قبس من حياة والدتنا الراحلة عائشة بنت المختار بن حامدن
كيف ماتت:
قبل أسابيع زار أحد الإخوة الولي الصالح الشيخ محنض بابه بن امين بحاضرة الدوشلية الذي هو ابن عم شقيق لوالدتنا عائشة، فسأله الشيخ محنض بابه عن عمر والدنا الشيخ بن محنض حين توفي كم كان؟ فقال له: أربع وسبعون سنة، فقال له الشيخ محنض بابه: وكم عمر عائشة اليوم؟ فقال له: أربع وسبعون سنة.. ولم يفهم الأخ حينها أن ذلك ربما كان إشارة إلى حضور أجل عائشة...
ولما لم يعد يفصل عائشة عن هذا الأجل إلا أيام قليلة اتصلت علي عبر الهاتف ذات صباح قائلة: لقد زارني والدي المختار (التاه) البارحة في المنام ومعه جمع غفير من الأموات، ومعهم الولي الصالح شيخ حاضرة آمنيگير الشيخ عبد الله بن امين (الأخ الأكبر للشيخ محنض بابه)، وقالت لي: ما لم أفهمه هو وجود الشيخ عبد الله بن امين وحده من الأحياء بين كل هؤلاء الأموات.. ثم كان الشيخ عبد الله بعد أن فاضت روحها الطاهرة أمس هو من سيتولى الذهاب إلى مقبرة آمنيگير وتجهيز قبرها الذي سيؤويها ريثما تصل.. فانحلت على ذلك رؤياها المتقدمة..
كيف عاشت:
ولدت عائشة سنة 1946 في أطار لأبوين كريمين، فأبوها هو العلامة الصالح الأديب المؤرخ المختار بن حامدن سليل علم إيگيدي العلامة القاضي محنض بابه بن اعبيد الديماني، وأمها هي الصالحة العابدة الزاهدة المجاورة مريم بنت أحمد البشير سليلة علم آدرار العلامة الصالح أحمد البشير القلاوي نشأت وترعرعت بآدرار قبل أن تنتقل مع أسرتها إلى أبي تلميت عندما تم تعيين والدها المختار بن حامدن أستاذا للتاريخ بمعهد أبي تلميت سنة 1956، حيث ستتزوج من ابن عمها والدنا الشيخ بن محنض..
اشتهرت منذ ريعان شبابها بالاستقامة والفضل والسيادة وحسن الخلق والكرم الشديد. وفي بداية الثمانينات عاشت وهي في الثلاثينات من عمرها تجربة روحية قوية دخلت بسببها في حياة تزكية وزهد شديدين دامت عدة سنوات، وفيها خرق الله تعالى لها العوائد وكشف لها الحجب فكثرت مرائيها الصالحة ومكاشفاتها وكراماتها، ثم تاقت نفسها إلى العلم والتعليم فأسست في أواسط الثمانينات محظرتها وظلت من خلال هذه المحظرة تقدم الدروس وتدعو إلى الله تعالى وتعلم الخير، حيث تخرجت على يديها على مدى قرابة أربعين سنة مئات من النساء الحافظات والداعيات والمتعلمات، والمحبات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت فضلا عن تدريسها التجويد والفقه كثيرة الاشتغال بالمحبة والسيرة النبوية التي ألفت فيها مؤلفات عديدة، وشغلت السيرة والمحبة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جل وقتها..
وكانت مع ذلك عابدة ذاكرة زاهدة محسنة منفقة وصولة للأرحام ولأهل بر أبويها.. وكانت لها دعوات مجابة، كثيرة مرائي الصالحين بها من كل جهة.. وكانت لها كرامات كثيرة معروفة، منها أنها لما انتقلت إلى السعودية برسم الجوار بعد وفاة والديها أواسط التسعينات رأى طارق بن لادن جدها أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه في المنام لطارق بن لادن فكشف له عن حالها وأوصاه بها، فبحث عنها طارق حتى وجدها على الصفة التي وصفت له في المنام، وقام بإكرامها وتولي جميع شؤونها طيلة مكثها هناك رحمها الله تعالى برحمته الواسعة وأسكنها فسيح جناته..