خطاب الشاعر أحمد ولد الوالد بمناسبة انتخابه رئيسا لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين

خميس, 11/13/2025 - 19:47

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم وبارك على النبي العربي الكريم، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

 {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}

أصحاب المعالي الوزراء

السيد والي ولاية نواكشوط الغربية

السادة رؤساء المجالس الجهوية للولايات

السادة النواب

السيد حاكم مقاطعة تفرغ زينة

السيد عمدة بلدية تفرغ زينه

السادة العمد

السيد رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين المؤسس

أصحاب السعادة أعضاء السلك الدبلوماسي

السادة القادة الأمنيون

السادة ضيوف المؤتمر

السيدات والسادة المؤتمرون

السادة الإعلاميون

السادة المفكرون والفنانون

جمهور الشعر والكتابة والأدب، أساطين الثقافة وسدنة الحرف وعشاق الكلمة، سفراء الكلمة والإبداع.

لا يسعني في هذا الموقف إلا أن أسدي - باسمكم جميعاً - جزيل الشكر ووافر الامتنان للرئيس العلامة الشيخ الخليل النحوي، وللمكتب التنفيذي الذي عمل معه، على ما قدمه للاتحاد وأعضائه منذ توليه رئاسته، فـرغم صعوبة الظرف الذي تسلم فيه مهمته النبيلة رئيساً للاتحاد، فإنه سار به بتؤدة وحكمة كشأنه ودأبه، وقاد سفينته إلى بر الأمان، فخلق جواً ملائماً لروح الفريق الواحد المثابر، وساد الهدوء والطمأنينة، وتحركت عجلة النشر، واستوعب شاي الأربعاء رواد الكلمة من داخل وخارج الاتحاد، وأُقيم في بلادنا مؤتمر للأدب العربي ومنتدى أعراس الكلمات.

ويسعدني ويشرفني أن أكون خامس أربعة خدموا الاتحاد خلال عقود  خمسة خلت، وللخمس ما للخمس من أسرار! 
هي عقود حَرَصْتُم على وحدة الصف فيها وذدتم عن الأرض فيها بأقلامكم، وأوجدتم صروحاً من المجد يا خالدين، فشكراً لكل الأيادي التي أسدت والعقول التي أنارت والأفهام أبدعت.

وفي مقام الوفاء هذا، نتضرع إلى الله أن يتغمد برحمته  أرواح الأدباء الغابرين الذين أسهموا في بناء هذا الصرح الثقافي الوطني الشامخ، من  مؤسسين و رواد ومنتسبين، خطّوا كلٌ من موقعه بحبر الإخلاص أولى صفحات مسيرة الاتحاد

أيتها السيدات أيها السادة المؤتمرون

أقف بينكم اليوم، خادماً مبايعاً على عتبة تاريخ جديد، وقد تجلت إرادتكم كضوء البوصلة في ليل الرهان، لتؤكدوا أن هذا الاتحاد ليس مجرد هيكل إداري، بل قلبا نابضا بذاكرة أمة تعلم العالم كيف ينسج المجد من رمال الصحراء ومداد  المحابر، أمة اتخذت من ظهور العيس مدرسة.. فيها تبين دين الله تبيانا.

أيها الإخوة والأخوات، انطلاقا من إيماننا الذي لا يتزعزع بقدسية الكلمة ودورها في تهذيب النفوس وتعديل السلوك وخلق الوعي القومي بقضايا الوطن والأمة، وإبرازاً للمكانة التي يحتلها الشعر والأدب في وجدان شعبنا، وحرصاً على أن يبقى اتحادنا منارة سامية في:

- تجسيدِ الوحدة الوطنية، كنهر ثقافي واحد جار  تصبُّ فيه كل روافد إبداعنا المتنوعة، وينصهر فيه تنوعنا الثقافي في بوتقة الهوية الشنقيطية الجامعة، فـ"أدبنا أقمناه مقام الوالد" يجمعنا حين يفرقنا النسب والعرق والجهة.

- تحصينِ شبابِنا ضد الغلو والتطرف، فالقلم الحصيف هو السد المنيع أمام طوفان الظلام.

- تمثيلِ الثقافة الموريتانية عالميًا بما يليق بتاريخها الوضاء الممتد من أعماق إفريقيا إلى جبال البرانس شمال الجزيرة الإيبيرية.

لهذهِ الأسبابْ، وبتوفيق من الله، واعتماداً على إجماعكم الفكري والأدبي، أتحمل اليوم مسؤوليةَ خدمة الاتحاد بكم، ومعكم، ولكم.

أيتها السيدات أيها السادة، لقد عزز إيماننا بهذا الطريق، ما تنعم به بلادنا من انفتاح وشفافية، وما لمسناه من فهم عميق لرسالة الأدب وتقدير لدوره المحوري في التنمية المتوازنة، جسده فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد بن الشيخ الغزواني، بالدعم السخي الذي حظي به الاتحاد، وإن هذه الرعاية تؤكد أن الدولة ترى في الأديب مهندس الوعي وموجه العقول ونبراس الأفهام ومنير الطريق نحو غد مشرق.

ولقد تجسد هذا الدعم في برنامج حكومة معالي الوزير الأول السيد المختار ولد أجاي، وكان قطاع الثقافة بقيادة معالي الوزير السيد الحسين ولد مدو، خير مؤتمن على تنفيذ كل ما يتعلق بالثقافة و الأدب والأدباء والكتاب وغيرهم من فسيفساء الثقافة، والأرقام في هذا المجال أبلغ من الخطباء.

أيتها السيدات أيها السادة، إنني أحمل وزملائي في المكتب التنفيذي المنتخب مشروعاً متكاملاً للنهوض بالأدب الموريتاني بكامل فسيفسائه الجميلة، مشروعاً جامعاً مانعاً، يرتكز على أربعة محاور كبرى:

■ الاستثمارُ الثقافي: تحويل الإبداع إلى طاقة اقتصادية، وجعل المنتج الأدبي موردًا ورافدًا للتنمية لا عبئًا عليها.

■ مواصلةُ الإشعاع الثقافي الخارجي: من خلال ترجمة الأعمال وإقامة المعارض والمهرجانات والندوات التي تبرز وجه موريتانيا الثقافي المشرق، وتحويل تراثنا إلى مادة عالمية قابلة للتداول والاحتفاء.

■ الاعتبارُ الماديُّ والمعنوي للأديب: عبر تحسين وضعه الاجتماعي، وتوفير الحماية القانونية والرعاية المستحقة لرموز الفكر (كما أسلف هذا النظام أياد بيضاء كريمة في رعاية رموز الأدب). وفي هذا السياق، يسعدني أن أعلن عن إطلاق "جائزة الاتحاد للإبداع الأدبي" باسم الاتحاد، لتكون منارة تقدير سنوية للمتميزين من فرسان الكلمة.

■ العملُ على نشر الموسوعة الكبرى للأدب الموريتاني: وهو مشروع علمي يوثق التراث الأدبي منذ التأسيس إلى العصر الرقمي، وسنعمل عليه إن شاء الله.

أيتها لسيدات أيها السادة، إننا نضع نصب أعيننا أهدافاً استراتيجية للاتحاد، ومن مرتكزاتها:

- تأصيلُ النص الإبداعي الوطني وربطه بالفضاءات العربية والإفريقية والعالمية؛

- مواكبةُ الواقع الثقافي الوطني والتعبير عن طموحات الإنسان الموريتاني؛

- تعزيزُ الصِّلات الأدبية بين الاتحاد والهيئات العربية والإفريقية والعالمية؛

- إصدارُ المطبوعات والنشرات الأدبية والفكرية؛

- الدفاعُ عن حقوق الأدباء والمبدعين؛

- تنظيمُ المهرجانات والمسابقات والندوات والمحاضرات؛

- المساهمةُ في تثبيت الهوية العربية الإفريقية الإسلامية؛

- دعمُ الطاقات الشابة وتنمية مواهبها؛

- التعريفُ بالأدباء الموريتانيين وإبداعاتهم داخل الوطن وخارجه.

إن ما عبرتم لي عنه وتعبرون لي عنه دائماً من دعم ومؤازرة — كتابياً وشفوياً، فرادى وجماعات، على مستوى كافة فعاليات الاتحاد وشخصياته المرجعية — هو ما جعلني أثق في استعدادكم واستجابتكم لكل ما من شأنه ترقية الاتحاد، وتطوير الأدب، وصيانة تراثنا الثقافي المتنوع، وأتحمل هذه المسؤولية الثقيلة والأمانة التاريخية.

وعاش اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين رأس مال معنوي لهذا البلد وواجهة وطنية جامعة مانعة.. ولنتذكر عهدنا:  

إن يفترق ماء الوصال فماؤنا @ عذب تحدر من غمام واحد

 أو يختلف نسبٌ يؤلف بيننا @  أدب أقمناه مقام الوالد.

وشكرا جزيلا شموس القوافي وشكرا لكل البدور.. لكل الأيادي التي ساهمت.. لكل لسان تغنى بأمجادنا..
هنيئا بهذا التجلي البديع لألوانِنا 
ونحن نعيش احتفالات عيد التحرر والانعتاق.
 وذكرى انقشاع الظلام
هنيئاً لكم ما تعيش البلاد 
بعيد التحرر والانعتاق.. بجو التفاهم والانسجام.. بجو الحوار وجو النماء وجو السلام.

أشكركم جميعا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.