أَتَبْكِي وَتَسْتَبْكِي وَتَنْدُبُ بِالصَّفَا
مَعَاهِدَ قَدْ أَخْلَقْنَ قُفًّا وَصَفْصَفَا
وَتَسْتَوْقِفُ الرُّكْبَانَ لَيْسَ لِحَاجَةٍ
سِوَى ذَرْفِ دَمْعٍ كَانَ قَبْلُ مُكَفْكَفَا
رُوَيْدَكَ هَذَا نَفْنَفٌ وَحَمَاقَةٌ
بُكَاؤُكَ مِنْ تِلْكَ الْمَعَاهِدِ نَفْنَفَا
بِعَيْشِكَ لاَ تَنْدُبْ مَرَابِعَ أَقْفَرَتْ
وَلاَ تَكْتُبِ الأَشْعَارَ فِي طَلَلٍ عَفَا
فَمَا أَنْتَ بِالأَعْشَى وَلاَ أَنْتَ عُرْوَةٌ
وَدَهْرُهُمَا دَهْرٌ تَوَلَّى وَأَسْلَفَا
أُلَئِكَ قَوْمٌ تِلْكَ هِيَّ سَبِيلُهُمْ
وَأَيْنَ ظَرِيفُ الْقَوْمِ مِمَّنْ تَظَرَّفَا
وَعِنْدَكَ مِنْ مَدْحِ النَّبِيِّ مَرَابِعٌ
فَلاَ تَبْغِ عَنْ تِلْكَ الْمَرَابِعِ مَصْرِفَا
لَدَى تِلْكَ فَاسْتَوْقِفْ خَلِيلَيْكَ قَدْرَ مَا
أَرَدْتَ وَمِنْ ذِكْرَى حَبِيبِكَ قُلْ قِفَا
بُكَاؤُكَ فِي هَاتِيكَ لَيْسَ سَفَاهَةً
وَفِي غَيْرِهَا مَحْضُ الضَّلاَلَةِ وَالسَّفَا
رُبُوعُ رَسُولِ اللهِ صَفْوَةِ هَاشِمٍ
تَشَرَّفْ بِمَدْحِ الْهَاشِمِيِّ لِتَشْرُفَا
فَحَتَّى مَتَى بَيْنَ الْمَدِيحِ حَشِيشَةٌ
وَبَيْنَكَ تَخْشَى أَنْ تُزَالَ وَتُنْتَفَا
وَمَنْ مَدْحُهُ فِي الْمُصْطَفَى يَزْكُ مَدْحُهُ
وَيَذْهَبُ دُونَ الْمُصْطَفَى مَدْحُهُ جُفَا
هُوَ الْهَاشِمِيُّ الْمُقْتَفَى رَسْمُ دِينِهِ
وَأَكْرِمْ بِهِ مِنْ هَاشِمِيٍّ وَمُقْتَفَى
يَجِلُّ عَنِ التَّعْرِيفِ يُعْجِزُ وَصْفُهُ
فَلَيْسَ بِمَوْصُوفٍ وَلَيْسَ مُعَرَّفَا
وَتَوْصِيفُهُ بِالشَّمْسِ وَالْبَدْرِ مُطْلَقًا
وَبِالْغَيْثِ فِي إِسْبَالِهِ لَيْسَ مُنْصِفَا
فَلاَ الشَّمْسُ إِلاَّ الشَّمْسُ فِي مَيْعَةِ الضُّحَى
مَتَى أَمِنَتْ مِنْ أَنْ تُغَمَّ وَتُكْسَفَا
وَلاَ الْبَدْرُ إِلاَّ الْبَدْرُ عِنْدَ تَمَامِهِ
وَلاَ الْغَيْثُ إِلاَّ إِنْ أَفَاضَ وَأَتْحَفَا
يَفُوتُ سَنَا الْبَدْرَيْنِ مَا فِيهِ مِنْ سَنًا
وَتُخْجِلُ يُمْنَاهُ السَّوَارِيَّ وُكَّفَا
نَبِيٌّ كَرِيمٌ فِي الْمَصَاحِفِ مَدْحُهُ
فَمَا قَوْلُ مَنْ فِي ذَاكَ طَالَعَ مُصْحَفَا
لَكَمْ أَعْجَزَ اللُّسْنَ الْمَصَاقِيعَ نَعْتُهُ
قَدِيمًا وَكَمْ أَعْيَى اللِّسَانَ الْمُثَقَّفَا
وَكَمْ فَاتَ لَمْ يُدْرِكْ حَقِيقَةَ كُنْهِهِ
جَسُورًا إِذَا كَلَّ الْمَرَاسِيلُ خَذْرَفَا
فَإِنْ تَرَ أَنَّ الصَّمْتَ أَبْلَغُ هَهُنَا
مِنَ النُّطْقِ فَافْعَلْ كَانَ رَأْيُكَ مُحْصَفَا
مُحَمَّدُ غَوْثُ الْعَالَمِينَ وَغَيْثُهُمْ
إِذَا الْغَوْثُ أَكْدَى أَوْ إِذَا الْغَيْثُ أَخْلَفَا
مَوَدَّتُهُ أَصْفَى الْمَوَدَّةِ مُطْلَقًا
وَأَهْلُوهُ هُمْ أَهْلُ الْمَوَدَّةِ وَالصَّفَا
وِدَادُهُمُ قُرْبٌ وَقُرْبُهُمُ شِفَا
وَحُبُّهُمُ قُرْبٌ وَبُغْضُهُمُ جَفَا
وَأَصْحَابُهُ الأَصْحَابُ كُلُّهُمُ فَتًى
وَكُلُّ فَتًى مِنْهُمْ يُعَانِقُ مُرْهَفَا
وَكُلُّهُمُ مَاضٍ مَضَاءَ حُسَامِهِ
يُجَرِّدُهُ مِنْ فَوْقِ أَجْرَدَ أَهْيَفَا
فَوَارِسُ صِدْقٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَقَيْلَةٍ
تَرَاهُمْ خِفَافًا فِي الْكَرِيهَةِ زُحَّفَا
تَرَاهُمْ إِلَى الأَسْلاَبِ يَمْشُونَ خَيْزَلَى
وَنًى وَإِلَى الأَعْدَاءِ يَمْشُونَ خَيْطَفَى
وَمَرْآكَ مِنْهُمْ لِلْحَيَاةِ تَأَنُّفًا
كَمَرْآكَ مِنْهُمْ لِلْمَمَاتِ تَلَهُّفَا
عَلَيْهِمْ صَلاَةُ اللهِ بَعْدَ صَلاَتِهِ
عَلَى الْمُصْطَفَى مِنْ مُصْطَفًى بَعْدَ مُصْطَفَى..