففي كل البلدات الشبيهة ثمة اتحاد للأدب الفصيح واتحاد للأدب الشعبي.
ونبه الوزير إلى أن تعهدات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني المتعلقة بالثقافة عموما وبالأدب بصورة أخص فإن وزارة الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان تضع كل وسائلها وطاقاتها تحت تصرفكم كي تقوموا بدوركم الثقافي التاريخي المنوط بكم
ونحن على ثقة تامة بأنكم مواصلون على درب الآباء والجدود في نشر قيم الفضيلة والمحبة والتسامح في أمتكم وتصديرها صورة لها في عيون الأمم الأخرى في قوالب أدبية محترفة وراقية إنكم جديرون بأن تكونوا خير خلف لخير سلف والمرحلة مواتية ،بكل سياقاتها كي نخلق حراكا أدبيا يعيد صورتنا النمطية في الأذهان تلك الصورة القائمة على أننا أمة الأدب والأدباء والمعرفة إننا ندعوكم لتحريك وتيرة الإنتاج والنشر وفي كل الأنساق والأجناس المعرفية وخصوصا في مجال اشعر والسرد حيث يعيشان فتورا وضمورا لا يتناسب بالمطلق مكانتنا ولا ينبغي أن يناسب طموحنا إنها فرصتنا كي نقرر أن ترتفع اصواتنا وكتاباتنا في المحافل الإقليمية والدولية وعلى المؤلف الموريتاني أن يوجد في كل معارض الكتاب وفي كل المكتبات وفي كل الجوائز والمهرجانات وعلينا كذلك أن نحول الآداب الشعبية وبصورة معيارية من جنس أدبي محكي في الغالب إلى جنس أدبي مكتوب علينا أن نتواضع على آلية لكتابتها لنحفظ تلك الكنوز التي تكاد تضيع بفعل غياب الرواة بل وغياب ظاهرة الرواية الشعبية وكون تلك الآداب لا تعتمد في الأصل الا على الرواية ولا شك انكم واعون بكل هذ ومستوعبون له لكنني اكرره عليكم من باب الذكرى النافعة للمؤمنين وأعود ثانية للتأكيد لكم بأن الوزارة تضع أيديها في أياديكم من أدل كل ما من شأنه أن يرفع الأدب والأدباء واسمحوا لي أن أثمن تلك الجهود الجبارة التي بذلها الجيل المؤسس والتي أكدت على أنهم التوافق والكلمة السواء كما نشكر شكرا خاصا أعضاء مكتب الاتحاد السابق وأثمن كل جهودهم التي بذلوا من أجل تمثيل الأدب والأدباء الموريتانيين.
من جانبه الرئيس السابق للاتحاد الدكتور محمدو ولد احظانا أكد أنه يتشرف بالوقوف أمام هذ الجمع الغفير من الأدباء والكتاب والمفكرين في هذ المشهد الأدبي المهيب لنقف عل صعيد الكلمة الطيبة ذات الأصل الثابت في هذه الأرض ليعلو فرعها في السماء مضيئا ولو لم تمسسه نار، صعيد الشعر المجنح والسرد المحلق والنقد المتبصر حيث ترسم لوحة الأدب أبعادها عبر طيف وظلال يمحي غموضها المذهل في الجمال المطلق ،صعيد الفكرة العظيمة التي تخامر النفوس حريرا وتفتنها رخاء وتحررها شعورا ، صعيد الأدب الموريتاني الذي رسم وجودنا الثقافي والفكري عبر تاريخنا المشرف وجعلنا بين الأمم أمة شعر وكتابة.
وأضاف اليوم يتنادى الأدباء الموريتانيون من كل أنحاء موريتانيا على كلمة سواء ليعيدوا انطلاق سفين الأدب ليمخر عباب المستقبل بكل ثقة متقدما بايات العرفان والامتنان لفخامة رئيس الجمهورية الموفق محمد ولد الشيخ الغزواني على ما أولاه للأدباء من عناية وتكريم شاكرا وزارة الثقافة ووزيرها المختار ولد داهي على الجهود التي بذلتموها مخلصة لإنجاح مسار توافقي بين الأدباء معددا بعض الإنجازات التي حققها المكتب في فترته والتي من أهما بناء وتجهيز مقر دائم للاتحاد وطبع بعض الأعمال الأدبية النسوية وإقامة المهرجانات الأدبية في داخل البلاد.
وقد اسفر المؤتمر عن المصادقة على فصل الاتحادين وتشكيل ثلاث لجان هي لجنة الإشراف على المؤتمر برئاسة الشيخ الخليل النحوي ولجنة صياغة النظام الأساسي والداخلي برئاسة الدكتور البكاي ولد عبد المالك ولجنة فرز النصوص وتوجيه المنتسبين كل حسب اختصاصه برئاسة الدكتور محمد الأمين ولد الناتي.
جري الحفل بحضور الأمين العام لوزارة الثقافة والشباب والرياضة وأبرز الوجوه الأدبية والفكرية في موريتانيا.