انواكشوط, و م أ:
على منصة عالية بالساحة المقابلة للمتحف الوطني بقلب العاصمة انواكشوط وتحت أضواء المصابيح جلست فرقة مديحية تصدح عبر مكبرات الصوت بمدح خير البرية، محمد صلى الله عليه وسلم وتتغنى بشمائله الكريمة وسيرته العطرة، وإلى جانبها يجلس إسلم وهو يعزف على آلة الناي (النيفاره) وسط تصفيق وتحية الجماهير التي ملأت معظم أرجاء المكان.
ورغم الظروف الصحية الاستثنائية أبى جمهور انواكشوط إلا أن يكون شاهدا على اللحظة لحظة تطيب وتزهو بمدح خير الأنام ليعيد لساحة الفضاء الثقافي بهجتها ورونقها التي ألفها في المناسبات الرمضانية السابقة، بعد أن حرمته منها جائحة كوفيد-19 خلال السنة المنصرمة.
وسط هذا المناخ افتتح مركز ترانيم للفنون الشعبية الليلة البارحة نسخته الثامنة من مهرجان ليالي المديح بحضور فاعلين سياسيين من عمد ونواب وممثلين لعدد من هيئات المجتمع المدني وبعض قادة الرأي من إعلاميين ومدونين.
وقد دأب مركز ترانيم، وهو مؤسسة ثقافية مستقلة تهتم بإحياء الموروث الثقافي التقليدي الموريتاني، على تنظيم هذا المهرجان في رمضان من كل عام، منذ تأسيسه سنة 2014 من خلال جهود ذاتية من المركز مع بعض المساهمات الفردية من شخصيات وطنية، أو بعض التبرعات من جماهير المهرجان، حسب القائمين عليه.
وقد مثل المهرجان ـ رغم شح الموارد كما يقول أصحابه ـ منذ قيامه ملتقى ثقافي وروحي لمدينة نواكشوط ومتنفسا لساكنتها المثقلة بهموم الحياة اليومية، تمكن عبره مركز ترانيم من استقطاب جمهور عريض من ساكنة العاصمة ومن شخصيات وطنية سامقة.
هنا يؤكد رئيس المركز، السيد محمد عالي ولد بلال، أن الفرحة الليلة بهذا المهرجان مضاعفة وذات طعم خاص، إذ أنها جاءت بعد توقف عن الظهور العام الماضي، بسبب جائحة كورونا، إلى جانب الظروف الصعبة التي أحاطت بالنسخة هذا العام، والتي كادت أن تحول دون تنظيمها.
وأضاف في كلمة له بمناسبة افتتاح المهرجان، أنه لولا الجهود التي بذلها معالي الوزير الأول لما تم تنظيم المهرجان هذا العام، إضافة إلى الجهود التي قام بها أعضاء المركز، مثمنا تعاون وزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة والمدرسة الوطنية للعمل الاجتماعي، التي هي شريك رسمي في هذه النسخة، ومقدرا ما قدمته بعض الشخصيات الوطنية وبعض أنصار المهرجان من دعم ومساندة.
وقال رئيس المركز، إن هذه النسخة تم اختزالها في ثلاث ليال فقط، بسبب الظروف المادية للمهرجان، موضحا أن كل ليلة من هده الليالي ستشهد سهرة مديحية، وذلك عوضا عن خمس ليال التي تعود عليها رواد المهرجان في النسخ الماضية.
ووصف مهمة الحفاظ على الموروث الثقافي بأنها معركة وطنية، وبأن مهرجان ليالي المديح وسيلة فعالة ضمنها لصون وإيصال هذا الموروث إلى الأجيال اللاحقة، داعيا الجميع إلى المساهمة في إنجاح هذه النسخة واستمراريتها في المستقبل، من خلال التمويل والتوعية لصالح المهرجان.
هذا وقد حصد مركز ترانيم للفنون الشعبية، رغم حداثة نشأته، عدة جوائز محلية وخارجية.
تقرير/ محمد الأمين ولد سعيد