الميمية الاعتذارية للشاعر الكبير محمدُّو ولد محمدى العلوي

أحد, 10/11/2020 - 04:20

 

من روائع الشعر: الميمية الاعتذارية للشاعر الكبير محمدُّو ولد محمدى العلوي، التى يمدح فيها الشيخ سيدى محمدا ووالديْه: الشيخَ سيدي الكبير وامَّامَّه بنت عال ولد عبدى. رحم الله الجميع.
ويرى حفيد الممدوحِين الشيخُ المفتى إبراهيم بن يوسف بن الشيخ سيدي بابه -حفظه الله-  أنها من أحسن القصائد التى قيلت فى الاعتذار، بل إنه فضّلها على اعتذاريات النابغة الذبياني، كما أشار إلى ذلك فى برنامج زمن الفتوة، فى الحلقة التى تناولت حياة الشيخ سيدى محمد.
وهذا نص القصيدة:

هَاجَتْ رَسِيسَ بَلَابِلِى وهُمُومِى ** قَسْـرًا دَوَارِسُ أَرْبُـعٍ  ورُسُــومِ

أَوْدَتْ بِهِنَّ يَـدُ الزَّمَـانِ فَأَسْـأَرَتْ ** كَالْوَحْـيِ أوْ كَمُرَجَّعَـاتِ وُشُـومِ

 كَانَتْ لِرَوْضِ الَّلهْوِ مَرْعًى فَانْتَهَتْ ** لِلْعِينِ مَرْعَى الشِّيـحِ والقَيْصُـومِ

للهِ مَـا جَلَبَـتْ لَهُ عَرَصَاتُهَـا ** مِـنْ ذِكْرِ عَهْدٍ لِلشَّبَـابِ قَدِيـمِ

فَـأرَادَ يَكْتُـمُ مَـا بِـهِ وبِدَمْعِـهِ ** ظَهَرَتْ ضَمَائِـرُ سِـرِّهِ المَكْتُـومِ

إنْ تَرْمِنِى بِسِهَامِ لَحْـظٍ غَادَرَتْ ** بَيْـنَ الجَوَانِـحِ دَامِيَـاتِ كُـلُـومِ

فَلَرُبَّمَـا سَـرَّتْ بمَرْأًى رَائِــقٍ ** عَيْنِى أوَانَ مَـسَـرَّةٍ ونَعِـيـمِ

ولَكَمْ سَحَبْتُ بِرَبْعِهَا بُـرْدَ الصِّبَـا ** وشَرِبْتُ عَـذْبَ رَحِيقِهِ المَخْتُـومِ

ولَكَمْ عَمَدتُ إلَى المَلَاعِـبِ مَائِسًـا ** كَالْغُصْـنِ عَطَّفَـهُ هُبُـوبُ نَسِيـمِ

ولَكَمْ رَشَفْتُ مِنَ الشِّفَاهِ برَبْعِهَا ** عَـذْبَ الـزُّلَالِ بعَاتِقِ الخُرْطُـومِ 

قَدْ خُنْتُ عَهْدَ عُهُودِهَا إنْ لَمْ أقِـفْ **حَيْرَانَ يَلْتَهِـبُ الأَسَـى بحَزِيـمِى

بَلْ لَمْ أَقُمْ بِحُقُوقِهَـا إنْ لَمْ  أَقُـمْ ** مُنْهَلَّ جَفْنٍ بالدُّمُـوعِ جَـمُومِ

لَا زَالَ يَعْهَدُهَـا السِّمَاكُ مَعَاهِـدًا ** بِأَجَشَّ مُنْبَجِسِ الصَّبِيـرِ هَزِيـمِ

مُرْخَى الجَوَانِبِ ذِى رَوَايَا  حُفَّـلٍ ** تَمْـرِى قَوَادِمَهَا الجَنَائِـبُ شِيـمِ

لَمَّا رَأَتْ دِمَنَ الصَّبَابَةِ والهَوَى ** سَفَّهْنَ حِلْمِى واسْتَبَحْـنَ حَرِيمِى 

هَبَّتْ تَلُومُ ومَـنْ يَلُمْ مُتَذَكِّرًا ** عَهْدَ الشَّبِيبَـةِ لَامَ غَيْرَ  مُلِيـمِ 

فَأَجَبْتُهَا: نَهْيُ المُحِـبِّ  كَأَمْرِهِ **فَدَعِى المَلَامَةَ فى الهَوَى أوْ لُومِى

مَا خِلْتُنِى أجِدُ السُّلُـوَّ ولَمْ تَـزَلْ ** ذِكَـرُ الْأَحِبَّـةِ تَسْتَثِيـرُ  هُمُومِى 

قَالَتْ وكُنْتُ مِنَ الضَّلَالَـةِ سَائِرًا ** فى ظِلِّ مُسْتَرْخِى السُّـدُولِ بَهِيـمِ

هَلَّا اهْتَدَيْتَ بنَجْـمِ شَيْبِكَ إذْ بَدَا ** فَكَـمِ اهْتَدَى ذُو حَيْـرَةٍ بنُجُـومِ 

أوَ مَا كَبِرْتَ عَنِ النَّسِيبِ ألَا تَـرَى ** عَنْهُ العُدُولَ إلَى امْتِدَاحِ كَرِيـمِ

بمَحاسِنٍ تُنْسِيكَ مَا لِلْبِيـضِ مِنْ ** وَجْهٍ أغَـرِّ الوَجْنَتَيْنِ وَسِيـمِ

هذِى مَحَاسِنُ مَـنْ غَدَا بصِفَاتِهِ ** مُسْتَوْجِـبَ الْإجْلَالِ والتَّعْظِـيـمِ

مَنْ بِالسِّيَادَةِ والمَحَامِدِ وَسْمُـهُ ** وَفْقَ اسْمِـهِ فَالْإِسْـمُ  كالْمَوْسُـومِ

نَالَتْ مِنَ الرُّتَبِ العَوَالِى كَفُّهُ ** مَا لَمْ تَكُـنْ لِتَنَالَ كَـفُّ أَرِيـمِ

ألْفَى المَكَارِمَ قَـدْ تَهَـدَّمَ رُكْنُهَا **فَأَقَـامَ سَاقِـطَ رُكْنِهَـا  المَهْدُومِ

خَلَقَ الْإلَهُ بَنَانَهُ لِلْبَحْثِ عَنْ ** صَعْبِ العُلُومِ وكَسْـبِ كُلِّ عَدِيمِ

ولِسَـانَـهُ لِلْكَـفِّ إلَّا  مُدْمِـنًا ** لِتَعُـلُّمٍ أوْ مُـدْمِـنَ التَّعْـلِـيـمِ

وجَنَانَهُ المَاضِى المُنِيرَ لِفَهْـمِ مَـا ** عَنْهُۥ قَدَ اَكْدَى فَهْمُ كُـلِّ فَهِيـمِ

وقَصَائِدٍ وَدَّ العَذَارَى جَعْلَهَـا ** حَلْيًا مَكَـانَ الُّلؤْلُـؤِ المَنْظُومِ 

يَا رَاكِبًـا يُدْنِيـهِ سَاحَـةَ بَابِـهِ ** تَقْرِيـبُ دَامِيَـةِ الْأَظَـلِّ رَسُــومِ

أَبْشِرْ فقَدْ يَمَّمْتَ مَـنْ مَـنْ يَنْحُـهُ ** يَظْفَرْ بِنَيْـلِ مُؤَمَّلٍ  ومَرُومِ 

إنْ سَائِلًا يَمَّمْـتَ بَحْـرَ مَوَاهِبٍ ** أوْ جَاهِـلًا يَمَّمْـتَ بَحْـرَ  عُلُومِ 

أوْ مُشْتَكٍ مِـنْ ذِى عَـدَاءٍ مَظْلِمًـا ** يَمَّمْـتَ رَفْعَ شِكَايَةِ  المَظْلُـومِ 

عَلِمَ المَعَـارِفَ والمَعَانِـيَ والمَعَـا   لِيَ مِـنْ أَبٍ نَبِـهٍ بِهِـنَّ عَلِيـمِ 

شَيْخٍ هَدَى مَنْ ضَلَّ عَنْ سَنَنِ الهُدَى ** حَتَّـى كَسَـا الْأنْـوَارَ كُـلَّ أَثِيـمِ

عَـمَّ الْأنَـامَ بهَـدْيِهِ وأَمَـدَّهُـمْ ** كُـلًّا بِفَيْـضٍ مِنْ نَـدَاهُ  عَمِيـمِ

وَرَدَتْ حِيَـاضَ نَوَالِـهِ وعُلُومِـهِ ** هِيمُ الوَرَى فَشَفَـى غَلِيـلَ الهِيـمِ

فِى كَفِّهِ رِزْقُ الْأنَـامِ فَكُلُّهُـمْ ** سَـاعٍ لِمَوْضِـعِ رِزْقِـهِ المَقْسُـومِ 

فَتَـرَى البُيُـوتَ أَمَامَـهُ مَمْلُـوءَةً ** مَا بَيْـنَ نَاوِى رِحْلَةٍ ومُقِيـمِ

كُلًّا بِنِسْبَـةِ مَـا يُحَـاوِلُ خَصَّـهُ ** مِنْ قُوتِ أفْئِـدَةٍ وقُوتِ  جُسُـومِ

لَمْ يَكْفِهِ المَيْرُ الكَثِيرُ لَدَى القِـرَى ** كَلَّا ورِسْـلُ الكُـومِ نَحْـرَ الكُـومِ

فَتَرَى بِسَاحَتِهِ الدِّمَاءَ وفَرْثَهَا **ولَقَـى العِظَـامِ جَدِيـدَةٍ ورَمِـيـمِ 

وتَرَى القُدُورَ رَوَاسِيًا وتَرَى الجِفَـا   نَ لَوَامِعًـا بِحَوَاضِـرِ المَطْـعُومِ 

مَـنْ قَاسَـهُ بالْأَكْرَمِيـنَ فَـإِنَّـهُ ** فِى الشَّـأْوِ قَـاسَ مُجَلِّيًا بِلَطِيـمِ

بَلْ قَاسَ مُلْتَطِـمَ البِحَارِ بِنُطْفَـةٍ ** والرَّوْضَ غَضًّـا نَاضِـرًا بهَشِيـمِ

حَدِّثْ ولَا حَرَجٌ عَنِ الشَّيْخِ الرِّضَـا ** أوْ دَعْ إذَا حَـدَّثْـتَ بالمَـعْـلُـومِ

يَـا حَبَّـذَا ذَاكَ الكَمَالُ وحَـبَّـذَا ** جُلَسَـاؤُهُ مِـنْ زَائِــرٍ وخَـدِيـمِ

ولَحَبَّـذَا تِلْكَ القَعِـيـدَةُ إنَّهَـا ** حَلِيَـتْ بِـدُّرٍ مِـنْ حُلَاهُ يَتِـيـمِ

نَالَتْ عَظِيمَ الحَـظِّ حِيـنَ تَعَلَّقَـتْ ** بِمَنَـالِ حَـظٍّ لَا يُـنَـالُ عَظِـيـمِ

قَدْ أُكْمِلَتْ خَلْقًـا وخُلْقًـا وانْتَمَـتْ ** لِأَرُومِ صِـدْقٍ فَـوْقَ كُـلِّ أَرُومِ

عُدِمَتْ نَظَائِرُهَا فَوَاجِـدُ مَـنْ لَهَـا ** شَبَـهٌ لَعَمْرُكَ وَاجِـدُ المَـعْـدُومِ

إنْ كُنْتُ قَدْ أَخَّرْتُهَـا ذِكْـرًا فَكَـمْ ** مِنْ آخِـرٍ فِـى رُتْبَـةِ  التَّقْدِيـمِ

يَا حَائِزَ الشَّرَفِ الصَّمِيمِ ومُنْتَهَى* أَمَـلِ المُرِيـدِ وحِيلَةَ  المَحْـرُومِ

حُزْ مَا ابْتَغَيْتَ مِنَ الكَمَالِ فأنتَ فِى ** زَمَنٍ بِمِثْلِكَ فِى الْأَنَامِ عَقِيـمِ 

لَا زِلْتَ بَاقِى الدَّهْرِ سَالِكَ مَهْيَـعٍ ** فِى إثْرِ وَالِدِكَ الكَرِيـمِ قَوِيـمِ

وبَقِيتُمَا زَمَنًـا فكُلٌّ مِنْكُمَا ** غَوْثُ المَضِيمِ وبُرْءُ كُلِّ سَقِيـمِ 

مِنِّى إلَيْكَ تَحِيَّـةٌ تَزْدَادُ مَا ** بَعَثَ التَّشَاجُرَ مَـنْ مَشَـى بِنَمِيـمِ

ونَفَـى إسَاءَتَـهُ بعُتْبَـى  مُعْتِـبٍ ** وعَلَا بِصَـوْنِ الحِلْـمِ كُـلَّ حَلِيـمِ

وعَلَى النَّبِيِّ مِـنَ الْإلَـهِ صَلَاتُـهُ ** وسَلَامُـهُ فِى البَـدْءِ  والتَّتْمِيـمِ.