أهل آدب.. "كل يغني على ليلاه" / أدي آدب

أحد, 03/11/2018 - 02:30

(1)

يخيل إلي أن الشاعر المبدع محمد ولد الشيخ أحمد ولد آدب كان لا يكتب روائعه في المرأة إلا يوم :8مارس، حيث يبالغ في إشباع غرورها، وتدليلها، ويمنحها فوق ما تريد من الحقوق، عاطفيا، واجتماعيا، وماليا، فاسمعن يا بنات شنقيط، ويا رجالها أيضا:

كابلتك وأبقيتك وأمشيتْ ***فاخلاكك وأعطيت التلــــــيتْ
فاخلاكك مابعت ؤلاطيتْ***سارحـــهَ تميتْ أبــــلا عـــارْ
ماكلت واس مــا وســيتْ*** مــا نكليتْ أفمسْلَ تنْــأأأأــدارْ
غنيت أعليك ؤلاخــــليتْ***دار أنــزلتيـــــــــــه والل دارْ
كط أوخظتيه مــــا غنيتْ***أعلــيهَ وأهْــجاركْ وأمْــــرارْ
لفظك زاد أعليـهم طـبَّيتْ***مـا لتْهَيْت أفْكثرتْ لَــخْـبَـــارْ
كـل أنْهار إفُــوتْ أعـــليَّ*** بالـــعيْب ؤلَــخْطَ وبْتـكْــرارْ
الخــــاســرْ يَكـــــــانُ فِيَّ *** يَحْــــرَارْ ؤفيَّ ما يَـــحْرارْ

(2)

إذا كان محمد ولد آدب فتى الفتيان، قد غطت شهرته بدور أسرته، وكان مثل الشجرة التي تحجب الغابة، فإن "وراء الأكمة ما وراءها"!
وهل كان محمد بن الشيخ أحمد بن آدب، إلا وريث الشعراء: أبا، وجدا، وأعماما.. وأخا الشعراء، وابن عم الشعراء... سلالة "بيت الشعر"، وأغضان شجرته الراسخة الشامخة.. في الشعر والحب...وأشياء أخرى...
وسوف نقدم ومضات خاطفة، عبرحلقات مختصرة، عن بدائع القوم في حب زوجاتهم..وقلما كانت الزوجة موضوع غزل في الشعر العربي القديم!
اليوم في هذه الحلقة الثانية نقف مع الشيخ أحمد ولد آدب في:
قسمة ضيزي لحبه: 
"خريجة" خالصة لصالح اخديجة بنت أمحمد لحمد والدة الظاهرة: محمد بن آدب:

جِيلي.. كسَّمت العز..اعْلـيهْ ** اعْل ارْبعْت أقْســــامْ امَّواسيهْ:
ربْعُ لخْدَيْجَه.. كــــاعْ الْهَـيهْ ** ما عندِي فِــــيهْ اتْمَجْمِــــــيجَه
والرُّبْع الثــانِي.. مرَّتْ بِـيهْ ** مــــانِ عـــــــــالمْ بيهْ اخْدَيْجَه
والرُّبْع الثالث.. يكطعْ فِــيهْ ** وَسَّاتْ اعْلِــــيهْ اتْخَـــوْرِيـــجَه
وبالرَّابعْ خَرَجْت الْهَا.. هَيهْ** لا بُد الُهَا منْ لخْــــــرِيـــــــحه

الثامن# مارس= هل تسمعني

(3)

وقفتنا اليوم مع أدب ولد الشيخ أحمد بن آدب، صنْوُ محمد نسبًا وأدبًا، حيث ينقل إلينا حوارا داخليا مع ذاته، يوم كانت ليلاه مريضة، فعادها مستطلعا حالتها الصحية، فكان في جوابها جملة اعتراضية، لتعويذة السائل وتفديته من حالة المرض ذاتها، هي – مارديت عليك- التي بمعنى "حاشاك"، ورغم أن هذه الجملة مألوفة في دارج أحاديثنا، فيبدو أنها أحدثت في وجدان الشاعر المرهف الإحساس، ترددا خاصا، إما لأنها قيلت بإيقاع وجرس مؤثر، وإما لأن مزاج الشاعر المشفق التقطها مشحونة بتفاعل خاص بين ذات المرسل، وذات المتلقي، ينقلها من سياقها الدارج المألوف، إلى هذا التردد النفسي، الذي عبرت عنه اللغة الشعرية بتكرار يعكس مدى التطابق العجيب بين الموسيقى الخارجية للشعر، والموسيقي الداخلية للشعور، حتى ليخيل إليك أن دعوة ليلاه المريضة- في جملتها الاعتراضية- لم يستجب لها الله، حيث نفذت شكواها من طول حُمَّاها، إلى صميم ذات الشاعر، فأصبحت الطلعة/ القصيدة، مجرد هذيان محموم، يردد العبارة نفسها،عبر قوله:

يالعَكلْ العاكبْ منْ شِ -فِــيكْ- ** يَطْرَ. لَاهِ نَحْكـِيهْ اعْليكْ
اوعَدْتْ أمْرَ.. كانتْ تلْهِـــــيكْ** لاهِ اتْسَوَّلْهَا عنْ حـــالتْ
مَرَضْهَ.. كَلْتْ: اشغايسْ فِيكْ؟ **كالت: حُمّ هوْنْ اطْوَالتْ
ما رَدَّيْتْ اعْلِيكْ.. افطن ذيك** ما رَدَّيْتْ اعْلِيكْ الْ كالتْ
ذَهِي -مَا رَدَّيْتْ اعْلِــيـــــكْ-*** ليْعَــتْهَ فيَّ مَــــــا زالتْ!

 

(4)

حيث ما ولَّى (أهل آدب) وُجُوههم، فثمَّ الله- جلَّ جلاله- والحُبَّ والشِّعْر.. و. ..
الحلقة الرابعة اليوم، تُلْقِي مرْساتَها، عنْد الواجهةِ الشرقية لهذه الأسْرة، حيث سيد امحمد بن محمد لحوار بن آدب، يضبطُ نبْضَ قلبِه الخفَّاق على إيقاع " لبْتَيْت الناقص"، وهو يُغّنِّي على لَيْلَاهُ: " أمَّانه بنت سيدي بُو بكر ولد مولاي الزين لأمها أم الخير منت أعمر بن حبيب"، كريمة بيْت القيادة في أوْلاد الناصر، بالحوْض الغرْبي، جاعلا إياها كعْبةَ حُبِّه وشِعْرِه وكَرَمِه، فكلُّ مُقوِّماتِ فُتُوَّتِه قد ارتهنتْ لديْها، ولم تعدْ قابلةً للدَّوَرَانِ خارجَ محْوَر قطْبِ جاذبِيَّتِهَا الطاغية، وهكذا يُكملُ شاعرُنا المبدعُ - بالحُمُولةِ العَاطفيةِ الكَبيرة- ذلك النقْصَ المَزْعُومَ في هذا البَحْر الشِّعْري الخفيفِ الرَّاقِص، الذي اسْتحْوَذَ على رُوحِه، مثْلَمَا اسْتَحْوَذَ "لبْتَيْت التَّام"، على تجْربةِ محمد بن آدب، فاسْمَعْه، هُنَا.. يتدَلَّهُ(يتمتْمت):
بَغْي اغْيُود التّحْفالْ *** الفايتْ و الْمَـزَالْ
اعْلمْ عَنُّو يَالْبَــــالْ *** ؤمَعْطَانَ وَ اغْنَانَ-
گبْل "امَّانَه" تبْقالْ***كانْ اعْلَ مُـــــــلانَ

وِيلَ -بَامْر القديرْ-*** گلتْ اعْلَنَّكْ تَخْتـيرْ
تَنْفَدْ غَيْدَات الدَّيرْ*** بامْسَالَه عَجْـــلانَه
آنَ كِيفَكْ يَغَيـــــرْ*** انْتَ گـــــاعْ ؤَلانَ..

بسْمَنْ حِيلَ حَالتْ ***بَغْي اغْيُود انْسَانَ
و"امَّانَه" مَزَالتْ***-يالدَّلَّالْ- "امَّــــانَه؟!
مجرد سؤال!!