قصيدة: ألقِ عَصَاكَ! / المختار السالم

ثلاثاء, 10/22/2024 - 11:16

المختار السالم

 

 

ألْقِ عَصَاكَ الآنَ تلقف الذي

حلَّ بروح الأهْلِ من خَرَابْ

ألْقِ فما من رايَةٍ بيضَاءَ في

وجهِ الغُزاةِ لا ولا اضطرابْ

ألْقِ ولوّحْ بالعُلا، أنتَ العُلا،

وجوهرُ الخلودِ والعجَابْ

ألْقِ ولا تعبأْ بِذُلِّ الأهْلِ

إنَّ كَـثْرَةَ الـجَرَاحِ لا تعني الـمُصابْ

وكَـثْرَةَ الرّياح لا تَعني السّحَابْ

وكثرة القُشُورِ لا تعني اللُّباب.

ألقِ عَصَاكَ.. إنَّ في إلقائها فَصْلَ الخطابْ

فلا يَمُوتُ امرؤٌ ترفع الـمَنَايا مَـجْدَه

يا من أحبَّ الله اِنعَمْ بالثّوابْ

انعمْ بِحبّ النَّاسِ

بحبّ الأرضِ بالخُلودِ في أزهارها

من دمك الطّاهِر يُسْمَعُ صوت الـمَآذِنِ

ويكتبُ الجهادُ حجَّةً على الأعْرَابْ

فيا لـمَوتٍ في الحَياةِ قدْ أعَادَك

أيقُونةً تطُولُ في سَمَائِها القبابْ

أنشُودَةً خالدةً وقصّةً

تروى عن الأبطالِ في الأحقابْ

ألْقِ عَصَاكَ ألقها

لا تستَـغِثْ أعرابَ نَجْدٍ إنّك

إن تستَـغِثْهمْ أرسلوا لكَ الذُّبابْ

لا تستَـغِثْ أعرابَ مِصْر، مطلقاً،

ما بقيت النِّخْوَةُ في الأعْرَابْ.

فأهْلُ مِصْرَ للخِصيِّ أولَمُوا؛

أيؤخذُ الـخَصيّ للإنجابْ!!؟

ومِصْر لم يعدْ بها منْ ناصِرٍ

فالفَحْلُ فيها أصبح السّنجابْ

والـمُلْكُ فيها للدَّعِيِّ النَّذْلِ دونَ غَيْــرِهِ

والقولُ فيها للسَّفِيهِ والكَذّابْ

لا تستَـغِثْ عواصِماً رِجَالُها

يُـمَجِّدُونَ العِجْلَ والأنصابْ

إنَّ الملايين التي ترى على

باب الملاهي كلُّها دوابْ

دُمىً تسامُ الذلّ في مستنقعِ الظلامْ

لا تعرف الأحْلامْ

وليسَ فيها منْ يرى

فيُشعلُ عود الثُّـقابْ.

أَلْقِ عَصَاكَ.. أنتَ لا تَخشى من الكلامِ والصّمْتِ..

مُحَاصَرٌ في غزّةٍ بالطّائراتِ،

والرِّجَال الخـُدَّجِ "آل رغالٍ" أسوأ ما كان حُكّام العربْ

يُحَاصِرونَ أهْلَ غَزَّةٍ..

ليلاً.. نهاراً. شَمْألاً وجنوبا

شرقاً، وغرْبًا

يُحاصِرون من علٍ ومن تَحْتِ

بقيةً صابرةً من آل البيتِ.

مُحَاصَرٌ من كُلِّ جانبٍ...

مـُحَاصَرٌ من الذين زارهم الـموتُ بلا أسبابْ..

يا سيدي..

قد كانَ شِعْباً واحِدًا

واليوم أعْيَانا بِها عَدُّ الشِّعابْ

أنتَ الذي حُوصِرْتَ حَاصَرْتَ

وقلت قبل هذا اليوم لا تنتظروا قافلةً

إن القَوافِل التي تَرَوْنَها كلابْ

لولا دماؤك الزكِيةُ التي نَزَفْتَها

جفّتْ عروقنا، واختلطتْ نيّاتنا مع الغرابْ

أنتَ الـمَسارُ؛ والطّريقُ؛

والسّبيلُ؛ والهُدَى مُخضَوضِرٌ على يديكَ

مُرقئٌ بما نَــزَفْتَ من دَمٍ

ما أطيبَ الدّمَاءَ إنْ سالتْ لأجلِ الأرْضِ

أُصبحتْ بِها حقًّا مُصَاناً ودُعَاءً مستجابْ

أَلْقِ عصاكَ؛ ألقِها على الزقُّومِ

يَخْضَرُّ بِها الزَّيتُون،

تشرقُ الهِضابْ

وتُوشك التُّـرابُ بالنُّجُوم أن تُعَابْ.

ألْقِ عَصَاكَ.. ألْقِها

إنَّ عَصَاكَ اليومَ أصبحتْ منَ التّاريخ مثل الكُحْل في الأهدابْ

يا أيُّها السّنوار، أيَّها الصفيّ في الكتابْ.

كيف ارتقيتَ صاعداً بكُلّ هذا العنفوانِ؛

الكبرياءِ والرُّقيِّ والثَّبَاتِ والشُّمُوخِ دونَ أن تُصَابْ!!؟

يا أيُّها الشَّهم الفلسطينيّ يا أسطورةً

تكادُ لا تدركها الأعْصَابْ!!

الأمةُ تحبَّكَ في زَمَنٍ

قلَّ بهِ الأهْلُونَ والأحبابْ

بلغْ رسولنا سلامنا،

ولا تنس أبا بكْرٍ ولا بن الخَطَّابْ

بلّغْ تَحَايَانا لـ"نَصْرِ اللهِ" من لم يخذل القُدْسَ

دماؤه تحدَّثتْ بلا إطنابْ

وقلْ لـمنْ يستكثر الغثاءَ..

للباقينَ في الأرضِ زَرَعْتُ عُشبةَ اللُّبَابْ.

من يوم السّابع أكتوبر إلى يوم الحِسَابْ.