إعلان

من أعلام انتفاشيت العلامة الأمين العتروسي

ثلاثاء, 06/10/2025 - 23:08

الحسين بن محنض

 

 

عطفا على تدوينتي عن زيارتنا لبقيع انتفاشيت ومزار الوليتين الداوديتين والولي الشيخ الأمين العتروسي هذه ترجمة له (جلها مستقى من كتاب "خَبرُ الموسويين المتأيّدْ, بتزكيات القاضي محمد موسى بن أحْمَيَّدْ" الذي تناول فيه مؤلفه تراجم أعلام الموسويين في العلم والقضاء.):

من أعلام انتفاشيت العلامة الأمين العتروسي

هو العلامة الفقيه المتبحر، والولي المتمكن الشيخ الأمين العتروسي نسبا، عاش في القرن الثاني عشر الهجري. يتصل سنده بالعلامة مفتي الديار المصرية الشيخ علي الأجهوري حسب ما ذكره العلامة محمد بن محمد سالم المجلسي في كتابه "لوامع الدرر" عند قول "خليل" في باب الرهن: «وإن رق جزء فمنه»: "كما حدثني بذلك أحمد بابُ الصديقي عن الأمين بن المختار بن موسى اليعقوبي عن الأمين العتروسي عن عبد الدائم بن اخطيره عن القاضي العلوي عن الشيخ علي الاجهوري».انتهى من اللوامع.

وقد نظم هذا السند العلامة عبد الله بن أحمدو المجلسي بقوله:

((محمد العم عن الجد للام

عن الأمين ولَد الطلبه العلم

عن شيخه العتروسي ذي المكارم

عن شيخه ابن اخطيره عبد الدائم

عن قاضي شنقيط عن الأجهوري

سلسلة كالذهب الشذور)).

أخذ عن الشيخ الأمين العتروسي أبناء المختار بن أشفغ موسى : محمذ (آبَّ العَلَمْ)، والأمين، وأحمد تكرور، وذلك أنه بعد وفاة أبيهم المختار عام 1139هـ احتاجوا لشيخ يكملون عليه دراستهم، فساروا حتى وصلوا إلى الشيخ الأمين، ولعل من أسباب اختيارهم له العلاقة التي كانت تربطه بوالدهم المختار وما سمعوه منه من الثناء عليه، فلقد ذكر العلامة محمد عبد الله بن البخاري بن الفلالي البركي في كتابه "العمران" في معرض حديثه عن مسكه بن باركلل ما نصه: «ومن همته وطلبه للعلم أنه كان مع المختار بن أشفغ موسى العلم الشهير، فسمعا أن العتروسي العالم الشهير في الظاهر والباطن أتى لبلد قريب منهم، فقال: مسكه للمختار امض بنا إليه ليفيدنا، فقال المختار: لا أظنه يفيدنا بشيء ليس عندنا، فأبى مسكه إلا المسير إليه، فلما أتياه وانتهى سلامهما عليه ناولهما طعاما، فقالا له: إنا صيام فقال: تطوعا؟ قالا: نعم، فقال: «كوالد وشيخ وإن لم يحلفا» فقالا له: لست بشيخ لنا، ولم نرك قبل الآن، فقال لهما: إن من كان أهلا لذلك يكون شيخا، وإن لم تعرفه قبل ذلك، فأفادهما بهذه المسألة، وكذلكم أراد مسكه... والعتروسي هذا هو أول من حل إشكال ثلاث مسائل أو أربع من الشيخ "خليل" في هذه البلاد نسيتها، وكانت عندي بخط أحمد مسكه عمي أو أحمد مسكه جدي».انتهى من العمران.

ولما وصل أبناء المختار بن أشفغ موسى إلى الشيخ الأمين مكثوا يدرسون عليه فترة من الزمن، ثم طلبوا منه الرحيل معهم إلى حيهم، وأقاموا عليه الحجة بأن منطقتهم آنذاك في حال يتعين عليه شرعا أن ينتقل إليها لتدريس أهلها العلوم الشرعية، فاستجاب لهم بعد لأي، وذهب معهم إلى منطقتهم رغم اعتراض وممانعة أهله، وفي سفرهم هذا لاقوا من الشدة والعناء ما أدى إلى سقوط أظافر أرجلهم، فكان ذلك مصداق كشف أبيهم الذي كان كثيرا ما يقول لهم: «اطلبوا العلم من قبل أن تسقط أظافر أرجلكم»..

وقد بقي الشيخ الأمين العتروسي مع أبناء المختار بن أشفغ موسى من مقدمه بعد وفاة المختار عام 1139هـ حتى وفاته حوالي 1186هـ، أي أن مدة إقامته مع أبناء المختار يعلمهم زادت على أربعين سنة تخرج عليه فيها كثير من أعلام المنطقة.

وكان الشيخ الأمين العتروسي مع علمه البالغ آية في الصلاح، أراد رجل ذات يوم أن يسخر منه ليضحك بذلك جماعته، فجعل يتساءل عن تسمية العتروسي، فأخذ الأمين العتروسي عودا كان بالقرب منه، وقال له إن إسخاط أبناء الصالحين يفعل بالعمر مثلما أفعل أنا بهذا العود، ثم كسر العود فسقط الرجل ميتا.

ودفن الشيخ الأمين بانتفاشيت على بعد نحو 400م شمال غرب مدفنها العام، الذي يطلق عليه بقيع انتفاشيت، كما ذكر الشيخ العلامة الشريف يابه بن محمادي في مكتوبه الذي فيه: «منذ عقلت لم أزل أسمع من الثقات أن البير المسماة انتفاشيت ملك لآل أشفغ موسى وهي بقيعهم المدفني، وأن أبناء المختار بن أشفغ موسى تعلموا عندها وعلموا، وأن بها قبر شيخهم الأمين بوعتروس الذي أتوا به من بلاد الحوض». وهذا القبر المبارك هو الذي كادت شركات نقل المعدن الطيني العاملة بالمنطقة أن تجرفه، لولا الجهود التي بذلها الأستاذ يعقوب بن محمد موسى والسياج الذي وضع عليه لحمايته.