ناديتُ فُلَّكِ مشتاقا فما نبسا
ورَمْلُكِ الغَضُّ أن غازلته عبسا
فجنت يا تونس الخضراء مستمعا
منك العتاب ، و منك اللين ملتمسا
أطوي الليالي سمير النجم ملتحفا
ببردة اليأس. حظي في الهوى نحُسا
ما الأمر ماذا جرى ماذا اقترفتُ أنا
إن لم تُبيني سأبقى بائسا تعسا
مُحَطًّمًا في خِضَمِّ الشّوق يقذفني
وجدٌ لِوَجْدٍ و همٌّ قاتلٌ و أسى
كالخيل حَمْحَمَتِ الأوجاع في رنتي
وامتص روحي عذاب مؤلم و حسا
جَرْحَاكِ منهم أنا ، منهم أنا ، فأنا
يا تُونِسَ الْمَجْدِ من عشاقك البُؤَسَا
لا تَخْجَلِي ضَمِّدِي جرحي علانية
أنا الوحيد الذي أشكو صباح مسا
مَا بَالُ يَعْرُبَ يَا قَرْطَاجَةُ خَلَدَتْ
إِلَى الرُّقَادِ . وَجَفْنُ الْكَيْدِ مَا نَعُسا
تآكلت و تلاشت جاذبيتها
ووجهها ، الْمُقْمِرُ الْبَسَّامُ قَدْ دَمَسَا
خارت قواها فماتت كل هيبتها
جسم الكرامة لما استسلمت نَجُسَا
لم يبق إلا خطابات لها بليت
قد ألبستها من اللفظ البديع كسا
(كنّا و كنّا ) فهل (كنّا) تقيم لها
ركنا تهاوى و رأسا شامخا نُكِسَا
قرطاجة يا عروس البحر كم عصفت
بك المآسي و كم حزنا عليك رسا
و كم يدا نحوك امتدت فما لمست
فيك العفافَ. و لا الطُّهْرَ الذي قَدُسَا
أنا بِتُوزَرَ يَا قَرْطَاجَةُ كَلِفٌ
و حبها في شراييني قد انغرسا
صداح بلبلها في الأيك هَيَّجَنِي
نسيم صفصافها في مسمعي همسا
يا جنة الشعر غناء المروج جرى
فيك القصيد نميرا صافيا سلسا
زُفِّي أَبَا القَاسِمِ الشَّابِي بشارتنا
إنا إليه أتينا نحمل القبسا
و هَنِّئِي كل من باحو و من كتموا
كانوا رجالا أحبوا تونسا و نِسا
عيناك ما بهما لم تَبْصِرَا ، بَكَتَا
لعلنا من جديد نلتقي و عسى
الشاعر المالي: عبد الله درامي