توفي اليوم الثلاثاء الجندي المصري أحمد إدريس، صاحب "الشفرة النوبية" في حرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973، التي حيَّرت آنذاك قادة إسرائيل، وكانت من العوامل التي ساعدت في النصر الذي حققه الجيش المصري.
وقال أحد أفراد أسرة الراحل للجزيرة نت إنه توفي عن عمر ناهز 84 عامًا، بعد معاناة مع مرض بالقلب لنحو شهرين، وكان يعالج خلالهما بالمستشفى العسكري بالإسكندرية، مشيرًا إلى أن أعمال الجنازة والدفن ستجرى في وقت لاحق مساء اليوم الثلاثاء بمقر إقامته الحالي.
وكان إدريس صاحب فكرة توظيف اللغة النوبية لتكون شفرة في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، التي مهدت لاسترداد مصر شبه جزيرة سيناء من الاحتلال الإسرائيلي؛ لذلك كانت حلا ناجزًا للجيش المصري في التغلب على أعمال التنصت اللاسلكي أثناء الحرب.
وتعدّ المراجع الأكاديمية اللغة النوبية من أقدم اللغات البشرية، وهي لغة شفهية بلا أبجدية موثقة، وأدى تاريخها الطويل إلى صعوبة وصول الباحثين إلى أصلها، فضلا عن حدوث كثير من التغييرات بها عبر الزمن، وهي تتكون من 24 حرفا، منها 4 صوتية خاصة بأهل النوبة، و17 حرفا ساكنا، و5 متحركة، وحرفان نصف متحركين.
ووفق تقارير محلية، فإن إدريس دخل الجيش المصري عام 1954 متطوعًا، وخاض معه حروب: 1956 المعروفة بالعدوان الثلاثي (شنته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) على قناة السويس، و1967 المعروفة في مصر بـ"النكسة"، وأخيرًا كان له الفضل في استحداث شفرة اللغة النوبية في حرب 1973، وجميعها حروب خاضتها بلاده ضد إسرائيل.
وعام 2017، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتقليد إدريس وسام "النجمة العسكرية"، تقديرًا لجهوده في حرب 1973، وآنذاك ذكر الجندي الراحل أن خطة الشفرة النوبية كانت من "الأسرار العسكرية" حتى جاء التكريم.
الشفرة
وفي عام 2017 خلال احتفالات مصر بذكرى حرب أكتوبر/تشرين الأول، روى إدريس في فيلم تسجيلي قصة شفرة الحرب، قائلا إنه اقترح أن تكون شفرة التواصل عبر التحدث باللهجة النوبية، لأنه ليست لها حروف ويتم التحدث بها.
آنذاك نقل رئيس الأركان المصري إلى الرئيس الراحل أنور السادات فكرة الجندي النوبي، فطلب مقابلته في سرية تامة، وهو ما تم في نحو ساعة ونصف الساعة، حسب ما ذكره إدريس.
وشرح الجندي الراحل للرئيس السادات كيفية الشفرة، موضحًا أن تتم الاستعانة بالجنود الذين تربوا في بلاد النوبة القديمة، وهو ما تم فعليًّا، إذ تم تجنيد 344 فردًا من النوبة في معسكرات صحراء سيناء، ممن تدربوا على قاموس سري، ككلمات "أسلانغي" التي تعني ثعبان باللغة النوبية، وتشير في الشفرة إلى العربة المجنزرة، وكلمة "أولوم" تعني تمساح، وتشير إلى الدبابة، وكلمة "أوشريا" تعني اضرب.
كان الهدف من الشفرة أن تتم تسمية محطات عسكرية بسيناء بأسماء نوبية، على أن يتواجد فرد نوبي مع كل رئيس عمليات وقائد لواء وكتائب وفصائل وغيرها، ليكون نقل التعليمات والأوامر العسكرية بالشفرة النوبية، حتى بدأ الهجوم المصري على القوات الإسرائيلية.
المصدر : الجزيرة