تواصل معي أحد أصدقاء الحساب الافتراضيين، طالبا تقديم توجيهات وإرشادات ونصائح تساعده على أن يكون شاعراً، فأعرضت عن الإجابة وطلبت منه أن يسأل أهل الاختصاص،فكم في العالمين الواقعي والافتراضي من الشعراء المفلقين الذين يجمعون بين ما جادت به قرائح الشعراء الجاهليين وما جاء به شعراء الحداثة وما بعدها، والغريب أن الصديق المحترم، تجاهل اقتراحي، وأصر على إحراجي، ودأب على إرسال الرسائل والتذكير مرة بالسلام ومرة بالكلام، فلما عرفت منه الجدَّ قلت له يافلُ لعلك وفقت إلى ضعف السبة فهي مجربة، فصاحبك ليس بشاعر ولا ناقد ولا تجد راوية يحفظ له بيتاً ولا كافاً، وأما النقد فدونه خرط القتاد، فهو تخصص صعب لا يلقاه إلا ذو ذوق سليم وقلب لا يعرف للجبن طريقا، وحيث لزمت الباب وتابعت الحساب، فخذ مني سبع نصائح لتكون من الشعراء، ولا تلزمني بها فالشعراء يقولون ما لا يفعلون وكذلك من هم في مرحلة ذي سوير.
أولا: احفظ من الشعر أجوده وأظرفه وأقصره.
ثانيا: اعتمد على خبير ذي ذوق سليم في الشعر العربي واطلب منه أن يرشح لك شعراء من مختلف العصور، وأن ينتخب لك من أشعارهم ما رق وراق وكان معلوم السياق.
ثالثا: لا تنشر بواكير شعرك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فقد يطريك من ليسوا من أهل التخصص، فتزل إلى الحضيض قدمك، ويرميك الشعراء المدونون عن قوس واحدة فتغيض قريحتك.
رابعا: حاول أن تقتنص المعاني النادرة واختر لها الألفاظ المناسبة فالألفاظ قوالب المعاني كما يقولون.
خامسا: ابدأ بالغزل والإخوانيات، ومواضيع الساعة، وإياك والمدح والرثاء فمن النادر أن يأتي فيهما المبتدئ بجديد تطرب له الأسماع.
سادسا: عليك بالقطع القصيرة والمبيتات الطريفة ولا تطل الشعر، فالطول ليس عيبا في حد ذاته ولكنه مفض إلى ركاكة المعنى واستخدام الألفاظ الوحشية أو السوقية.
سابعاً: حاول أن تكون مقلاً في قرض الشعر، ودع المجال لنصوصك كي تصل إلى المتلقي ويحكم عليها، وإياك ونشر الجديد كل يوم فذلك يفقد الشعر جودته وندرته، ألا ترى أن زهيرا كان يمكث حولا وهو ينظم قصيدة واحدة، وكذلك كان أبناء مانو، ولا شك أن الكم والكيف لا يجتمعان.
واسأل الله القبول فالشعر متعلق بذوق المتلقي، وذلك أمر لا تنفع فيه الوساطة ولا الحسب والنسب ولا كثرة المال والجاه، فكم من رفيع حط شعره من قدره، وقديما قال حكماء أهل إكيد أن الفتوة تصح دون إنتاج الشعر.
يعقوب بن اليدالي