المحبوبي وعناز وشديفات في بيت الشعر بالشارقة

أربعاء, 03/02/2022 - 18:32

 

أقام بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة مساء الثلاثاء 1 من مارس 2022م أمسية شعرية شارك فيها كل من الشاعر محمد محبوبي من موريتانيا، وعمر عناز من العراق، وحسام شديفات من الأردن، بحضور الشاعر محمد البريكي مدير البيت وجمهور كبير من المهتمين، وقدمها الإعلامي محمد الجبوري.

 

افتتح القراءات الشعرية الشاعر حسام شديفات الذي جاء بتجلياته إلى المساء الثقيل بالأسئلة والقلق، ليحول طقسه الحزين فرحاً شعرياً راقصاً باللغة والخيال والجمال، ويجعل من الغربة طريقاً إلى قصيدة الفرح، ومن الهم حقلاً من الأنس، فقرأ نصوصاً ذاتية تحمل لغة عالية، ومن قراءاته الأولى قال:

يُبلّلُ الخُبزَ دمعاً دافئاً ودمَاً

وكِسرَةُ الجّوعِ صيفٌ لا تُبلِّلُهُ

 

ما أكذبَ الموتَ لا "لاءٌ" ولا نَعمٌ

حتّى انتهينا لقلبٍ ماتَ مُجمَلُهُ

 

بينَ الشّظايا وآمالٍ مُحطمةٍ

ولاتَ حينَ مجازاتٍ تُجمّلُهُ

 

للمُتعبينَ، تعالوا واحملوا شُعلاً

‏هذا الطريقُ طويلٌ من سيُكمِلُهُ؟ 

 

ليكمل طريقه مع القصيدة، مع فارس اليأس وسيد المواعيد إلى الضوء، يتأمل في لحظة تجلٍّ الكواكب والشمس في لحظة لا يملأ رتابتها سوى الشعر الذي يشاغل الضوء، ومما قرأ:

ما قالَهُ الشعراءُ قبلُ وجودِهِ 

"رجزٌ "وما قالوه بعد وفاتهِ 

 

وتفرّدَ الشعراءُ في أيّامهِ 

حتّى يكونُوا قطرَةً بدواتهِ 

 

ما الوحيُ إلا ما يجولُ بذهنهِ 

ما الشعرُ إلا نزعَةٌ في ذاتِه

 

لكمنجَةِ في الغيبِ أهدى سُلّماً

تتراقصُ الأحداثُ من نوتاتهِ

 

وكأنّهُ عمّانُ في قُفطانها 

فتُحِبّهُ الدُّنيا على علّاتِهِ

 

 

الشاعر محمد المحبوبي استهل قراءاته بنص يراقص ضحكة المواجد، ليشكل منها عناقيد ضياء يعلقها على جيد القصيدة بلغة رشيقة أنيقة على الرغم من تجلياتها الرمزية العميقة، ومن قصيدة "عندما تضحكين" قرأ:

حـدِّثـي لَيـلَـنـا المُـنيفَ عـن الرّوح.. 

وتـوْقِ الفُيـوض للنـدمــاءِ!

وانثري سحنة النجومِ

على أرجاء عُمْرٍ 

غصّت بنور الرجاءِ 

طـالَ عهـدي بمُقلتــيـكِ! 

فهـيّا نغسـل الحُـلْمَ 

فـي ضــفـاف الرُّواءِ 

نحـن وشيُ الـرؤى.. 

وأغنـيـةُ الوُرْقِ..

ونجـوَى الصـبـــاح للأنــداءِ..

وواصل سفره مع الحروف، فقرأ مجموعة من النصوص، وعلى خفيف الشعر أبحر طاووساً على مائه، يراقص موج اللغة بمشاعر تفيض عذوبة، وقال "حين يأسَ الحمام":

فـوقَ خدّيـكِ يرقصُ التدلـيـلُ.. 

وشـــذا الغـيْـبِ..  والزمـانُ الجــميـلُ..

ونـدى مِـن رُؤى البـــراءةِ.. 

والنــورُ الســمـاويُّ..  والغـــرامُ الرســـولُ

بِيَـدِي.. عن مَـآثـم الأرض! 

يا فانوسَةَ الروح حـيـن تبكـي الخيــولُ 

غـرّبوا النـار في الضفافِ!

ورُحــنـا نتـغـنّــى.. 

وحُــزنـنـا مَـعـســولُ..

 

الشاعر عمر عناز، طاف في تحليقه السماوي بمسافات الضوء، عابراً على سحب الخيال إلى مدن الأناقة والشعر الجميل، فقرأ مجموعة من النصوص التي عبرت عن الذات والإنسان وغربة الأوطان، وافتتح بأبياته التي تفرض حضورها في معظم إطلالاته للعراق بقوله:

مَنْ لَمْ يَذُقْ طَعْمَ العِراقِ فَمَالَهُ

               مِنْ قَهْوَةِ الأَحزانِ غَيْرُ الرَّائحَةْ      

 مَنْ لَمْ يَمُتْ مَوْتاً عِرَاقيّاً 

                  تُقَصِّرُ بِالنّواحِ على ثَرَاهُ النَّائحَةْ

 إنَّ العِراقَ حِكايةُ الجُرحِ الّذي

                  يَنمُو على رَملِ الأَماني المَالِحَةْ

 إنَّ العِراقَ هُوَ الحَضاراتُ، النَّخيلُ..

                                 الرَّافِدانِ، هُوَ الخُيُولُ الجَامِحَةْ

 

ليواصل عبوره إلى مدن الجمال بنصوص تتسلل إلى الذات وتنساب كالماء إلى الروح بلغتها الشفيفة ومواجدها الراقصة، ومن "حداء على مقام العراق" قرأ عناز:

لم أنتصر إلا لهذا الكرنفال من الرّؤى القَزَحيَّةِ الإلهامِ

وكما تَرَونَ،

             يَدايَ ناصعتانِ.. ناصعتان..

                    إلا من رَحيقِ سَلامِ

ما فيهما إلّا حقولُ قصائدٍ قد كنتُ أرويها بماءِ غَرامِ

ماءِ الفراتين الذي أُسقيُته وحياً عروبيّاً ..

                                              بغيرِ فِطامِ

لا كي أبلَّ صَداي، 

        أشربُه لينموَ في حقولِ دِمايَ شَوكُ خِصامِ

 

في ختام الفعالية كرم محمد البريكي المشاركين في الفعالية.