منامات محموم

أحد, 09/17/2017 - 15:31

  جعفر كباد

 

ذات ليلة زارتني زائرة المتنبي، فاستسلمت لنوم عميق ...

وبينما أنا نائم إذ بفارسة شقراء تغطي متنها بأسود كملمس الحرير يداعبه النسيم العليل فيوجهه حيث يشاء دون أبسط مقاومة،وهي تمتطي صهوة جواد أشهب اللون ضامر البطن رقيق الساقين .. سألتها في دهشة !! من الحسناء؟ فأجابت وجوادها ينازعها اللجام ، اركب خلفي وسأخبرك .

فركبت ينتابني الشعور بهول المشهد !! وحب المغامرة،وخوف الوقوع من صهوة هذ المارد الجميل...

وبعد لحظات أو دقائق ﻻأدرى .

أوقفت جوادها أمام باب مدينة فائقة الجمال...

ونزلنا وقد زاد دهشتي  جمال المدينة وسرعة الوصول !!

دخلنا المدينة على حين غفلة منها،حيث لم نلتق إﻻ بشابين وسيمين كأنني أعرفهما من قبل .

ابتسمت الحسناء وقالت أتعرف المدينة؟إنها مدينة عبقر وأنا من سكانها ، وهذان الشابان من قبيلتنا، وسأصحبك في جولة في معالم مدينتنا الجميلة... .

فأجبتها إنني أشعر بالفخر والاعتزاز لدخولي مدينتكم الرائعة..فنظروا إلي نظرة ازدراء مريب وقالوا بلسان واحد اتبعنا يا... غريب ، أسررت تلك اﻹهانة في نفسي ولم أبدها لهم، وتساءلت .. متى نبدأ الرحلة داخل المدينة؟

في تلك اللحظات اختفي الفتيان عني دون وداع أو سابق استئذان!! ومشيت خلف دليلتي  تماما مثل ما فعل نزار ذات يوم في الحمراء...

ولم نلبث أن مررنا بحي فسيح الشوارع هادئ الصوت .. كل شيء فيه يعبر عن اﻷصالة والجمال !

قيل لي أنه حي تقطنه أرواح العباقرة الراحلين من من كان لهم شرف اﻹقامة في مدينتنا ...

فصرفت بصري تلقاءهم ، فإذ هم زمرا يجلسون على كراس من ورق بينهم ستائر من سنين ..ينشدون أشعارهم وكل حزب بما لديهم فرحون ....

سألتني .. أتحب أن تدخل بﻻط ملكنا وتري العباقرة المعاصرين؟ فأجبتها بالطبع يا عزيزتي .

قالت عليك أن تعرف انك غير محبب في مدينتنا وأغلب سكانها ينظر إليك بعين الريبة واﻹستغراب !

فحاول بكل ما أوتيت كي يقبلك الملك من رواد  عبقر يا غريب..وبينما أنا غارق في اﻹستماع إلي نصائح دليلتى الجميلة ... إذ تراآى لي قصر من حروف يعج بالحياة تتدفق منه أبحر وخلجان وشﻻﻻت .. ورأيت الكثير من الأصدقاء وقد منعوا من دخوله ..دخلت خلف عبقريتي  الجميلة فإذا بالملك  بين حاشيته ومستشاريه يستعرض أعمال المبدعين الكبار.

التفت ذات اليمين فإذا بإخوتي السدنة وقد نالت أعمالهم إعجاب الملك ، يتعاطون كؤسا من خمة الشعر واﻹبداع ، والتفت ذات الشمال فإذا بالسادنات مختضبات بالحبر.. يصلين في محاريب التميز واﻹبداع ...

حاولت التقدم نحو الزملاء .. فقيل لي وراءك يا غريب .

أعدت المحاولة دون جدوي ، فناديت .. يا جلالة الملك أريد اللحاق بإخوتي وزمﻻئي ..

فسئلت من خلفي .. أين أعمالك ومؤفاتك ؟

تجاهلت السؤال وأعدت الطلب و بصوت ارفع ...

فوقف الملك ووقف معه الجميع وهدأت اﻷصوات واحتبست اﻷنفاس للحظات...

كانت لحظات انتظار عصيبة .. بعدها أصدر اﻷمر بإخراج الغريب قليل اﻷدب والحياء الي حيث كان ...

فصحت بأعلى صوتي .. ﻻ .. ﻻ ..ﻻ

سأظل مصمما على اللحاق بالزملاء مهما اتسعت الفروق .

وفجأة استيقظت .. فإذا أنا في منامات محموم.