عن روايته "يا لها من جنة غريبة".. الصحفي والروائي عمر العقاد يفوز بجائزة جيلر الكندية

خميس, 11/11/2021 - 04:10

عمران عبد الله

 

فاز الروائي والصحفي المصري الكندي عمر العقاد، الذي ألّف رواية عن أزمة اللاجئين العالمية بعيون طفل، بأكبر جائزة أدبية في كندا.

حصل الأديب الشاب على جائزة "سكوتيابنك جيلر" (Scotiabank Giller) عن روايته "يا لها من جنة غريبة" (What Strange Paradise) ليلة الاثنين. وبث حفل التكريم على المستوى الوطني في ولاية تورونتو الكندية، بعد شهر من فوز الروائي التنزاني البريطاني عبد الرزاق قرنح بجائزة نوبل للآداب عن أعماله التي تنتمي أيضا لأدب وقصص اللاجئين.

 

الرواية التي نشرتها دار نشر "مكلاند آند سيتوارت" (McClelland & Stewart)، تروي قصة شخصين عالقين في أزمة اللاجئين العالمية.

 

تقدم الرواية تأثير الحرب على حيوات البشر العاديين بطريقة قصصية تظهر فيها المعاناة الإنسانية والنضال من أجل البقاء والسعي للفرص الجديدة، وتناقش الرواية طبيعة العلاقة بين اللاجئ والمجتمع المضيف.

في الرواية تجرف المياه الكثير من الجثث إلى شواطئ دولة عبارة عن جزيرة صغيرة.

وتتناوب القصة بين منظور أمير الطفل السوري الذي نجا من غرق سفينة في جزيرة مجهولة، وفانا الفتاة المراهقة المحلية التي أنقذته بعد أن غرقت سفينة أخرى متهالكة وغير مجهزة بشكل سيئ تحت وطأة ركابها الكثيرين -سوريين وإثيوبيين ومصريين ولبنانيين وفلسطينيين- كلهم ​​يائسون واختاروا الهروب من حياة لا يمكن تحملها في أوطانهم.

 

لكن بأعجوبة، نجا أمير -البالغ من العمر 9 سنوات- بعد أن أنقذته فتاة مراهقة موطنها الأصلي هو الجزيرة، ولكنها مع ذلك تعاني من إحساسها الخاص بالتشرد بين الناس الذين أصبحت تحتقرهم.

وعلى الرغم من أن أمير وفانا غريبان تمامًا ولا يتحدثان لغة مشتركة، فإن فانا تصمم على القيام بكل ما يلزم لإنقاذ الصبي.

في الفصول المتناوبة للرواية، نتعرف على حياة أمير، وكيف كان على متن القارب، ونتابعه مع الفتاة وهما يشقان طريقهما نحو الأمان.

قال العقاد في خطاب قبول الجائزة "لم أكن أعتقد أن لدي فرصة للفوز.. إنه إلى حد بعيد أعظم شرف في مسيرتي"، وأضاف "لقد حظيت بشرف لا يُصدق بأن أذكر في الوقت نفسه الذي يذكر فيه 4 مؤلفين بارزين يمكن لأي منهم أن يقف هنا الآن".

وتمثل الرواية نوعا من الدفاع عن الهجرة في شكل أدبي، وتحاول إضفاء طابع إنساني على اللاجئ الذي يعاني من صور ذهنية مسبقة في المجتمع الجديد.

 

 

"الحرب الأميركية"

وتعيد الرواية الفائزة النظر لروايته السابقة "الحرب الأميركية" التي تناقش أيضا آثار الحرب والنضال من أجل البقاء عبر قصة عائلة تعيش في مخيم للاجئين بسبب مزيج من الدمار والأزمات السياسية والمناخية.

ففي روايته السابقة المليئة بالإثارة والرعب، يروي العقاد قصة تجري أحداثها في المستقبل القريب في أميركا التي يدمرها تغيّر المناخ وتندلع فيها حرب أهلية ثانية على خلفية استخدام الوقود الأحفوري.

ويحكي العقاد أحداث أواخر القرن الـ21 في عالم مزقته التغيرات المناخية، ويشهد بطل الرواية مقتل والده بهجوم لمليشيات الشمال، فينتقل إلى مخيم لاجئين في عمر الطفولة، ويشهد أحداث عام 2074 عندما يتم إقرار مشروع قانون يحظر استخدام الوقود الأحفوري في أميركا، فتنفصل ولايات أميركية عن الاتحاد، وتحتل المكسيك تكساس، في وقت تدخل فيه "الولايات الجنوبية الحرة" المتبقية في حرب مريرة.

ويتنقل بطل الرواية من مخيم لاجئين إلى آخر قبل أن ينخرط في حرب عصابات ويغتال جنرالا شماليا كبيرا، ويُحتَفل به بطلا من قبل الولايات الجنوبية الحرة، لكن هجوم الشمال على المتمردين الجنوبيين يتصاعد، فيقبض على بطل الرواية ويتعرض لتعذيب قبل أن يفرج عنه لاحقا ويعود لممارسة نشاطه مرة أخرى.

وفي خضم الأحداث، يحضر موضوع تغيّر المناخ، فبسبب ارتفاع منسوب البحر والفيضانات غمرت المياه ولاية فلوريدا وولايات أخرى، وهاجر سكانها بالكامل خاصة في الساحل الشرقي، ونُقلت عاصمة الولايات المتحدة. كما تصبح الجزيرة العربية حارة جدا وغير قابلة للحياة، في حين تحدث فيضانات خطيرة وواسعة النطاق في جنوب آسيا.

روائي وصحفي شاب

انتقل عمر العقاد (39 عامًا) إلى كندا عندما كان عمره 16 عامًا، والتحق بالمدرسة الثانوية في مونتريال قبل التحاقه بجامعة كوينز في كينجستون بأونتاريو. عاش في تورنتو لنحو عقد من الزمان، وقضى فترة في أوتاوا مراسلا صحفيا.

حقق المؤلف المقيم في بورتلاند بولاية أوريغون نجاحًا نقديا وتجاريا من خلال روايته الأولى لعام 2017 "الحرب الأميركية"، التي فازت بجائزة جمعية بائعي الكتب في شمال غرب المحيط الهادي، وجائزة أوريغون للكتاب الروائي، وجائزة كوبو للكاتب الناشئ.

وقال العقاد في مقابلة صحفية سابقة إن الخيال كان دائمًا بيته الأول، وأضاف "أنا واحد من هؤلاء الأشخاص الذين ليس لديهم إجابة جيدة جدًا على سؤال: من أين أنت؟".

وأضاف "كنت ضيفًا على أرض أخرى منذ أن كنت في الخامسة من عمري. ولقد وجدت دائمًا هذا الخيال حيث يمكنك نوعًا ما من تغيير معالم عالمك الذي اخترعته لتناسب أي واقع تريده، كنت أشعر دائمًا كأنني في موطني أكثر من أي مكان حقيقي".

وقالت لجنة التحكيم إن الرواية الفائزة "تثير تساؤلات حول اللامبالاة والعجز، وفي نهاية المطاف، تقدم أدلة على كيفية التواصل بشكل متعاطف في عالم منقسم".

وتعتبر جائزة جيلر -التي تبلغ قيمتها مئة ألف دولار كندي- من أعرق جوائز الأدب الكندي. ومن بين الفائزين السابقين مارغريت أتوود الفائزة بجائزة بوكر مرتين، ومردخاي ريتشلر وأليس مونرو.

تم تأسيس الجائزة في عام 1994 من قبل رجل الأعمال جاك رابينوفيتش تخليدا لذكرى زوجته الراحلة الصحفية الأدبية دوريس جيلر، ولتكريم أفضل ما في الخيال الكندي.

المصدر : الجزيرة + وكالات