عبد الرحمن هاشم
بوكي ولد أعليات الشمعة المنسية في بلاد الذاكرة الشفهية ، رجل تنكر له كل شيء في وطنه فظل المنسي من أحاديث الإطراء و التقدير !!! الرجل كرس نفسه لجمع تراث أمة ساردة في غيها نائمة على أرائك الآخرين لأنه كان يعلم بأن أجيالا ستأتي وتسأل عن تراثها ، خاف الرجل من أن يكون الجواب ضاع !!
كلما داعب النسيم جبل أشتف و قمة أكليب سيدي أحمد الشامخة تحرك ضمير المجرية الخفي و تأود في راحها سعف النخيل و خامرها أحساس غامر و تذكرت نبضها و مدون قيم الوطن و سندباد التافلويت و ذاكرة التراث المنسية و المنفية من حياض التبجيل في محافل النطيحة و المتردية و ما أكل السبع ...
كان زمانك جميل ببساطة الجلسة و طيب الحديث و نقاء الضمير ، كان كل شيء رغم الشقة عذب و رائع ، كان كل شيء يسكنه الصدق و النبل ، كنت تجمع منظومة أخلاقية في نكران تام لذاتك لأنك تعلم بأن الزبد يذهب ....
و الآن أراك مدرجا بالطيب و مكلل بالظفر تعب من جذوة إيمانك و تقطف من سدرة المشتهى ما يحلو لك من يانعات فلا شيء بعدك غير أننا عدنا لعبادة العجل فعلى كل عمود كهرباء صورة و في كل مجزرة و مخفر صورة و هي الصورة ذاتها جامدة لا تتحرك و نحن لها عاكفون نستجدي خبز اللحظة اليابس ....
لا عليك فالإتحاد بعد أضحى مسخرة و الجمال بعدك من الأشياء المهاجرة ، ديمي لم تعد تشدو من أجل الوطن مستنفرة ، و سيداتي غيروا وجهه الأخضر و لم يصبر على أن تكون ابتسامته مزورة و الوطن أطلال مدمرة و أمواله من عرف الشعب (محرمة )..
أرحل كما كنت عبر الوتر الصاخب الأنفاس و عامر مراكب فأحلامنا مرايا مشوهة و خريطة الوطن الكريم فراشة تدثرها الدجى و الغياب لكن تظل رغم المتاهة حاضرا كلما بحثنا في سفر القيم و المكارم ، ليست تكانت وحدها من تشتاق إليك بل كل موريتانيا أحضان و قلوب و سلام عليك . رحم الله بوكي ولد أعليات الخلق و القيم