كان الوقت ضحى يوم 26/11/1992حينما تسلقت بنا سيارة لاندرفير ممر "اشتف "والوجهة "تامورت النعاج" كان معي على متنها العميد اليدالي حسن ،والمهندس راسين سي ،والسائق امبارك ولد محمود ..وكنا ضمن البعثة الإعلامية المرافقة للوزير الأول سيدي محمد ولد بوبكر، لتغطية وضع الحجر الأساس لطريق تجكجة وتدشين شبكة المياه في النبيكه وتامورت النعاج.. من النظرة الاولي شغفت بتلك الربوع ،التي تعلقت بها منذ الصغر- والأذن تعشق قبل العين أحيانا- .. اللوحات الشعرية الرائعة التي رسمها محمد ولد آدبه وسيدي محمد ولد الكصري عن تكانت حاضرة لا تفارق مخيلتي ..في أذني على الدوام يتردد صوت الفنان الرائع المرحوم سداتي ولد آبه وهو يشدو برائعة ولد الكصري : حَدْ اصِيلْ افْ تگــانِتْ شــامْ = نافِــــــــدْهَ لاگِ عنـهَ عـــامْ واعمـلْ بلْياليـهْ ولَــــــــيَّـــام = لين الْحَــگْ مِنْهَ بَل امْنَيْـن عادْ ايبانولُ رُوصْ اخشـامْ = إكْـــــدَ تگــــانـت مِتْحَــدِّيـنْ يَنباوْ ويَغباو اف لِغمام = وهومَ زادْ ألَّ مَشْيـــوفيـنْ يَطْرالُ شِ يَغْلَـبْ لَفْهـــــــام = گولانُ كُـــونْ الِّ فِلْحِيــــن مَا يَبْگَ شَوْقْ أدْرَسْ مَگَامْ = ولا يَبْگَ فِلْعَيْنِينْ اخْــــزِيـنْ ولا يَبْگَ مَنثورافْ لِكْـــلامْ = مَجَـاوْ أوزانُ مَنظـــــومِيـن ويَبْگَ ماوَدَّ حَــــقْ اتـرابْ = ماهِ كِيفْ اترابَ اخْرَ زَيـنْ ولا حق امَّلِّ زاد احْــبــــــابْ = ما يِنْجَبْرُ فِتْرابْ اخْرَيْـــنْ وبعد قرابة عشرين عاما من أول زيارة أقوم بها لتكانت غنت لي ايقونة الفن الموريتاني ديمي بنت آبة رحمها الله على "امباله "بتلك الطلعة بعد أن تظاهرتُ لها بالنعاس والسياراة التي أقودها تتمايل بمحاذاة أشاريم في تلك الليلة المقمرة إكْـــــدَ تگــــانـت مِتْحَــدِّيـنْ يَنباوْ ويَغباو اف لِغمام كنت أنا والراحلة والصديق شنوف ولد مالو كيف في طريق العودة من مهرجان التمور .. وكان ذلك آخر عهد لديمي بأرضها التي شغفتها حبا وغرست محبتها في قلوب الموريتانيين دون استثناء ولا استئذان .. توطدت علاقتي بتامورت النعاج أثناء تغطيات إعلامية متتالية في تسعينات القرن الماضي .. تجولت بين أحيائها وواحاتها وأقمت في بعض بيوتها وتعرفت على بعض رجالتها ألّ "ما يِنْجَبْرُ فِتْرابْ اخْرَيْـــنْ " ومنهم عطر الذكر المغفور له عبد القادر ولد أحمد الذي أكرمنا في بيته أنا و المرحوم اعمر ولد بوحبينى والمصور اكنين ولد احمد أطال الله بقاءه..عبرت للمرحوم عبد القادر عن إعجابي بالمنطقة بعد مطالعتي المتأنية لما بين دفتي "كبو" و" مطماطه" من مناظر ساحرة قال لي على الفور : يامحمد عبد الله تفضل بالبقاء معنا وأنا أعطيك نخيلا وأرضا سكنية.. تزاحمت هذه الذكريات فى رأسي وأنا أشاهد اليوم -بعد غياب لأسباب قاهرة عن هذا الفضاء - صورا من تامورت النعاج والمياه تحاصرها .. باختصار تامورت النعاج وأهلها يستحقون كل خير.