محمد المختار الفقيه
علي عزت بيجوفيتش! كم كان مسلما مؤمنا محتسبا! كم كان كبيرا و صابرا و رحيما كشعبه! الحنان يتدفق من عينيه رغم المعاناة و الآلام...!!
كان إنسانا بكل ما تحمله كلمة انسان من صفح و رباطة جاش و صبر على البلاء!
تذكرت مجازر البوسنة...
لست ادري كيف طاف بي ذلك الطائف عندما وقعت عيني على هذه الصورة و كانها صورة على عزة بيجوفيتش و بجانبه طفل بوسني يتيم!
ذكرتني الصورة بمجازر البوسنة، بظلم "ذوي القربى" من منظري حقوق الإنسان و الحيوان!
تذكرت سريبرينيتشا!! و ما أدراك ما اسريبرينتشا!! يا للهول! يا للفظاعة! يا للعار!
قصيدتي عن مجزرة سريبرينيتشا على صفحتي هذه...كانت بكائيتي في وجه عالم ظالم شهد أقسى و أبشع عملية تدنيس- و ليس تطهير -عرقي و ديني في قلب العالم " المتحضر"! كتبتها بدموعي...!
ربما هي ليست شعرا؛ بل ليست شعرا مطلقا، ولكنها دفق شعور، أنة مكلوم، صرخة عاجز...!
رباه!كم في عالمي هذا من مظالم...كم في عالمي من مقهور.. كم فيه من جائع و محروم!!
و كم فيه من مترف باذخ، عابث، عربيد لا يلوي على شيء!
سريبرينيتشا...
سريبرينيتشا! سريبرينيتشا!!..
يا جزمة مرفوعة في وجهنا..
يا غصة محبوسة في حلقنا..
يا لعنة ستظل في أرحامنا..
يا طفلة تغفو ..
ثم تصحو بين أحضان الضياع..
يا زهرة ديست بأقدام الرعاع!!
ما ذا سنحكي أو نقول؟!!
ما ذا سنكتب من فضول؟!!
جف المداد!
وقف الجواد!!
لم يبق إلا الموت والموت المعاد!!
***
يا عالما صاغوه من أوجاعنا..
خلناه منا أو لنا..
نحن العجينة فلتحدد شكلنا..
نحن اللبان؛ فلتواصل مضغنا
وواصل سحقنا ، إن شئت..
أو إن شئت عجل حتفنا..
لا تكترث..
لا تكترث..
إنا يئسنا من زمان
إنا شغفنا بالهوان..
لم يبق فينا للتوجع من مكان..
فارفع صليبك فوق ساحات الأذان!!
***
يا أيها الزمن الضرير..
يا أيها القدر المرير..
لم تبق فينا من ثغور أو شعور..
لا بوركت أعدادنا..
لا بوركت أجنادنا..
هذي قرانا..
فلتحلها ولتحلنا كالهشيم!
أو فلتهمنا.. واشرب النخب العظيم!!
خذ أرضنا..
خذ عرضنا..
بع حلمنا..
بع ما تشاء لمن تشاء..
إذ لا رجال ..ولا نساء...و لا انتماء!!
نواكشوط 29/يوليو/1995