سيد أحمد ألأمير
هذه صورة أرْنَسْتْ رُومْ (Ernest Roume) الذي تم تعيينه واليا عاما لفرنسا بإفريقيا الغربية من سنة 1903 إلى سنة 1907، وهي وظيفة بمثابة رئيس حكومة أو حتى رئيس دولة، حيث كان يدير من مكتبه في دكار شؤون ثماني دول بلإضافة لبلادنا وهي: موريتانيا، والسنغال، ومالي، وغينيا كناكري، وساحل العاج (كوت ديفوار)، والنيجر، وفلتا العليا (بوركينافاسو الآن)، والتوغو، والداهومي (بينين الآن). وقد توفي روم سنة 1941.
في سنة 1906 التقى الوالي العام رُومْ بوفود القبائل الموريتانية القادمة من الترارزة والبراكنة والعصابة وتگانت عند مدينة بودور السنغالية، التي يسميها الموريتانيون لِگْصَيْبَه، وفي ذلك الاجتماع تم تحديد الشيوخ أو السَّيْفَاتْ والشيوخ العامين وهم فوق السيفات والجميع مكلفون بجباية العشور وغير ذلك من إدارة الشأن العام.
ويذكر الشيخ سيدي محمد بن الشيخ أحمدُّو بن سليمان الديماني في رسالة له حول ملابسات الاستعمار الفرنسي وما عرفته تلك الفترة من اصطفافات متحدثا عن أرنست روم قائلا أنه في سنة 1906: بَعْثَ إلينا حَاكِمُ التّْرَارْزَه مُونْسْيُو تَيْفِينْيُوهْ عِنْدَ خُرُوفَه... فَقَالَ لَنَا: الْمِيعَادُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ كُلُّكُمْ بُدُورْ لِنَلْتَقِيَ ثَمَّ مَعَ الرَّئِيسِ الْأَكْبَرِ رُومْ. فَلَمَّا أَتَيْنَاهُ عِنْدَ بُدُورْ وَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَرِحَ بِنَا وَقَالَ لَنَا: أُمُورُكُمْ بِيَدِ مُونْسْيُو تَيْفِينْيُوهْ فَمَا فَعَلَ فِيكُمْ فَهُوَ مَاضٍ." كما ورد ذكر أرنستْ رُومْ وذكر اجتماعه بالوفود الموريتانية في نظم القاضي محمذن بن محمد فال "امَّيَيْ" التاريخي حيث يقول في حوادث العام الرابع بعد العشرين (أي 1324 للهجرة أي 1906 ميلادية):
وَفِيهِ لِگْصَيْبَه اسْتَقَلَّتْ زُمَرَا ۞ مِنْ فِتْيَةٍ وَشِيخَةٍ وَأُمَرَا
وَكَانَ فِي تِلْكَ الْجُمُوعِ رُومُ ۞ وَالنَّاسُ لَا يَدْرُونَ مَا يَرُومُ
و"روم" المذكور في نهاية الشطر "وَكَانَ فِي تِلْكَ الْجُمُوعِ رُومُ"، هو هذا الوالي ذو السبلة الطويلة كما يظهر في الصورة، ويبدو أن اجتماع رُومْ بالوفود الموريتانية كانت فيه مفاجآت وأمور غير متوقعة، وأول احتكاك لهذا المسؤول الفرنسي القوي بممثلي القبائل، كما يفهم من قول القاضي اميَيْ: " وَالنَّاسُ لَا يَدْرُونَ مَا يَرُومُ."
ومن المعلوم أن مدينة بودور السنغالية أو لِگْصَيْبَه تقع على ضفة النهر إلى الشرق من سان لويس "اندر" بينهما 215 كلم.
وقد ظل نظام السَّيْفَاتْ قائما مدة أربع وستين سنة إذ ألغي سنة 1970 وذلك حين عم الجفاف بعض مناطق موريتانيا، ونفقت الأنعام والدواب من غنم وبقر وإبل، وحمير، ولم يبق ما تجبى منه العشور ولا ما تقوم به السَّيْفَاتْ، فأسقطت حكومة المختار ولد داداه جبايةَ العُشُورِ ونظام السَّيْفَاتْ، وفي الوقت ذاته تضاعف سعر بعض المواد الاستهلاكية مثل السكر، وقد خلد الأديب البارع محمد بابَه ولد النَّدَّه اليدُّوكيُّ رحمه الله ذلك بقوله:
العِشْرْ اطْيَاحُ ما يَگْدَرْ ۞ يِنْكِرْ منكمْ حدْ اطْيَاحُ
واطْياحْ السَّيْفَاتْ إفَكَّرْ ۞ كانُو كيفْ العِشْرْ وُطَاحُ
والعِشْرْ التَاحْ اعْلَ السكِّرْ ۞ والسَّيْفاتْ أعلاشْ التَاحُ.